السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تأثير العقوبات على روسيا

2 أغسطس 2014 23:30
في سياق الجهود الغربية الرامية لفرض عقوبات مالية مؤثرة على الشركات ذات العلاقة الوثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يمكن القول إن الشركات الخاصة البريئة ستكون في مقدمة الضحايا الأكثر تعرضاً للضرر. ويمكن لنظام بوتين أن يتعايش مع الحظر الأميركي والأوروبي المفروض على الصادرات التكنولوجية ذات الاستخدام المشترك. وهناك طبعاً بعض الشركات التي ينتظر أن تفقد فرص عملها في روسيا بسبب العقوبات مثل شركة PBSالتشيكية المتخصصة في صناعة معدات وتجهيزات الطيران. وقد أطلق «ديمتري روجزين»، نائب رئيس الوزراء الروسي لشؤون الصناعات العسكرية، وعداً بأن تقوم روسيا ذاتها ببناء حاملة طائرات هليكوبتر إذا تقاعست فرنسا عن تسليمها الحاملة الثانية المتفق عليها، والتي يتم بناؤها وفقاً لعقد مبرم بين البلدين. كما يمكن لصناعة النفط والغاز الروسية أيضاً أن تواصل عملها على رغم الحظر الأميركي والأوروبي على تصدير المعدات التكنولوجية الخاصة باستخراج النفط، في وقت تنهمك فيه شركات النفط الروسية في إقامة فروع لها في آسيا. وطالما أنه لم يتم فرض حظر على بيع النفط والغاز الروسيين، فستتوفر الأموال اللازمة للاستغناء عن المموِّنين التكنولوجيين التقليديين واستبدالهم بممونين جدد. أما فيما يتعلق بالعقوبات المالية، فمن المتوقع أن تصيب روسيا بضرر كبير، لأنها تحتاج إلى التمويل لتعزيز منظومتها الدفاعية العسكرية وتقوية صناعة إنتاج الطاقة. وقد فرضت الولايات المتحدة بالفعل حظراً على التعامل مع شركات روسية كبرى تابعة للدولة بما في ذلك شركة «روسنيفت» البترولية العملاقة، وثلاثة بنوك، ومنعتها من اقتراض الأموال في الولايات المتحدة لمدة تتعدى 90 يوماً. وتحضر أوروبا بدورها هي أيضاً لفرض إجراءات عقابية مماثلة. ويبدو أن حزمة العقوبات المالية ضد روسيا مصممة بعناية ودقة. فقد توصلت مجموعة من معدّي التقارير الاقتصادية في موقع «بلومبيرج نيوز» بالحساب، إلى أن الشركات الروسية طرحت ما مجموعه 165 مليار دولار من قروض السندات معظمها بعملتي الدولار و«اليورو» في أوروبا، وأكثر من 100 مليار دولار كقروض خارجية. وشركة «غازبروم» الحكومية التي تحتكر صناعة الغاز الطبيعي، مدينة بمعظم قيمة السندات المطروحة في الدول الغربية أو ما قيمته 28 مليار دولار. وهناك أيضاً قروض سندات مكتتبة كذلك لشركة «غازبروم» النفطية العملاقة. وتضم مجموعة «غازبروم» الشركات العشر الأكثر اقتراضاً للأموال في روسيا. كما أن كافة البنوك الحكومية الروسية تشتهر بأنها من أكبر مؤسسات الاقتراض أيضاً. وهناك 10 من أكثر البنوك الروسية إصداراً لسندات الاقتراض، منها 8 بنوك مدرجة في قائمة العقوبات، وهي مدينة بنحو ثلثي القيمة الإجمالية للسندات الروسية المطروحة بالعملات الغربية. وربما لا ترغب شركتا «غازبروم» و«روسنيفت» أن تقع في مشاكل تمويل في المستقبل المنظور على أقل تقدير. فهما تمتلكان 21,6 مليار دولار و20,1 مليار دولار على التوالي كأموال سائلة. وتمتلك روسيا 472,5 مليار دولار من مخزون العملات الصعبة وهو ما يساوي أكثر من ضعف القيمة الإجمالية للديون الخارجية للشركات المملوكة للدولة. وهذا ما دفع البنك المركزي الروسي إلى طمأنة البنوك المسجلة في قوائم العقوبات بأنه سيدعمها بالأموال السائلة عند الحاجة. أما الشركات الروسية الخاصة، فستواجه صعوبات أكثر قسوة بسبب العقوبات. فقد أصبح المستثمرون والمقرضون الغربيون أكثر حذراً في تمويلها لأسباب تبدو الآن جلية. ومنها ضخامة القروض التي أثقلت بها كبريات الشركات الروسية نفسها قبل الأزمة الراهنة. ومن ذلك أن الديون الخارجية على شركة «أورالكالي» المنتجة للبوتاسيوم بلغت 5,4 مليار دولار، وكذلك شركة «ألمنيوم روسيا» 2,35 مليار دولار، وشركة استغلال المناجم العملاقة «نوريلسك نيكل» أكثر من ملياريْ دولار. وتبلغ ديون الشركة البترولية الروسية العملاقة الخاصة «لوكأويل» 8 مليارات دولار كسندات مطروحة بالعملات الغربية. ونقولها بكل وضوح، إن هذه الشركات لا تستحق أن تُلام على سياسة بوتين في أوكرانيا، ولا أن تتحمل جريرة مغامراته على رغم أنها ساهمت في ذلك بشكل غير مباشر عندما كانت تدفع الضرائب للدولة. وقد توجّب على العشرات من الشركات الروسية الكبرى والصغرى أن تشهد الآن جفافاً في ينابيع التمويل لسبب وحيد هو أنها تعمل في روسيا. ومن الناحية النظرية، فسيجبر هذا الوضع المقلق أصحاب الشركات الكبرى الذين يكتنزون المليارات على العمل الجاد للضغط على بوتين حتى يوقف لعبته ضد أوكرانيا. وقد نشرت مجلة «دير شبيجل» الألمانية واسعة الاطلاع تقريراً يقول إن وكالة المخابرات الألمانية تعتقد بأن هذا هو ما سيحدث في الأيام المقبلة. ونقلت المجلة عن رئيس الوكالة «جيرهارد شنايدلير» قوله: «لقد بدأت التصدعات والشقوق تتشكل وتظهر في صلب التركيبة السياسية لسلطة بوتين». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس» محلل سياسي مقيم في موسكو
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©