الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مأساة غزة.. لا حل إلا برفع الحصار

مأساة غزة.. لا حل إلا برفع الحصار
2 أغسطس 2014 23:29
يبدو أننا سنشهد المزيد من الرعب والخوف الذي يفطر القلوب فوق «الأرض المقدسة» كل يوم. فقد راح ضحية الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة أكثر من 1000 إنسان، ورأينا كيف تطايرت أشلاء أطفال غزة في الهواء على الشاطئ، ولم ينجُ أيضاً من النيران ملجأ خاص ببعثة الأمم المتحدة. وقد عاش أكثر من ثلثي سكان إسرائيل أيضاً أياماً من الخوف من الصواريخ التي تطلقها «حماس» بلا حساب. ولكن، مع تنفيذ الاتفاق على وقف لإطلاق النار لمدة 72 ساعة، اتضح لي أن معظم الغزاويين غير «الحمساويين» باتوا مقتنعين بأن ما تفعله إسرائيل هو شيء عدواني، غير مبرر، بشكل لا يطاق. والمدنيون الفلسطينيون الذين يقع عليهم العدوان ليسوا من مطلقي الصواريخ، ولا من المقاتلين. وخلال الأيام القليلة الماضية، عاشوا في جو من الرعب وهم يشهدون أوقاتاً وأحداثاً مروّعة. وأحوالهم اليوم أسوأ مما كانت عليه من قبل، حيث يُحرم الغزاويون من العمل والحرية والحق في الحياة الآمنة. وهذا من دون شك لا يُعدّ مستقبلاً مشرقاً أبداً. ويطالب الغزاويون اليوم بفرص طيبة للعمل وبالحرية والحياة الآمنة فوق أرضهم حتى يتمكنوا من الحركة والتنقل لكسب أرزاقهم. ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا بإنهاء الحصار الظالم المفروض على القطاع، وهو الأمر الذي يجب أخذه بعين الاعتبار عندما يتم الاتفاق على أي إطار جديد لوقف إطلاق النار لمدة أطول. ويستحق الإسرائيليون بدورهم أن يعيشوا حياتهم وهم بمنأى عن الخوف من الضربات الصاروخية ونيران الأسلحة الأخرى. لقد سافرت إلى غزة ثلاث مرات منذ عام 2009 وزرت المستشفيات والمدارس. وخلال إحدى تلك الزيارات، كان لي حظ مقابلة سكوت أندرسون نائب مدير منظمة «الأونروا» التابعة للأمم المتحدة. وقال لي أندرسون، وهو أميركي يبلغ من العمر 21 عاماً: «ما لم يتم تحقيق تغير جوهري في أوضاع غزة، فسيبدو الأمر وكأنك تعيد ضبط الساعة من جديد على دورة جديدة من العنف». ولاشك أن من الواضح كل الوضوح أن الاستمرار في منع دخول وخروج البضائع والخدمات من وإلى غزة، سيقضي على كل الفرص المتاحة أمام شعب لا يطالب بأكثر من حقه الطبيعي في الحياة ومواصلة العيش والعمل والسفر. وقد لاحظت أن معظم الغزاويين لا يحبذون إطلاق الصواريخ على إسرائيل أو قتل الإسرائيليين. وفي حقيقة الأمر فإن الغالبية العظمى من سكان غزة هم من النساء والأطفال. وخلال زيارتي الأولى إلى المنطقة، كانت هذه الحقائق واضحة جليّة أمام ناظري، حيث يمكنك أن ترى الأطفال في كل مكان. وقد تحدثت هذا الأسبوع أيضاً مع يوسف موسى رئيس قسم العمليات في «الأونروا» بمدينة رفح، الذي وضح لي هذه الصورة عندما قال: «إن 50 في المئة من الغزاويين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، و70 في المئة منهم من النساء والأطفال. و80 في المئة من الغزاويين يعيشون تحت خط الفقر. وأقل القليل هم من المنتسبين لحركة حماس». والسؤال المهم الآن: كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يقدم المساعدة لهؤلاء الغزاويين الذين لا يطلقون الصواريخ على إسرائيل؟ يمكننا أن نفعل ذلك بكل بساطة من خلال السماح بالعبور الآمن للسلع والبضائع والخدمات إلى غزة، والسماح للغزاويين بتصدير بضائعهم وخدماتهم إلى الدول المجاورة. وعلينا أيضاً أن نضمن للغزاويين حرية الحركة والتنقل. ولو افترضنا الآن أنك مواطن من غزة وتريد السفر إلى الضفة الغربية، فإن في وسع الجيش الإسرائيلي أن يجبرك على العودة من حيث أتيت ومن دون أي سبب. ولو توافرت الفرصة للغزاويين لاستيراد المواد الغذائية والوقود والأدوية، فلن يكونوا بحاجة لتهريب هذه المواد عن طريق ما يسمى «تجارة الأنفاق» التي يسيطر عليها المتطرفون. ولابد أن يشارك اللاعبون السياسيون الدوليون المؤثرون في إيجاد إطار لعملية سياسية، من شأنها أن تضمن أمن إسرائيل إن وافقت على رفع الحصار عن غزة. ولا شك أن الحصار هو عدو التنمية الاقتصادية في القطاع. وقد زعمت إسرائيل أن الحصار قائم في الأساس في إطار تجفيف المصادر عن الإرهابيين. ولكنه أدى في حقيقة الأمر إلى استهداف أولئك المعتدلين الذين يبحثون عن حياة أفضل فيما لا يزال المتطرفون يمتلكون الصواريخ ويتلاعبون بها. وقبل الحصار، كانت الأمم المتحدة تؤمِّن المساعدات الغذائية لنحو 80 ألف غزاوي، وقد بات عليها الآن أن تؤمن تلك المساعدة لأكثر من 830 ألفاً. وهنالك من يرى أن الحصار المفروض على القطاع حقق نجاحاً لأنه أوقع «حماس» في أزمة مالية. وهذا التفسير لا يعدو كونه تفكيراً قصير النظر. فهو يتغافل عن الحقيقة الواقعية التي تشير إلى أن تحطيم اقتصاد غزة عن طريق الحصار يضعف القطاعين العام والخاص على حد سواء، ويشد من عضد المتطرفين و«مافيات» التهريب. لأن من المعروف أن الكبت والحرمان هما الوقود الذي يؤجج عادة نزعات التطرف، في حين أن التنمية الاقتصادية هي الدافع إلى تحقيق السلام طويل الأمد. والحل المتاح الذي يمكنه أن يحقق الخروج الآمن من هذه الأزمة يجب أن يضمن تقوية موقف الغزاويين العاديين وإضعاف المتطرفين الذين يستفيدون من معاناتهم. ومن واجب المجتمع الدولي الآن، وخاصة دول المنطقة، مساعدة الغزاويين على إعادة بناء بيوتهم ودكاكينهم المهدمة. ولكن. . من يمكنه أن يستثمر ما دام هناك احتمال قائم بأن تندلع الحرب من جديد كل سنتين؟ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©