الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«لندن 1948» تنفض غبار الدمار وتعيد الحياة إلى الرياضة

«لندن 1948» تنفض غبار الدمار وتعيد الحياة إلى الرياضة
11 يوليو 2012
اختيرت لندن لتنظيم النسخة الرابعة عشرة للأولمبياد عام 1948 وكانت تمثل الأمل والمقاومة في الوقت عينه خلال الحرب العالمية الثانية منذ نحو ثلاثة أعوام، ومثلت إعادة إحياء ما تهدم في الرياضة عموماً، علماً أن طوكيو كانت مقررة أن تستضيف دورة 1940 ثم انسحبت لهلسنكي على أن تنظم لندن دورة 1944. أقيمت الدورة من 29 يوليو إلى 14 أغسطس في لندن بمشاركة 4106 بينهم 385 لاعبة من 59 دولة تنافسوا على ميداليات 137 مسابقة ضمن ألعاب كرة السلة وكرة القدم والملاكمة والمصارعة والدراجات وكرة الماء والتجذيف والجمباز والفروسية وألعاب القوى والسباحة والغطس واليخوت والرماية والخماسية الحديثة ورفع الأثقال والمبارزة والهوكي على العشب. تأثيرات الحرب وإذا كانت دول عدة تأثرت بالحرب العالمية الثانية فغاب معظم أبطالها والذين شاركوا بدوا في مستوى ضعيف، فإن دولاً أخرى خاضت المنافسات الأولمبية للمرة الأولى وهي: لبنان وسوريا والعراق وبورما وجويانا البريطانية وفنزويلا وإيران وباكستان وبورتوريكو وترينيداد وسريلانكا (سيلان) وكوريا الجنوبية وجامايكا. وفي وقت اتحد العالم من جديد، غيبت تبعات الحرب ألمانيا واليابان عن الموعد الكبير، الذي استمرت الولايات المتحدة في صدارة ترتيب ميداليته، فحصدت في لندن 38 ذهبية و27 فضية و19 برونزية، بفارق كبير عن السويد (17 - 11 - 16) وفرنسا (11 - 6 - 13). وللمرة الأولى خطفت المرأة أضواء النجومية من الرجال، وانتزعت الهولندية فاني بلانكيرز كون (32 عاماً وأم لثلاثة أولاد) أربع ذهبيات في 100 م و200 م والتتابع 4 مرات 100 م و80 م حواجز. وفاز التشيكوسلوفاكي اميل زاتوبيك بذهبية 10 آلاف م، معلناً بدء “عصره” وباتت مواطنته بطلة الجمباز ماكسي بروفانيزكوفا أول رياضية أولمبية شرقية تفر إلى الغرب، وتميز الفنلندي فيكو هوهتانن في الجمباز فحصد ثلاث ذهبيات وفضية وبرونزية. 5 ميداليات لمصر وجمعت مصر خمس ميداليات في آخر إنجاز كبير لها، إذ فاز إبراهيم شمس في ذهبية رفع الأثقال للوزن الخفيف، ومحمود فياض بذهبية الريشة، وعطية حمودة في فضية الخفيف، ومحمود حسن في فضية المصارعة اليونانية الرومانية لوزن الديك، وإبراهيم عرابي ببرونزية وزن الخفيف الثقيل. جرى افتتاح ألعاب لندن في ستاد ويمبلي الشهير، وأعلنه الملك جورج السادس، الذي تسمر واقفاً على مدى ساعتين محيياً الوفود المشاركة في طابور العرض وكان محاطاً بالعائلة المالكة ومن ضمنها الملكة الحالية اليزابيت الثانية، وواظب على حضور غالبية المسابقات كونه كان يعشق الرياضة ومنافساتها. جهود كبيرة وقام الإنجليز بمجهود كبير لإنجاح الألعاب، على رغم البؤس المنتشر عقب الحرب، ويقول الصحفي جيمس كوت من “دايلي تلجراف”، وكان يومها فتى صغيراً “كانت الألعاب بالنسبة للشعب احتفالاً غير مسبوق ليس على الصعيد الرياضي فحسب بل على صعيد الحياة اليومية لأنها الأولى من نوعها بعد الحرب، فهو يعيش أوضاعاً صعبة ولا يمكن ان يكفي حاجاته اليومية من اللحوم والسكر، والفواكه شبه مفقودة في مدينة مدمرة لا توجد فيها فنادق، لذا عمد بعض الوفود إلى إحضار طعامه معه. أجواء دراماتيكية ومن جديد خيمت الأجواء الدراماتيكية على مجريات الماراثون، إذ كان العداء البلجيكي اتيان جايلي أول الواصلين إلى ستاد ويمبلي متصدراً المشاركين، وكانت أمامه لفة واحدة حول المضمار لبلوغ خط النهاية، بيد انه كان منهكاً ومشى مترنحاً على رغم تشجيع الجمهور، ولم يقو الحكام على مساعدته تفادياً للحادث الذي حصل عام 1908 في لندن أيضاً مع الإيطالي دوراندوبييري، ولحق الأرجنتيني ديلفو كابريرا والبريطاني توماس ريتشارد بجايلي وتجاوزاه بالغين خط النهاية، بينما اكتفى هو بالمركز الثالث. وعانى المشاركون في سباق 50 كلم مشياً والدراجات 200 كلم على الطريق الكثير من سوء الأحوال الجوية، وطار الفوز بذهبية المشي من يدي السويسري جاستون جوديل، الذي ظن لدى دخوله الاستاد انه أدرك خط النهاية وراح يحيي الجمهور، ولما نبهه الحكام ان عليه السير لفة إضافية، كان السويدي جون ليوجرين قد تجاوزه، اما في الدراجات فخاض المعاناة مئة متسابق، وتمكن الفرنسي جوزيه بيار من “ النجاة” في نهايته. حضور أميركي ولفت الأنظار في لندن الحضور الأميركي الذي تميز مرة جديدة، وتمكن السباح والتر ريز من إحراز ذهبية 100 متر حرة (57 : 3 ث)، وحققت وليام سميث رقماً أولمبياً في 400 م حرة (4 : 41 د)، وبرز مالفن وايفيلد في جري 800 م وأحرز الذهبية مسجلاً زمناً مقداره 1 :49 : 2 د. اما المسابقة العشارية فعاد ذهبها للأميركي بوب ماتياس، وحل ثانياً الفرنسي انياس هنريش، الذي جند إجبارياً في الجيش الألماني خلال الحرب كونه من الالزاس، فعاش الجحيم على الجبهة الشرقية، وأسر مع مجموعة من الفرنسيين من قبل الروس، “واعتبرونا متطوعين لمقاتلتهم لأننا من بروسيا الشرقية، فأساءوا معاملتنا”. نجم زاتوبيك يسطع وفي الدورات السابقة كانت سيادة المسافات المتوسطة والطويلة عموما للفنلنديين، غير أن الجندي التشيكوسلوفاكي زاتوبيك (27 عاماً) حضر ليسطر تاريخاً جديداً لألعاب القوى ومنافساتها الأولمبية، ومعه نجوم جدد سيفرضون إيقاعهم على الساحة. حضر إلى لندن الفرنسي ألن ميمون، شاب نحيف لا يلفت الأنظار، عامل مقهى فقير الذي كان يتدرب صباحاً قبل بدء دوام عمله الممتد حتى منتصف الليل، وهو العداء العصامي الذي لم يحظ بمساعدة أحد أو دعمه. اختير ميمون في صفوف المنتخب الفرنسي عن طريق “الصدفة” وقال “المرض أخر استعدادي، فلم أوفق في سباق 10 ألاف م في بطولة فرنسا، وفي الليلة ذاتها قررت خوض سباق 5 ألاف م، وجئت ثانياً من دون أي تخطيط مسبق، وفي لندن كانت الأنظار مصوبة على زاتوبيك، حتى أن مدلك البعثة الفرنسية رفض تمديد ساقي قبل سباق 10 ألاف م، لأن مهمته ببساطة محصورة بالأبطال”. حرارة شديدة كانت الحرارة شديدة خلال سباق 10 ألاف م وكان هم ميمون تحقيق نتيجة جيدة لا أكثر “وجدت نفسي صامداً في مقابل تراجع كثر أو توقفهم وبينهم عدد من المرشحين، لم أصدق انني كنت في كوكبة المقدمة، ولمحت زاتوبيك يسرع الخطى ويتقدمني ثم يفوز وأنا خلفه، أمر عجيب”، لكن ما أذهل ميمون وأزعجه تعليق الصحافة الفرنسية في اليوم التالي وتساؤلها عن خلفية هذا “المغمور” الذي حل ثانياً “انه من أفريقيا الشمالية استفاد من الطقس الحار ليحقق هذه النتيجة”. وميمون من عائلة متواضعة، لكنه موهوب رياضياً منذ الصغر، كان قائد فريق لكرة القدم في سن العاشرة، وتفوق في سباقات الدراجات وهو في الخامسة عشرة على من هم في العشرين، لكنه كان يلعب الكرة حافي القدمين، وحذاء الرياضة الذي اشترته له والدته مخصص لذهابه إلى المدرسة، ومرة لما شاهده والده ينتعله ليلعب الكرة، كان نصيبه علقة ساخنة. حقق زاتوبيك مبتغاه الأول وصوب أنظاره نحو ذهبية سباق 5 ألاف م، لكن البلجيكي جاستون ريف كان له بالمرصاد، وأقيم السباق في 12 أغسطس، وعمد ريف إلى “الالتصاق” بزاتوبيك، وتجاوزه خلال اللفة الأخيرة، محققاً رقماً أولمبياً جديداً. وأصبح ريف أول بلجيكي يحصد ذهبية اولمبية في ألعاب القوى، وحمل أحد شوارع مدينته برن هالن اسمه، كما أطلق على ملعبها.
المصدر: نيقوسيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©