الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الليبية... لماذا فاز «الليبرليون»؟

الانتخابات الليبية... لماذا فاز «الليبرليون»؟
11 يوليو 2012
نظمت ليبيا، التي شهدت أعنف ثورات العالم العربي العام الماضي، انتخابات وطنية سلمية إلى حد كبير خلال عطلة نهاية الأسبوع، في وقت يبدو فيه أن النصر سيكون ربما من نصيب تحالف جذب مجموعة واسعة من الآراء الإيديولوجية وتقوده واحدة من الشخصيات الرئيسية في الحرب التي خلعت الرجل القوي معمر القذافي الذي حكم ليبيا لوقت طويل. فعملية الفرز الأولية للأصوات تشير إلى نصر كاسح لتحالف القوى الوطنية، بقيادة رئيس وزراء المجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل، وهو متخصص في العلوم السياسية درس في الغرب. ويُنظر إلى التحالف، وهو عبارة عن ائتلاف يضم نحو 60 حزباً سياسياً و200 منظمة مجتمع مدني، على أنه أكثر تقدمية نوعاً ما من منافسيه الإسلاميين الرئيسيين. ومن هذه الناحية، فإن الانتخابات الليبية انتهت على نحو مختلف مقارنة مع الانتخابات التي جرت في تونس، وحصل فيها "حزب إسلامي معتدل"، على أغلبية الأصوات في البرلمان، وفي مصر، حيث اختار الناخبون مرشح "الإخوان المسلمين" في جولة إعادة ضد مرشح يرتبط في أذهان الكثيرين بالقيادة العلمانية المخلوعة لذلك البلد. وفي هذا الإطار، يقول "شادي حميد"، مدير البحث بمركز بروكينجز في الدوحة: "هناك بعض الاختلافات الرئيسية بين ليبيا وجارتيها"، مضيفاً "فمصر وتونس تميزتا بمستويات مرتفعة من الاستقطاب وفق خطوط إسلامية- ليبرالية. أما ليبيا، فقد افتقرت إلى هذه الدينامية. وهذا ساعد على تحييد موضوع الإسلام، ولذلك، لم يستطع حزب العدالة والبناء (التابع للإخوان المسلمين) تمييز نفسه عن المنافسة بنفس السهولة". نحو 1?8 مليون من أصل 2?8 مليون ناخب مسجل، بنسبة مشاركة تناهز 65 في المئة، أدلوا بأصواتهم في ليبيا من أجل انتخاب جمعية وطنية مؤقتة، في عملية تصويت وصفها أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون بأنها "شفافة ومنظمة على نحو جيد". وفي "جنزور"، فاز تحالف القوى الوطنية بنحو 26 ألف صوت، مقارنة مع الـ2000 التي حصل عليها حزب "العدالة والبناء" وفق النتائج الأولية. كما ظهرت أرقام مماثلة في زليتن، الواقعة شرق العاصمة طرابلس. وفي هذا الإطار، يقول "فريديريك ويهري"، زميل مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، التي يوجد مقرها في واشنطن، إن تحالف القوى الوطنية من المحتمل أن يكون بمثابة "جسر بين ليبيا القديمة وليبيا الجديدة". وإلى جانب إقامة شبكة إيديولوجية واسعة، فإن تحالف القوى الوطنية استفاد من عوامل قبلية أيضاً. ذلك أن جبريل هو عضو "ورفلة"، التي تعتبر أكبر قبيلة في البلاد، ونتيجة لذلك، استطاع تحالف القوى الوطنية الفوز في قطاعات واسعة من البلاد كان يعتقد أنها معاقل للنظام القديم، مثل بني الوليد". كما يرى مراقبون آخرون أن النصر المرجح كان أيضاً نتيجة شعور بالحذرمن تغذيه أمثلة من الخارج. وفي هذا السياق، تقول "نجلا داغمان"، وهي ناشطة من المجتمع المدني: "بعد مصر وتونس، لم يثق الكثير من الليبيين في الإخوان المسلمين"، مضيفة "الكثير من الناس صوتوا لصالح تحالف القوى الوطنية لأنهم لم يرغبوا في فوز حزب العدالة والبناء. فنحن لا نعرف من هم أو من يمولهم". لكن من غير الواضح ما إن كانت مقاربة حكومة الخيمة الكبيرة ستنجح على المدى الطويل في بلد مازالت فيه مشاعر الاستياء تغلي ومازال نظام عدالة ناجح مجرد حلم، بعد حرب خاضتها ميليشيات مختلفة ذات آراء وخلفيات قبلية متنافسة توحدت جميعاً ضد عدو مشترك هو القذافي. ففي مصراتة، التي كانت ساحة لمعارك شرسة العام الماضي بين أنصار القذافي ومعارضي الحكومة، مازالت المباني مفحمة، ورسوم "الجرافيتي" تغطي الجدران، مشيرة إلى مشاعر الكراهية بين مصراتة ومدينة تاورغا المجاورة، التي تعرضت للقصف والنهب على أيدي كتائب مصراتة التي تسعى للانتقام، وذلك بعد أن تم استعمال "تاورغا" من قبل القذافي لشن الحصار الوحشي على مصراتة العام الماضي. ويقول "ويهري" في هذا الصدد إن جبريل، الذي عمل مرة لحساب القذافي، و"تحالف القوى الوطنية" مازالا ممقوتين في مصراتة، التي تمتلك قوة كبيرة من حيث كتائبها وأخذت تتصرف منذ بعض الوقت كمدينة- دولة مستقلة". ولكن وعلى الرغم من أن "جبريل" مُنع من الترشح للجمعية الوطنية، فإنه يتوقع أن يتم اختياره كرئيس وزراء ليبيا الجديد. وفي "جنزور"، يقيم السكان المنحدرون من "تاورغا" اليوم في مخيمات للنازحين، وكثيراً ما يتعرضون للاختطافات والتعذيب. ومن بين المشاكل التي تواجه حكومة جديدة إيجاد وسيلة لإجراء محاكمات عادلة لآلاف المعتقلين. ففي سجون ليبيا المكتظة، يستلقي المسجونون على الأرض، ويقرأون القرآن، ويدخنون السجائر؛ والعديد منهم هم مواطنون لبلدان جنوب الصحراء متهمين بأنهم مرتزقة للقذافي. وفي مدينة سبها المغبرة الواقعة في الجنوب البعيد، مازالت تصدعات ليبيا القبلية القابلة للاشتعال بادية للعيان. فقبائل "التبو"، الذين مُنع الكثير منهم من التصويت، يعانون من التمييز ويشتبكون مع قبائل عربية منافسة، ما ترك مناطقهم الضعيفة والهشة -التي قام القذافي بتسويرها عازلاً سكانها عن الآخرين- تحمل ندوب معارك ضارية. ولعل بناء وتغذية جو ثقة هو أكبر تحد يواجه السلطات. فشرق البلاد، حيث تجد الدعوات إلى نظام فيدرالي صدى لها، يريد تطمينات بأنه لن يهمش في الجمعية الوطنية، وبأنه سيزود بخدمات كافية. وبشكل عام، هناك مخاوف من عودة لنظام الحكم الأوتوقراطي الذي كان يتبعه القذافي، مع ما ينطوي عليه ذلك من تداعيات خطيرة. يقول ويهري: "بعض مستعملي تويتر من مصراتة الذي أتابعهم يرون أن حكم جبريل سيكون "الجزء الثاني من حكم القذافي". جلِن جونسون طرابلس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©