الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... وبوادر الصراع بين الرئيس والجيش

11 يوليو 2012
يزداد صراع القوى الدائر بين الرئيس المصري الجديد محمد مرسي والمجلس العسكري غموضاً باستمرار، ما يترك العديد من المصريين محتارين حول أي منهما يدير البلاد، وما إذا كانت القوانين وأحكام المحاكم تُطبق فعلاً وسط الفوضى السياسية المستمرة في البلاد. والصراع مبعثه محاولة الرئيس الإسلامي المنتخب إضعاف قبضة الجيش العلماني على البلد الذي يسيطر عليه من ستة عقود. ومن الواضح أن مرسي مصمم على تدشين عهد الإسلام السياسي في الحكم، وهو ما يراه الجنرالات تهديداً لمكانة مصر الدولة، ومصالحهم هم الشخصية والاقتصادية. والمواجهة الأخيرة تتركز على البرلمان الذي يسيطر عليه الإسلاميون، والذي قامت المحكمة الدستورية العليا المتحالفة مع العسكريين بحله الشهر الماضي، بسبب مخالفات قانونية انتخابية. ففيما بدا أنه تحد جريء للجنرالات، دعا مرسي البرلمان المنحل للانعقاد مجدداً - وهو ما حدث أمس الثلاثاء- على الرغم من أن المجلس العسكري الذي كان قد انتزع لنفسه سلطة التشريع من خلال ما عرف بالإعلان الدستوري المكمل منذ عدة أسابيع، دعا مرسي للالتزام بالقرار الصادر عن المحكمة الدستورية العليا. السيناريو الحالي يؤشر على وجود أزمة عميقة كما يرى كثيرون. قد يكون الأمر كذلك بالفعل، ولكن وسط هذا الصراع السياسي، بدا مرسي ودياً وهو يجلس مع المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال حفل تخريج دفعة من الكلية الفنية العسكرية، بثت وقائعها على الهواء مباشرة على قنوات التلفزيون الرسمي يوم الاثنين الماضي. وبعد ساعات من ذلك الحفل أوردت وسائل الإعلام الخبرية نبأً مفاده أن قوات الأمن التي كانت تحرس مبنى البرلمان قد سمحت للنواب بدخول المبنى. وفي تصريح له قال عصام العريان عضو البرلمان المنحل ونائب رئيس "حزب الحرية والعدالة" سوف تعود المؤسسات المنتخبة للقيام بدورها الدستوري وسوف يعود الجيش لثكناته"، وأضاف العريان" ما هو الأفضل أن يعود البرلمان المنتخب لممارسة مهامه، أم أن يستمر المجلس العسكري في انتهاك سلطات لا تقع في نطاق اختصاصه؟". هذا التصريح يبدو مغالياً في جرأته، خصوصاً إذا عرفنا أن المحكمة الدستورية العليا قد صدر عنها بيان يوم الاثنين قالت فيه إن مرسي قد تخطى حدوده، وأن واجبها يحتم عليها العمل من أجل "منع أي عدوان " ضد الدستور، وأن الأحكام التي تتوصل إليها "نهائية وغير قابلة للطعن عليها، وملزمة لكافة مؤسسات وسلطات الدولة". وفي بيان لها بعد ذلك بقليل دعت جماعة "الإخوان المسلمين" لتنظيم اجتماع حاشد لدعم مرسي يوم أمس الثلاثاء. وألمح المجلس العسكري أنه قد يتدخل إذا ما اجتمع البرلمان، حيث جاء في البيان الذي أصدره فيما بدا أنه لهجة تهديدية" من واقع احترامنا لإرادة الشعب لم نلجأ من قبل أبداً لأي إجراءات استثنائية خلال المرحلة الانتقالية". ليس من الواضح كيف سيتمكن مرسي، والمجلس العسكري الذي حكم البلاد بعد تنحي حسني مبارك من التوصل لصفقة للحيلولة دون تعريض البلاد للمزيد من الفوضى السياسية. ويقول الخبراء إن إعادة البرلمان ستوفر لمرسي وهو إسلامي محافظ حليفاً يمكنه من دفع أجندته السياسية قدماً وهو احتمال قد يجد المجلس العسكري نفسه غير قادر على قبوله. وكان المجلس العسكري قد بدا أكثر قوة عندما تم تنصيب مرسي كرئيس منذ أسبوعين، حيث كان قد استبق إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بإصدار إعلان دستوري يحد بدرجة كبيرة من سلطات رئيس الجمهورية وخصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع القوات المسلحة، والاستخبارات، وأمن الدولة. ولم يكتف الجنرالات بذلك بل عملوا على منح أنفسهم سلطة الإشراف على عملية صياغة الدستور. وكل من المجلس العسكري والإخوان يضغط من أجل صياغة دستور يحمي مصالحه ويحقق هدفه: فالمجلس العسكري يسعى لتعزيز سلطاته والمحافظة على مشروعاته، و"الإخوان" يسعون لزيادة الدور الذي يلعبه الدين في شؤون الدولة. وإذا ما كان هناك مجال للتوصل لتسوية، أو توافق حول أمر من الأمور بين الفريقين فهو ذلك فقط المتعلق بضرورة الدعوة لإجراء انتخابات لاختيار برلمان جديد بعد الانتهاء من عملية صياغة الدستور. والسؤال المعلق الآن هو ما هي الموضوعات التي سيتحرك بشأنها مرسي كي يثبت تحديه لسلطة العسكريين، ومقدار الجرأة التي سيبديها في هذا التحدي. من بين الاختبارات المبكرة في هذا الشأن ما حدث يوم الاثنين الماضي عندما حكمت محكمة عسكرية على نشطاء من السويس كانوا قد شاركوا في مظاهرات العباسية بأحكام بالسجن تراوحت ما بين ستة أشهر وثلاث سنوات. ويشار أن مرسي كان قد تعهد بالإفراج عن آلاف المصريين المعتقلين بموجب أحكام صادرة عن محاكم عسكرية خلال الستة عشر شهراً التي مضت منذ اندلاع الانتفاضة ضد حكم مبارك وحتى الآن، وأن نشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان قد قالوا إن مرسي الذي عين مؤخراً لجنة للتحقيق في قضايا المدنيين المسجونين نتيجة لأحكام صادرة عن المحاكم العسكرية، قد أضاع فرصة للوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه في هذا الشأن للثوار، وفضل أن يبدأ بدلاً من ذلك بإعادة البرلمان. جيفري فليشمان - ريم عبد اللطيف القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©