الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فطرة الآباء والأجداد في الإمارات سبقت قوانين حماية البيئة البحرية

فطرة الآباء والأجداد في الإمارات سبقت قوانين حماية البيئة البحرية
17 يوليو 2011 19:26
على مدى قرون، تعايش أهل الإمارات مع بيئتهم القاسية بكثير من الحب، تحدوا ظروفها وتألفوا معها، اغترفوا من البحر صيدا ولؤلؤا مكنونا كان تجارتهم وعز ازدهارهم، وحرثوا الرمل لينبت شجيرات تثمر بعض الفواكه البسيطة، وتنبت حبات من الخضار يأكلونها بعد انتظار مواسم.حياتهم المليئة بالتحدي لم تجعلهم إلا أكثر حرصاً على كل ما يعتاشون منه، فهم حريصون على البحر الشاسع الأزرق، يستعملون مواد صديقة له دون انتظار محاضرات توعية ولا قوانين تفرض عليهم عدم التعرض للبيئة. ساقتهم قلوبهم الطيبة للحفاظ على المكان، وكان كل جيل ينقل خبرته للجيل القادم، روتينا من القواعد الاجتماعية والأعراف خلقت علاقة جميلة مع البيئة المحلية وجعلت من الحفاظ عليها دستور حياة الأولين. كانت للصيادين والبحارة ممارسات بيئية قدمت للبحر الكثير وساهمت في الحفاظ على أماكن عيش الأسماك سليمة ومناسبة لفترات طويلة، يقول عبد المنعم حسن (صياد من رأس الخيمة) كل أدوات الصيد القديمة كانت تصنع محليا، وبالطبع من خامات صديقة للبيئة، وأغلبها من المواد العضوية القابلة للتحلل، ومنها الحبال وأقفاص الصيد وهي القراقير، ولم يكن الرجال يحملون معهم ما يمكن أن يضر بالأسماك. يتابع عبدالمنعم: كنا نحرص دائما على إبقاء البحر نظيفا، وحتى السمك الميت كان ينقل من البحر ولا يترك، وكانت الطعوم الدارجة من محار اللؤلؤ المتكسر، ولم يكن استعمال الخبز شائعا كطعم للقراقير، بل كان الصيد بالقرقور يتم بواسطة وضع طعم من العومة أو سمك السردين، وأيضا كان يتم وضع الخثاق أو النغر وهو الحبار، كما يتم وضع السرطعونات الصغيرة أو المحار.. ويضرب عبدالمنعم بعض الأمثلة عن الانتهاكات البيئية التي تحصل حاليا فيقول: ربما تكون مشكلة رمي الأكياس في البحر من أعظم المشاكل، فهي لا تؤثر فقط على البيئة البحرية والأسماك، بل حتى على محركات زوارق الصيد، والمشكلة أن الكثيرين اليوم يرمون الأكياس التي لا تتحلل، برغم أن المفترض برواد البحر إعادة تلك الأكياس إلى البر، والمطلوب من الجميع اليوم أن يكونوا رقباء على ما يحدث للبحر. سلامة البحر ويؤكد محمد سالم المنصوري رئيس جمعية الصيادين في دبا الحصن، على اهتمام الإماراتيين بسلامة البيئة البحرية، ويقول: كان البحر حتى ما قبل عشرين عاما شبه نظيف، وكانت الحياة فيه تضج بالكائنات الحية التي تعيش ضمن بيئة توفر كافة ما يؤهلها للتكاثر. وكان الناس العاملون بالمهن البحرية أشد حرصا على مصدر رزقهم من الذين نراهم اليوم. يتابع المنصوري شارحا بعض الممارسات التي اهتم بها أهل البحر سابقا، يقول: لم يكن رجل البحر ينتظر قرارا كي يعمل على نقل أي مخلفات من البحر إلى اليابسة، وكان الصيادون أو الغواصة يعون المفيد للبحر والكائنات التي تعيش فيه، مثال على ذلك نقل المخلفات التي يمكن أن تلقيها بعض السفن الخشبية التي كانت تعبر ما بين دول الخليج متجهة إلى خليج عمان أو غيرها من الدول. كان الرجال يعملون على نظافة البحر واليابسة، وقد كانت كل المواد التي كانت تستخدم حتى الطعوم، لا بد من انتقائها حتى لا تسبب أي نفور أو أمراض للبيئة البحرية، وعندما يخرج رجال البحر بصيدهم إلى الشواطئ، فإن أعمالا أخرى تبدأ من أجل تلك البيئة، ومنها مثلا عدم رمي مخلفات تقطيع السمك على الأرض، لأنها سوف تتسبب بجذب الذباب والحشرات وتسبب روائح كريهة، ولذلك كان يتم استخدام جزء منها كسماد عضوي لأشجار الحمضيات، والجزء المتبقي يتم التخلص منه بالطمر وهو يتحلل بسرعة كما انه مفيد للتربة لأن الرجال يعمدون لتجفيفه قبل الطمر. في البيئة الزراعية وفي البيئة الزراعية أيضا، تتجلى ممارسات إنسان الإمارات الأول في الحفاظ على نظام بيئي متوازن، عن هذا يقول عبدالله بن خميس (صاحب مزرعة في الفجيرة) إن المزارعين كانوا يستخدمون كل ما له علاقة بأجزاء الشجرة في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامهم المعروف بأجزاء شجرة النخيل، ولكن بقية أنواع الأشجار حين يتخلف عنها السيقان التي تخفف عن الشجرة والورق المتساقط، ويتم تحويله إما إلى أعلاف مثل جذوع الموز، أو لقطع صغيرة توضع في وجبة “المغبرة” وهي وجبة عشبية تطهى لإطعام البقر، أو أنواع أخرى من الأغصان والورق تتحول إلى سماد بعد أن تصبح رمادا بعد حرقها. يتابع عبدالله: يعمل معظم الرجال بمفردهم في مزرعتهم لأنها صغيرة بالعادة، ومن يملك مزرعة كبيرة ويملك أيضا بعض المال يمكنه استئجار عمال يساعدون في إنجاز أعمال مزرعته أو المزارع التي تعود له، وكان يسمون “ بيادير” وهو المصطلح الشعبي الذي يطلق على عمار المزارع. مصلحة البيئة يعمل المزارعون والبيادير على تنظيف المزرعة من جميع المخلفات بشكل يومي، ثم يجرون علمية فرز لتلك المخلفات، وبعد ذلك يكون لكل نوع دور مهم وفاعل لمصلحة البيئة، قبل أن يتعلم أحفادهم معنى البيئة. ويتحدث علي سالم علي (مزارع من الفجيرة) عن استغلال المخلفات الناجمة عن الأشجار والبيئة المحيطة، فيقول: يتم تحويل مخلفات المزارع قديما لعلف غذائي يدر الكثير من اللبن من الأبقار والماعز، لأنه في العادة يكون عبارة عن خليط من بقايا التمور ونوى التمر المتخلف عن تناول الإنسان للتمور ويسمى “فلح” ، إلى جانب ورق الشجر ومواد عضوية متعددة، ويتم تحويلها لوجبة يطلق عليها “مغبرة” أو “فخاره”، وهي عبارة عن ورق الشجر مثل الليمون والصخبر والقصب وفلح التمر (نوى التمر) والسح (التمر) والجاشع (السمك المجفف) أو يسمى السهك حتى قشر الموز والشوع. الاهتمام اليومي وعن الاهتمام بالبيئة في الحياة اليومية يتابع علي سالم : بالنسبة للحياة اليومية كانت المخلفات شبه معدومة، فالحياة كانت بسيطة والاحتياجات كانت مقصورة على الأساسيات فقط، حتى الملابس لم تكن بالكميات الهائلة التي عليها اليوم، ولذلك كان الإنسان يرتدي ثوبه حتى يهترئ ويميل للتحلل، وبعد ذلك كان يجمع مع بقية المواد التي تكون من النوع القابل للحرق وتستخدم في الأفران التي يتم صنع الوجبات الغذائية اليومية عن طريقها، وكانت هناك أفران فخارية بسيطة أو حفرة في باطن الأرض محمية بقطع من المعدن، كي تتم عملية الطهي عليها، ولأن الناس كانوا لا يملكون وقودا للطهي لجأوا للورق والأغصان وبعض القطع الخشبية التي تسقط، وبعض ما يتم قطعه من أشجار الغاف والسدر كوقود.أما البلاستيك والمواد الصناعية فلم تكن متوافرة وحتى الزجاج كان قليلا.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©