الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأصغر بيوم أفهم بسنة

30 يوليو 2006 23:40
من منا لم تتردد على مسمعه مئات المرات في أيام طفولته وشبابه عبارة ''الأكبر منك بيوم أفهم منك بسنة''·· كل منا استخدم نفس العبارة موجهاً النصح والارشاد الى أولاده أو أولاد الجيران أو الأصدقاء أو حتى من حادثهم مصادفة·· لقد تربينا وكبرنا ونمت معنا القناعة بأن خبرة الحياة تثري المعرفة وترفع مستوى الإدراك فتميز الأكبر سناً عن أولئك الأصغر بالفهم والحكمة والذكاء وحجم المعرفة وبالتالي صحة الرؤية وصواب الرأي وكنتيجة بديهية امكانية البت بالأمور واتخاذ القرار السليم في وقته على عكس الشباب الأقل حنكة ومعرفة وقدرة على الاستيعاب والسرعة في التوصل الى جواهر القضايا··!! كذلك كانوا يقولون ''عندما يتكلم الكبار يسكت الصغار'' و''اللي ما عنده كبير يشتري'' و''عيش كثير بتشوف كثير'' وفي معرض السخرية ''خذ أسرارهم من صغارهم'' دلالة على حالة غير طبيعية اطلع فيها الصغار بدون وجه حق على أسرار الكبار أو تدخلوا بمسائل محظورة على من هم بسنهم·· ربما كان في الأمر شيء يسير من الصحة في شروط ما في الزمن الذي كانت وسائله بسيطة والقدرات الذهنية للناس كذلك·· كان الفارق بين المتعلم ونصف الأمي بسيطاً نسبياً مقارنة مع حالنا اليوم·· ومع هذا كنت ترى بعض الحالات التي يضطر فيها الكبار لسماع تحليل الأصغر سناً وعرض معلوماتهم الغريبة على الكبار غير ان هذا لم يكن يتعدى حجم المعرفة ونوعها ولم يسمح بتبديل القاعدة المسلم بها دون نقاش وهي ان المعيار الرئيسي للشخصية المعرفية هي السن!! وكجزء أساسي من الولاء الأبوي لم يكن الأولاد يشعرون بالحرج أو يحتجون على هذه المقولة وما يحيط بها لا بل كان الحديث عن عبقرية الكبار وحكمتهم الخارقة هاجس الأولاد الذي استمر معهم الى سن الشباب·· هناك الكثير من الأوساط الشعبية البسيطة ما زالت تفتخر بالالتزام المطلق بهذه القاعدة عند من هم أصغر سناً تجاه الأكبر سواء كانوا أخوة أم آباء أم عموماً وأخوالاً أو عمداء أسرة وشيوخ قبائل الخ·· والجدير بالذكر ان هذه القضية تخص الرجال فقط ولا علاقة للنساء بها·· فالمرأة غالباً تأخذ عناصر القوة في شخصيتها من موقع زوجها حتى وان كانت أصغر سناً من المحيطات بها· أولادنا اليوم لا يقبلون هذه القاعدة·· وهم على حق!! لم يعد الأكبر بيوم أفهم بسنة! أحد الأولاد وعمره اثنتا عشرة سنة تقريباً قفز مرة من حالة الغضب التي أثارها تحذير جدته بضرورة إظهار الطاعة لأخيه الذي يكبره بثلاثة أعوام تقريباً والالتزام بما يقدمه من نصح ومعلومات وتقبل التنبيه والتحذير وحتى العقوبة مهما كان شكلها ودرجتها، والتقط آلة حاسبة انتهى بعد ثوان الى الاستنتاج المضحك الذي زال معه التوتر بأن الفارق بينه وبين أخيه يعادل مرحلة حضارية كاملة·· صرخ وهو يقهقه بفرح: سنتان وثمانية أشهر وأحد عشر يوماً تساوي 985 يوماً تعادل عشرة قرون من الفرق في الفهم والإدراك!! علي الدماني
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©