الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الترخيص لـ 3 مصانع حديد يعيد الهدوء إلى قطاع الإنشاءات بمصر

الترخيص لـ 3 مصانع حديد يعيد الهدوء إلى قطاع الإنشاءات بمصر
17 يوليو 2011 20:36
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - جاءت تراخيص ثلاثة مصانع جديدة لإنتاج حديد التسليح في مصر، التي صدرت الأسبوع الماضي، باستثمارات تتجاوز أربعة مليارات جنيه (800 مليون دولار) لتعيد الهدوء لسوق الحديد وقطاع الإنشاءات بعد حالة الفوضى التي سادته خلال الأسابيع الماضية. كما أدت شحنات الحديد المستورد من تركيا والتي تجاوزت نصف مليون طن لإجبار الشركات المحلية وفي مقدمتها “حديد عز” على خفض الأسعار لتدور حول 5200 نزولاً من 5400 جنيه للطن قبل عدة أيام. والمتوقع أن تدخل المصانع الجديدة حيز التشغيل والإنتاج مع بداية يناير المقبل وتبلغ طاقتها الإنتاجية الإجمالية 1,5 مليون طن سنوياً لتتزامن مع طلب كبير مع بدء تنفيذ المشروع القومي للإسكان، حيث تم بالفعل مد أراضي المشروع بالمرافق الأساسية تمهيداً لتسليمها لشركات المقاولات التي تفوز بمناقصات تنفيذ المشروع والذي يبدأ طرحه الشهر المقبل. واضطرت الحكومة المصرية لطرح تراخيص الحديد الجديدة وتقسيط تحصيل الرسوم المقررة لمساعدة الشركات الحاصلة على هذه التراخيص في سرعة تشغيل هذه المصانع، بعد أن كشفت توقعات لوزارة التجارة والصناعة عن نمو الطلب بشكل كبير على حديد التسليح خلال العامين المقبلين بسبب المشروع القومي للإسكان البالغ حجمه مليون وحده سكنية يجري بناء 200 ألف منها كل عام إلى جانب مشروعات أخرى معطلة للقطاع الخاص من المنتظر أن تستأنف خلال الأشهر المقبلة بعد عودة الهدوء والاستقرار السياسي والأمني بالبلاد. وأشارت التوقعات إلى أن الزيادة في حجم الطلب على الحديد تدور حول ثلاثة ملايين طن سنويا بينما لا يزيد إنتاج المصانع الجديدة على 1,5 مليون طن مما يعني استمرار الفجوة بين العرض والطلب والمقرر أن يستمر السماح باستيراد الحديد لسد الفجوة مع دراسة إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على الاستيراد لمدة زمنية محددة حتى تستعيد السوق توازنها وهي الرسوم التي لا تزيد على 5 بالمئة حالياً. ويؤكد عاطف بشاي، أحد منتجي الحديد، أن سوق الحديد في مصر تمر حالياً بمرحلة اضطراب ولا يمكن القياس على الوضع الراهن حيث توقف قطاع الإنشاءات عن العمل تماماً لمدة تزيد على ثلاثة أشهر مع بدء أحداث الثورة ثم عاد تدريجيا ومع شعور الشركات بقدر من الاستقرار النسبي خلال شهري مايو ويونيه الماضيين عادت للعمل بقوة مما خلق طلباً مفاجئاً خاصة في ظل رغبة العديد من الشركات في سرعة الانتهاء من بعض مشروعاتها التي كانت في مراحلها النهائية قبل الثورة ولا يمكن القياس على ما جرى خلال الشهرين الماضيين بدليل عودة الهدوء للسوق والأسعار. ويضيف أن سوق الحديد في مصر في حاجة للتنظيم خاصة أن أي ارتفاع للأسعار يتم بموجبه اتهام الشركات المنتجة ولا يلتفت أحد لدور شبكات التوزيع في هذه الأمور. وجاءت الأزمة الراهنة في سوق الحديد في مصر منذ ثلاثة أشهر، حيث بدأت المصانع المنتجة عمليات رفع تدريجي للأسعار قفزت بسعر الطن من 3800 إلى 5400 جنيه خلال أقل من شهرين مع ظهور عمليات منظمة “ لتعطيش “ السوق بحجب كميات كبيرة من الإنتاج لدى الموزعين مما خلق أزمة لدى شركات المقاولات الكبرى التي بدأت استئناف أنشطتها الاعتيادية مع مطلع مايو الماضي. وتعللت مصانع الحديد بارتفاع أسعار الخام “البليت” في الأسواق العالمية رغم أن معدلات ارتفاع أسعار البليت كانت أقل بكثير من معدلات ارتفاع أسعار المنتج النهائي في مصر. ويرجح متعاملون في السوق استمرار الاتجاه الصعودي في أسعار حديد التسليح خلال الشهور القادمة رغم زيادة الطاقة الإنتاجية لزيادة حجم الاستهلاك وارتفاع عناصر التكلفة وفي مقدمتها الغاز الطبيعي الذي تعتمد عليه مصانع الحديد بشكل رئيسي، بعد أن بدأت الحكومة في تنفيذ خطتها الرامية لتحرير أسعار الطاقة للمصانع من أول يوليو الجاري تخفيفاً لأعباء دعم الطاقة عن الموازنة العامة للدولة البالغ 99 مليار جنيه في الموازنة الحالية. وتزيد مشكلات ضريبية بين كبرى الشركات المنتجة خاصة مجموعة حديد عز الدخيلة ووزارة المالية الموقف تعقيداً، مما يمثل أعباء إضافية على عناصر التكلفة. وقال بشاي إن تحرير أسعار الطاقة سوف يلقي بآثاره على المعادلة السعرية الآن ومستقبلاً، وبالتالي يجب التعامل مع ملف الأسعار بموضوعيه، حيث إن ارتفاع عناصر التكلفة يحدد سعر المنتج النهائي وتكلفة الطاقة في مصانع الحديد مرتفعة لأنها مكون كبير في عناصر الإنتاج إلا أن ذلك لا يعني أن هناك حالة من الاستغلال لهذه القضية، بل إن ما يجري في أحيان كثيرة يكون نتيجة طلب مفاجئ أو تخزين كميات من الحديد لدي بعض الموزعين تحسباً لارتفاع الأسعار. ويؤكد المتعاملون ضرورة التعامل مع ملف أسعار الحديد بجدية وسرعة قبل أن تتفاقم الأزمة وتعود أجواء صيف عام 2007 مما يلقي بظلال سلبية على تكلفة الوحدات السكنية في المشروع القومي، حيث تهدف الحكومة ألا يزيد سعر الوحدة السكنية مساحة 67 متراً على 75 ألف جنيه بعد أن تقرر تخصيص أراض مرفقة بالمجان للمشروع وعدم احتساب تكلفة هذه المرافق ضمن التكلفة النهائية للمشروع وإدخالها تحت بند الإنفاق الاجتماعي. وتدرس وزارة التجارة والصناعة المصرية عدة بدائل للتعامل مع هذه الأزمة منها توسيع دوائر استيراد الحديد لتشمل إلى جانب تركيا ورومانيا والمملكة العربية السعودية وإلغاء الرسوم الجمركية مؤقتاً ودراسة طرح ثلاثة تراخيص أخرى بطاقة مليوني طن سنوياً، إلا أن الظروف العامة ومناخ الاستثمار لا يسمحان بمثل هذه الخطوة لا سيما بعد قرار تحرير أسعار الطاقة والذي سيشكل عبئاً إضافياً على تكلفة الإنتاج. ويرى المهندس حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية، أن المشكلة في سوق حديد التسليح في مصر هي نقص الإنتاج مقارناً بالطلب المرتفع على هذه السلعة بدليل فتح باب الاستيراد لأن الطاقة الإنتاجية المحلية لا تلبي كامل احتياجات السوق والحل في موازنة العرض والطلب عبر زيادة الطاقة الإنتاجية. ويشير إلى أن السوق تتمتع بطلب كامن وكبير في المستقبل نظراً لاستمرار فجوة الإسكان كما أن دخول الدولة في المشروع القومي للإسكان سوف يرفع الطلب ويجب التعامل مع القضية على هذا الأساس لأن الأسعار ربما تكون مرشحة لمزيد من الارتفاع لا سيما مع مطلع العام الجديد وبعد إنجاز الانتخابات التشريعية التي سوف يترتب عليها نوع من الاستقرار السياسي والأمني وسوف تعاود الشركات عملها بكل قوة لتعويض فترات التوقف الطويلة وبالتالي سوف نفاجأ بارتفاع كبير في الطلب يوازيه ارتفاع في الأسعار. وقال إن طرح تراخيص جديدة لإنشاء مصانع حديد سوف يهدئ السوق نسبيا لأن هناك طاقة إنتاجية جديدة سوف تدخل والمطلوب مزيد من توسيع قاعدة الإنتاج لمواجهة ظروف المستقبل. ويرى مستثمرون أن مشكلة ارتفاع تكلفة أسعار الطاقة يمكن استيعابها على خلفية مبيعات قوية بفضل طلب متنام وبالتالي يمكن اختيار توقيت مناسب لطرح هذه التراخيص التي سوف تحظى بإقبال من جانب المستثمرين المصريين والعرب نظراً للأهمية الاستراتيجية التي يمثلها حديد التسليح في قطاع الإنشاءات. ويشير المستثمرون إلى أن الحالة الراهنة في السوق مؤقتة وسوف تزول خلال شهور بينما فرص الربحية لا تزال عالية في هذا القطاع ومن ثم سوف تغامر الشركات بدخول مجال إنتاج الحديد سواء جرى تحرير أسعار الطاقة أو إضافة أي أعباء أخرى وتشير الدراسات الى أن المشروع القومي للاسكان لن يلبي سوي 40% من احتياج السوق سنوياً، وسوف تظل الفجوة قائمة ومستمرة في سوق الإسكان وسوف تزداد من 250 ألف وحدة سنوياً في الوقت الراهن إلى 300 ألف في القريب العاجل. ويشدد خبراء قطاع التشييد على ضرورة عودة الدولة بقوة إلى سوق إنتاج حديد التسليح مثلما كان متبعاً في الماضي سواء بدخول الشركة القابضة للصناعات المعدنية في هذا المجال أو زيادة الطاقة الإنتاجية لشركة الحديد المصرية التي تعرضت لما يشبه الحصار في السنوات الماضية مما ترتب عليه تراجع حصتها السوقية بنسبة كبيرة. ويرى الخبراء ضرورة تشجيع عدد من البنوك والشركات العامة على المساهمة في إنشاء مصانع جديدة للحديد لسد فجوة الطلب وعدم ترك السوق فريسة لاحتكارات القطاع الخاص على صعيد الإنتاج والتوزيع لا سيما أن وزارة الإسكان سوف تظل المستهلك الأول لحديد التسليح خلال السنوات الخمس المقبلة على الأقل حتى تنتهي من تنفيذ كافة مراحل المشروع القومي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©