السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد عبدالرؤوف: السياسة الخضراء تحقق أهداف التنمية المستدامة

محمد عبدالرؤوف: السياسة الخضراء تحقق أهداف التنمية المستدامة
3 أغسطس 2014 20:25
يعتبر الدكتور محمد عبدالرؤوف، أول من صاغ مصطلح السياسة الخضراء على المستوى الكلي، فكثيرا ما يستخدم المصلح على المستوى الجزئي، مثل الشركات حين تضع سياستها البيئية، وخلال بحثه لم يجد له استخدام على المستوى الكلي بالمعنى السابق في بحثه وإعداده، عندما أراد أن يضع كتاباً بهذا العنوان، صدر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وتناول من خلاله دور السياسة الخضراء لموازنة أهداف الطاقة والبيئة متناولاً دولة الإمارات العربية المتحدة كحالة. مشكلات بيئية مركبة ويقول عبدالرؤوف: يزداد الاهتمام يوما بعد يوم بالبيئة ومواردها المختلفة، ويأتي على رأس هذه الموارد الطبيعية بلا منازع موارد الطاقة بمختلف أنواعها، وذلك بعد أن أحس الإنسان بحجم المخاطر التي تهدده نتيجة سوء تعامله مع بيئته واستنزاف مواردها، مما أدى لظهور العديد من الأزمات والمشكلات البيئية المركبة والمتعددة والمتشابكة، ذات الآثار السلبية على الإنسان والبيئة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أزمة الطاقة ومشكلة التغير المناخي، وأيضا أزمة الأمن الغذائي واستنزاف الموارد الطبيعية، وكذلك تدهور نوعية البيئة والأزمة المالية العالمية. وقد شهد العالم منذ عام 2008م مع بداية الازمة المالية العالمية، تحولا نحو ما سمى بالاقتصاد الأخضر، حيث أثبتت الأنظمة الاقتصادية فشلها ومدى هشاشتها، وهنا تلعب السياسة الخضراء الدور الأساسي في تحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر، الذي هو الأداة الرئيسية للتنمية المستدامة، وذلك بإقرار جميع شعوب العالم في الوثيقة النهائية لقمة الأرض، في ريو دي جانيرو في البرازيل (ريو+20) في يونيو 2012م، وتلعب السياسات دورا هاما في حسن استغلال وترشيد استخدام الموارد البيئية المختلفة. وهناك تساؤل: هل هناك تعارض بين أهداف وسياسات الطاقة والبيئة؟، هنا نجد الإجابة نسبية لحد كبير، ومن المتوقع أن ينشأ تعارض إذا لم تصمم السياسة بعناية، بحيث تضمن التوازن بين الأهداف المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة، ولأن سياسات الطاقة والبيئة تؤثر في كافة مناحي الحياة، نجد أن الأمر يزداد تعقيدا حيث يمكن أن تؤدي سياسة ما إلى مشكلات في مجالات أخرى مثل المياه أو الأمن الغذائي أو الصحة وخلافه. الحوكمة البيئية ويضيف عبدالرؤوف: أيضا أصبح الحق في الطاقة مطلبا أساسياً ومبدئياً لأي فرد، ليتمتع بباقي حقوقه البيئية المختلفة والتي هي الماء والهواء. . والقاعدة الفقهية في الدين الإسلامي تقول: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب». وقد صدرت العديد من الكتب والدراسات التي تناولت قضايا الطاقة والبيئة في العالم والوطن العربي، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، ونظرا لما تتمتع به من مكانة عالمية في مجالات الطاقة الأحفورية والمتجددة على السواء، ومع أنه من المتوقع أن تكون دولة الإمارات من ضمن آخر البلدان التي سينفد بها النفط والغاز، فإنها بدأت تلعب دورا رائدا في مجالات الطاقة المتجددة أيضا، إلا أن أغلب هذه الدراسات تناولت قضايا البيئة والطاقة بصورة منفصلة، والقليل منها فقط هو الذي يوضح دور السياسات وخاصة السياسات الخضراء في التوفيق بين أهداف الطاقة والبيئة. وبالنسبة للحوكمة البيئية كمفهوم أكبر وأشمل من مفهوم السياسة البيئية، تم توضيح السياسات التي تعتبر أحد أهم عناصر الحوكمة الرشيدة، وأسباب فشل هذه السياسة والذي قد ينتج عنها فشل السوق، ومن المهم أن نشير إلى أهمية تطبيق سلة من السياسات الخضراء، عندما نريد أن نتحدث إن كان لدينا فعلا هذا النوع من التعاطي مع البيئة، وهذه السلة تأخذ في الاعتبار الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية. أيضا علينا أن ندرس بعناية ثقافة المجتمع وأنماط استهلاكه قبل وضع السياسة، كما أن السياسة الخضراء قد لا تصبح كذلك بعد فترة، حيث تتغير الظروف والتكنولوجيات والآثار، وبالتالي يجب مراجعة السياسات دوريا للتأكد من أنها فعلا مازالت خضراء أو يتم تعديلها بما يتماشى مع المستجدات، وتصدر الحكومات والشركات بمختلف أنواعها سياسات بيئية، وفي رأيي أن وضع سياسة بيئية فقط ليس كافيا، وليس دليلا على أنها فعلا خضراء أو صديقة للبيئة، لذلك علينا دوما المتابعة بشأن تطبيقها، وعلينا مراقبة إن كانت تحقق منافع وتضيف قيمة على المستوى الكلي وعبر قطاعات الدولة المختلفة، لذلك ربما تكون السياسة خضراء أو بنية، والعبرة هنا ليس بالسياسة نفسها بل بآثارها ونتائجها على مختلف القطاعات والفئات. الأمن الغذائي ويشير عبدالرؤوف: من الضروري قبل تنفيذ أي سياسة، أن تتم دراسة أثر السياسة في مجال معين على باقي المجالات، وقد وجدت من خلال بحثي وتمحيصي أن هناك مثلا السياسات الزراعية في كثير من الدول العربية، كانت تهدف خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي إلى الأمن الغذائي، وهو هدف نبيل في حد ذاته، وهذه السياسات أدت إلى تشجيع المزارعين على التوسع في الزراعة، وتم استخدام الأدوات الاقتصادية بطريقة خاطئة، فكانت تقدم المياه مجانا وتقدم مساعدات وقروض للمزارعين، وكذلك خدمات تسويقية للمنتجات الزراعية، لكن النتائج كانت كارثية حيث تم استنفاذ المياه الجوفية في كثير من المناطق في غضون سنوات قليلة، وانهارت الزراعة ودمرت أغلب هذه المزارع حاليا، كما أن المنتجات الزراعية كانت غالية الثمن ولم تستطع المنافسة عالميا أو حتى محليا. ويقول عبدالرؤوف: أريد أن أرسي قاعدة أن ليس كل سياسة بيئية خضراء والعكس صحيح، فقد نستخدم سياسة ذات هدف بيئي واضح لقطاع ما، لكن بالتحليل الدقيق نكتشف أن لها آثاراً سلبية على غيرها من القطاعات، فأي سياسة أو أداة للسياسة يترتب عليها آثار إيجابية وسلبية والهدف هو تعظيم الجانب الإيجابي وموازنة الأولويات، وقد نستخدم سياسة لها ضرر ما كمرحلة انتقالية ثم نستعيض عنها بسياسة أخرى في مرحلة أخرى وهكذا، وذلك ما يؤكد ضرورة المراجعة الدورية للسياسات لتعديلها وتطويرها، وكرؤية أوسع لابد من عمل مصفوفة تحليل السياسات أيضا على مختلف الجوانب الأخرى، لمعرفة أثر السياسة على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية أيضا، ولا غرو أن دولة الإمارات كغيرها من دول العالم تواجه تحديات عديدة في الطاقة والبيئة، ويتعين عليها في كثير من الأحيان أن توازن بين أولويات قد تبدو متعارضة، بدءا من النمو الاقتصادي إلى أمن الطاقة والغذاء والمياه إلى حماية البيئة. تنويع مصادر الطاقة ويؤكد عبدالرؤوف قائلاً: أدركت القيادة السياسية الحكيمة في دولة الإمارات أهمية تنويع مصادر الطاقة بالدولة، والاتجاه للطاقات المتجددة لضمان أمن الطاقة ولاعتبارات بيئية، ونظرا لأهمية قطاع الطاقة كمحرك للتنمية فلابد أن تحرص السياسة الخضراء على عدم إهدار هذا المورد، بألا تصب في فراغ، بمعنى أن تصب في مصلحة التنمية المستدامة بأقصى كفاءة ممكنة، ولا يمكن أن نتجاهل جهود الدولة في اتخاذ عدد من السياسات والمبادرات والمشروعات، التي تهدف للبحث والتطوير في مجالات الطاقة المختلفة خاصة المتجددة منها، وكذلك أهمية توفير التمويل والدعم لمشروعات الطاقة المختلفة مثل التعرفة المتزايدة للكهرباء والمياه، بما يتناسب مع مختلف القطاعات. وأيضاً كفاءة الطاقة وسياسات ترشيد الاستهلاك وتوطين التكنولوجيا، وتطوير البناء المؤسسي في الدولة والنقل المستدام عن طريق خطط النقل الجماعي والمترو والقطار والسيارات الهجينة الكهربائية. وكذلك تناولت إستراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء، الفكر الرائد في هذا المجال بمحاورها المختلفة، المتعلقة بالاستثمار في الطاقة الخضراء داخلياً وخارجياً، والاستثمار الأخضر في تكنولوجيات وقطاعات مختلفة وصناعات قليلة الكربون، وأيضا المدن الخضراء والحياة الخضراء بصفة عامة. الدكتور محمد عبدالرؤوف المنسق العالمي للمجتمع المدني لمجموعة البحث العلمي التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وهو كاتب وباحث في مجال البيئة، يحاول أن يوجد رابط بين أهداف الطاقة والبيئة والتنمية المستدامة عن طريق السياسات الخضراء، أي تلك السياسات التي تساعد في التحول من الاقتصاد التقليدي وهو ما يطلق عليه الاقتصاد البني. أما اقتصاد المستقبل أو ما يسمى بالاقتصاد الأخضر، فهو الذي يعد الوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، فالسياسة الخضراء، كما يعرفها عبدالرؤوف، هي تلك السياسة التي تحمي البيئة ومواردها، وتحقق العدالة الاجتماعية وترتفع بمستوى المعيشة. المجتمع المستدام يقول الدكتور محمد عبد الرؤوف، إنه يجب أن تحظى السياسات الخضراء باهتمام شديد من صناع القرار، إذ أن لها أبعادا عديدة أخرى اجتماعية واقتصادية وسياسية، وتنفيذ السياسات الخضراء على أرض الواقع سيساعد في تحقيق التنمية المستدامة، وبغياب السياسات الناجعة يستطيع المرء توصيف التنمية بأنها تنمية هدامة، فالمجتمع المستدام حقاً هو ذلك الذي تتوافر فيه القضايا الأوسع مثل الاحتياجات الاجتماعية والرفاه الاجتماعي، والفرص الاقتصادية، وتكون مرتبطة بشكل تكاملي مع القيود البيئية المفروضة واحتياجات الطاقة للاستخدامات المختلفة، وأخيرا يمكن القول إن النظرة المتأنية للأمور تدرك بسهولة، أنه لا تعارض بين سياسات الطاقة والبيئة، وأنه يمكن للسياسة الخضراء تحويل تحديات البيئة والطاقة إلى فرص تجارية، وإيجاد فرص عمل خضراء، لتحقيق التناغم بين سياسات الطاقة والبيئة ما يجعل الجميع رابحاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©