الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هويدي: جيش اسرائيل لحماية بلده وجيوش العرب لتأمين الحكام

30 يوليو 2006 23:55
القاهرة - حلمي النمنم: 39 عاما مرت على هزيمة الخامس من يونيو ،1967 ولو تأملنا التاريخ العربي كله، فلن نجد هزيمة تعرض لها العرب عموما والمصريون خصوصا بمثل هذا الهوان، فقد كانت هزيمة للنظام العربي كله، والى اليوم مازلنا نسدد فواتير تلك الهزيمة، ويبدو أن اجيالا قادمة سوف تواصل السداد والدفع، وفي هذه الذكرى الموجعة أصدر أمين هويدي كتابا جديدا بعنوان ''حرب ··1967 أسرار وخبايا''· وسبق للمؤلف أن أصدر كتابين، حول حرب يونيه ،1967 فقد تولى وزارة الحربية في مصر بعد 1967 وشغل أيضا رئاسة المخابرات العامة بعد أن عزل صلاح نصر· وكتاباته السابقة كانت تصدر عن شاهد عيان، وكتابه الجديد يضم بعدا جديدا، فقد تابع ما كتبه القادة العسكريون عن تلك الأيام وجمع كل هذا في كتابه· وهدف أمين هويدي أن يرد على العسكريين الذين حاولوا التبرؤ من مسؤولية الهزيمة لانهم راحوا يعلقون المسؤولية في رقبة السياسيين، وتحديدا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وراح كل فريق يزيح الهزيمة نحو الفريق الآخر، رجال المخابرات يتنصلون ويتهمون مسؤولي الطيران وأولئك يلومون سلاح المشاة وهكذا· ويفند هويدي الحجتين، ويرى ان المسؤولية اذا وقعت على السياسيين فإن المشيرعبدالحكيم عامر لم يكن قائدا عسكريا فقط، بل كان مسؤولا سياسيا رفيع المستوى، كان النائب الأول لرئيس الجمهورية وكان أقوى عضو في اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي، وكان مسؤولا عن لجنة تصفية الاقطاع وعن الاصلاح الزراعي ومواقع اخرى، وبهذه الصفات لا يمكن اعفاؤه من المسؤولية· والكاتب احيانا يكتفي بالتلميح دون التصريح، فهو يقسم الجيوش الى نوعين، نوع يهتم بالتأمين الذاتي، أي تأمين الحاكم والحكم فقط وجيوش تهتم بالأمن الوطني والقومي ويهمها تأمين البلد وأراضيه· ويحدد الجيش الاسرائيلي بأنه من هذه الجيوش، ويتركنا نفهم أن الجيوش العربية كانت مشغولة بتأمين الحكام، بل اكثر من ذلك هناك حرص في بعض الجيوش العربيةعلى ان يعتنق الضباط والقادة ايديولوجية الحزب الحاكم· واذا كان أمين هويدي يعلق المسؤولية بشكل أساسي في رقبة عبدالناصر والمشير عامر، فانه لا ينفي مسؤولية بقية الأطراف في العالم العربي، فحين أبلغ السوفيت رئيس البرلمان المصري آنذاك أنور السادات وهو في موسكو بنبأ الحشود الاسرائيلية على سوريا سافر وفد عسكري مصري الى الجبهة السورية، وكان رأي مسؤول المكتب الثاني - المخابرات السورية- أنه لا توجد حشود اسرائيلية ونفت اسرائيل ذلك، بينما اكد مسؤولون اخرون في سوريا الحشود، وفي غمرة حماس الجماهير العربية للقتال لم يغامر أحد من المسؤولين ليعلن الحقيقة وهي أن الحشود على سوريا ليست مؤكدة أو أنها ليست حقيقية· وفي الاجتماع الذي عقده الرئيس عبدالناصر وتقرر فيه ان يتقدم رئيس الأركان المصري اللواء محمد فوزي -الفريق فيما بعد- بطلب الى قائد قوات الأمم المتحدة ''قوات الطواريء'' الانسحاب من خليج العقبة كان د· محمود فوزي نائب رئيس الوزراء للشؤون الخارجية حاضرا، ووافق على هذا القرار، رغم ان هذا الطلب من صميم اختصاص وزارة الخارجية وليس رئيس الأركان، وكان واجبه ان يشرح للمجتمعين ومنهم الرئيس عبدالناصر مخاطر هذه الخطوة، اذ انها تعني مباشرة دخول حرب مع اسرائيل· وزار وفد من الجمهورية العربية المتحدة عددا من الدول العربية ليشرح أبعاد القضية ولم يسأل أي حاكم عربي عن تفاصيل الموقف وحقيقة التهديد العسكري ومدى الاستعداد له· أشياء أخرى وبينما كان الجنرال ''هود'' قائد القوة الجوية الاسرائيلية والجنرال اسحق رابين رئيس اركان الحرب الاسرائيلي عاكفين على وضع الخطط للمواجهة القادمة مع العرب وتدمير القوات الجوية العربية على الأرض، وهو ما حدث حرفيا قبل ذلك في عام ،1956 أيام العدوان الثلاثي، كان القادة العرب مشغولين بأشياء أخرى، لا علاقة لها بالحرب وطبقا للاحصائيات عن عام 65-66 وهو العام الذي سبق الحرب مباشرة، فإن حجم الوقود المستهلك في التدريب كان متدنيا جدا في البنزين 5,2 في المئة وفي السولار 2,1 في المئة والكيروسين 1,3 والديزل 11,1 في المئة واستهلك باقي الوقود في الأغراض الادارية· وفي التدريب كان نصيب كل دبابة سنويا طلقة واحدة والمدافع المضادة للدبابات بلغ نصيب كل منها نصف طلقة وهكذا· وبالنسبة للطيران ففي العالم كله هناك طياران أو ثلاثة لكل طائرة، وفي الجيش الاسرائيلي كان هناك 3 طيارين لكل طائرة، وعندنا كانت هناك طائرتان لكل طيار، وعشرات الطائرات في مخازنها، ولم يكن قد تم تدريب الطيارين على الطيران المنخفض لتجنب الرادارات، وبدأ تدريبهم على عجل قبل الحرب بأيام· ولم تكن هناك دشم كافية للطائرات، وليس صحيحا ما ردده بعض قادة الطيران، ولعله يقصد الفريق صدقي محمود تحديدا، حول عدم وجود ميزانية، صحيح ان الميزانية كانت قد انتهت في ابريل عام ،1967بسبب نهاية العام المالي وانتظار الميزانية الجديدة، لكن المفروض ان الدشم بنيت قبل ذلك، وكان ممكنا بناء 50 دشمة سنويا بتكلفة لا تزيد على ربع مليون جنيه، منذ عام 1956 وحتى ·1967 وفي الفترة من 4 مايو 1967 وحتى 5 يونيو أصدر رئيس الأركان المصري 178 أمر استدعاء وتعبئة للحرب شملت 3495 ضابطا و66672 من رتب أخرى من قوات الاحتياط، رغم وجود نقص في التسليح تجاوز 40 في المئة من الاسلحة الصغيرة و24 في المدفعية و45 في المئة من الدبابات وقرابة 70 في المئة من الحملة الميكانيكية ولاحظت المحكمة العسكرية التي تشكلت بعد الحرب ان بعض هذه القوات ارسل الى ميدان القتال بجلابيبهم والسبب استدعاء قوات كبيرة بلا ضرورة وبلا تدريب· وفي 26 مايو سافر شمس بدران وزير الحربية على رأس وفد عسكري الى موسكو والتقى بالقادة السوفيت وطبقا لمحاضر الاجتماعات، فإن كلام السوفيت كان واضحا في العمل على منع قيام الحرب، ولكن شمس استند الى كلمة مجاملة وهو على سلم الطائرة من احد القادة، تقول ''نحن معكم'' ففهم منها ان السوفيت يساندوننا وأنهم معنا الى نهاية المشوار وعاد لينقل ذلك الى الرئيس عبدالناصر ويبدو أنه صدق ذلك وأخذ به· ولم تتضح الحقيقة الا بعد انتهاء الحرب· وكان قادة الجيش في اجتماعات مستمرة مع المشير عامر، وكانوا يعرفون حقيقة قواتهم وأنهم ليسوا مستعدين للقتال، فإن كانوا قد تخوفوا من قول الحقيقة للمشير فذلك أقرب الى الخيانة، وان لم يدركوا الحقيقة فذلك هو الجهل الذي ادى الى العار، أما المشير نفسه فكان لاهيا في شؤون أخرى لا علاقة لها بالجيش وقضاياه· وهناك واقعة تحدث عنها الفريق أنور القاضي رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة المصرية وترددت كثيرا لدى بعض المعلقين الأجانب، وتتناول عملية هجومية باسم كودي العملية ''فهد'' كان مقررا ان يقوم بها الطيران المصري على المطارات الاسرائيلية فجر 27 مايو ،1967 وأن المهمات وزعت على الطيارين وكل شيء كان جاهزا، ولكن تم ايقاف العملية قبل موعدها بساعتين اثر مكالمة تلقاها عامر من عبدالناصر، وكان عبدالناصر قد وعد السوفيت بأنه لن يبادر بالهجوم، وعبر شرح طويل يذهب أمين هويدي الى أن هذه العملية لو تمت ماكانت ستؤتي نتائجها المتوقعة· وفي يوم 2 يونيو حدد عبدالناصر في اجتماع مع القيادات العسكرية ان اسرائيل سوف تبادر بالهجوم بعد 3 ايام وانها ستبدأ بضربة جوية لتدمير الطائرات ومع ذلك لم يتخذ هؤلاء القادة أي اجراء كي يتم امتصاص تلك الضربة بلا خسائر والتجهيز للرد بهجوم مضاد· وما يستوجب التوقف ويثير الألم، هو انهيار القيادة العسكرية المصرية ممثلة في المشير عبدالحكيم عامر، الذي اتخذ قرارا بالانسحاب من سيناء، دون ان تكون هناك ضرورة عسكرية لذلك، كانت القوات البرية متماسكة وتقاوم في سيناء، ولم تكن اسرائيل تستطيع دخول سيناء على هذا النحو واتخذ عامر قراره دون الرجوع الى القيادة في الميدان بل ابلغ قرارة بالتليفون الى قادة الوحدات فتم الانسحاب بلا خطة وبلا نظام، فكانت الكارثة التي ندفع ثمنها حتى هذه اللحظة، فقد أباد الطيران الاسرائيلي المنسحبين، ووقعت كارثة انسانية ووطنية، وعلى الجبهة السورية لم يكن الأمر افضل من الجبهة المصرية وكذلك في الأردن·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©