الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عن الكرة والتلفزيون والشيطان

3 أغسطس 2014 20:25
لا أعتقد أن أحداً يشك في حسنات وفوائد الرياضة والتمارين الجسدية، كذلك الأمر بالنسبة لفوائد الرياضة الروحية والنفسية والأخلاقية. وقد كان الشهر الماضي فرصة ذهبية مزدوجة للتشبّع بمعاني هذين النوعين من الرياضة، حيث تزامن شهر رمضان مع فعاليات أكثر الرياضات شعبية واهتماماً حول العالم ومشاهدة على وسائل الإعلام، أي كرة القدم. إعلامياً، يمكن القول إن بطولة كأس العالم كانت أكثر البرامج والأنواع متابعة على وسائل الإعلام - والتلفزيونات تحديداً- على الأقل في فترة الأسبوعين الأوّلين من رمضان. كذلك يُفترض أن البرامج الدينية المستوحاة من المناسبة على معظم المحطات العربية وفّرت زاداً روحياً على مدار الشهر واليوم. أي أن كل الأجواء «الإعلامية» كانت مناسبة ممتازة لنهل واكتساب وتعزيز الوعي والإحساس بالفضائل الإيمانية إلى جانب أجواء الحماس الكروية-الجسدية التي تلبّست- وتلبّسها الملايين. في المقابل، برزت في قلب المشهد الإعلامي نفسه، المسلسلات «الرمضانية» وما حفلت به من مساعي الإثارة – والانحراف - والتي كانت محط حملات متزايدة للمقاطعة التي وصلت إلى حد شيطنة وسائل الإعلام واتهامه بإفساد فضائل شهر الصوم، وتعميم سلوكيات ومفاهيم غير صحيحة عن رمضان. كان التلفزيون تحديدا محور العديد من حملات المقاطعة لهذه المسلسلات، كذلك كانت معارك نقل تصفيات كأس العالم والقضايا القانونية بين المحطات والشركات المتنافسة، هذا إلى جانب المنافسات الحامية - غير المعلنة - بين «الدعاة» على الظهور في المحطات الأشهر، وتنافس المحطات الأقل شهرة على كسب المشاهدين من وراء بعض الدعاة. في إحدى الحملات الرافضة لشيطنة الإعلام في رمضان رفض للمسلسلات «الدرامية»، لأنها تجعل رمضان «متعة» تلفزيونية كل عام. وفي حملة أخرى نقد للإعلام العربي الذي أصبح في أغلبه «رسولاً للشياطين المصفَّدة»، التي تمنع الصائم من السكينة. شخصياً لم أستبعد بعض هذه الاتهامات، كما لا أستبعد تعسفها. لكن متابعة بعض المسلسلات الدرامية المقصودة لم تكن تستحق مثل هذا التهويل وهذا الاستنفار للحجج التالية: أولا: إذا كان المنطلق هو الخوف على النشء والشباب، فقد دلّت الوقائع الشهر الماضي أن الأجيال الجديدة كانت مُغرمة بمتابعة نهائيات كأس العالم أكثر بكثير من «مسلسلات الشياطين المصفدة». ثانيا: الوقائع نفسها دلت أن الرياضة – أو الإعلام الرياضي- يشكل مدخلًا رئيسياً للتواصل من خلاله مع الشباب، أكثر بكثير من تلفزيون الإثارة والجنس، عندما يكون الأداء مهنياً وتنافسياً ورفيع المستوى. ثالثا: لوحظت قفزة كبيرة في المحتوى الديني على وسائل التواصل الاجتماعي «إلى جانب المحتوى الرياضي طبعاً»، ورغم الحاجة لمعرفة دقيقة عن العلاقة بين مستخدمي هذه المواقع من النشء والشباب وهذا المحتوى، يمكن الجزم بوجود طاقة إيمانية إيجابية تريد التعبير عن نفسها كضرورة إنسانية مهما كثرت وسائل اللهو والتسلية والمحتويات المثيرة على التلفزيون أو على الإنترنت. رابعا: مرة جديدة، ولكل هذه الأسباب مجتمعة، لا داعي للخوف من التنوع والاختلاف، في الإعلام وفي المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©