الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مثقفون يستعرضون منجزات سلطان القاسمي المسرحية والمشروع الثقافي للشارقة

مثقفون يستعرضون منجزات سلطان القاسمي المسرحية والمشروع الثقافي للشارقة
20 يناير 2012
إبراهيم الملا (الشارقة) - اختتمت مساء أمس الأول في الشارقة، محاور وجلسات ندوة “فكر وإبداع سلطان القاسمي” التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات على مدار يومين، احتفاء بعودة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة من رحلة العلاج الخارجية والتي توجت بعودة سموه مشافى ومعافى إلى أرض الوطن. وكذلك احتفاء بالمساهمات الثقافية والحضارية والإنسانية الكبيرة والمقدرة التي عززها ورفدها سموه بوقود من الرؤى والتوجيهات والمشاركة الفعلية والحميمية والإبداعية في منتوجها المسرحي والفني والتاريخي والتوثيقي، من خلال انشغال ذاتي واهتمام واسع ينطلق من الخصوصية المحلية ويتجه نحو الأفق العربي والدولي، بالتوازي مع فكر سموه المتقاطع والمتضامن مع حوار الثقافات وتواصل الحضارات لصالح السوية المعرفية والإنسانية الشاملة. مشروع الشارقة الثقافي تناولت الجلسة الختامية للندوة التي عقدت في قاعة التراث بفندق “راديسون بلو” محور “مظاهر الإبداع عند سلطان القاسمي”، وترأست الجلسة الأديبة الباحثة شيخة الجابري، بمشاركة كل من الكاتب والباحث الإماراتي ماجد بوشليبي، والمسرحي والناقد العراقي الدكتور عبدالإله عبدالقادر، والإعلامي الجزائري خالد عمر بن ققة، كما تم استعراض ورقة الدكتور أحمد عفيفي من جمهورية مصر والذي لم تسعفه الظروف للمشاركة في الندوة. استهل بوشليبي الندوة بالحديث عن مشروع الشارقة الثقافي، والذي رأى أنه يمكن مقارنته بالنموذج الفرنسي القائم على بناء سياسات تجمع بين التنوع الأفقي والعمودي في الثقافة والفنون، وصياغة نوع من التناغم بين إدارة التنمية، وبين قطاعات المجتمع المختلفة، مشيرا إلى أن مداخلته لا تتضمن تزكية لمشروع الشارقة الثقافي، ولا تطمح لسرد موجز أو ملخص لمنجزات الشارقة الثقافية، لكنها أقرب إلى تفسير هذه التجربة المتقدمة والمتسارعة والنشطة والتي يقف وراءها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي. تحدث بوشليبي بعدها عن السمات العامة لهذا المشروع، وذكر أنها تتجلى في العلاقة المباشرة بين صاحب الرؤية وبين العاملين في حقل التنمية، مما حقق وضوحا وفهما لهذه الرؤية، كما أن هذه التجربة تنبع من خصوصية المكان الذي انطلقت منه، وتتناسب مع إمكانياته ومتطلبات المجتمع، مع استشراف وانتباه لأسئلة وتحديات المستقبل، وأوضح أن مشروع الشارقة الثقافي امتلك قدرة على التأثير وقيادة المحيط وصياغة القوانين من منطلق التأثر والتأثير، وقال بوشليبي أن هذا المشروع الطموح يهدف إلى بناء جيل يضطلع بمهام البناء وفق معطيات العصر والمحافظة على الهوية، واستكمال مؤسسات المجتمع المدني، وتنمية فرص البحث والإبداع، وتحقيق التنوع والاعتماد على الذات، وأخيرا الإدراك والمشاركة في قضايا الأمة. وقدم بوشليبي بعض النماذج المتحققة والملموسة التي أنتجها هذا المشروع، اعتمادا على الرؤى التي يتضمنها، وضرب مثلا بنموذج التاريخ والتراث القائم على رؤية خاصة للشارقة كإمارة ذات عمق تاريخي وامتداد مستقبلي يرتبط أبناؤها بتراثهم كما يستشرفون مستقبلهم، ومن النماذج التي ذكرها بوشليبي متاحف التراث، ومركز التراث الشعبي، ومهرجان الفنون الوطني، ومتحف الآثار، وبعثات التنقيب، وغيرها من المرافق والأنشطة المنتمية لهذه الرؤية ولخصوصيتها ولقيمها وأصالتها. مسرح سلطان القاسمي وكان ثاني المتحدثين في الندوة الدكتور عبدالإله عبدالقادر الذي تناول مسرح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، واستهل حديثه بتساؤل مفاده “هل يحق لنا أن نطلق على مجموعة مسرحيات سموه، مسرحا له أبعاد محددة وأطر واضحة”، وأجاب عبدالقادر على هذا التساؤل قائلا “إن سموه يعتبر نموذجا وحالة خاصة للحاكم المثقف، والواعي، لا لمسؤولياته في الحكم وحسب، بل ولدوره الإنساني التثقيفي التنويري الذي يمارسه جنبا إلى جنب مع دوره كحاكم” وأضاف “وهذا في اعتقادي لصالح الناس وأهل البلد، بل ومفخرة لنا جميعا في كوننا نعيش تحت خيمة حاكم يتسلح بالعلم والمعرفة والإبداع”. ودلل عبدالقادر على خصوصية مسرح سلطان القاسمي من خلال اهتمام متجذر وبعيد مبكر لسموه بالمسرح، لأن تجربته بدأت ــ كما أشار ــ منذ الخمسينيات من القرن الماضي بعد أن أعلنت عن تجربتها الأولى في مسرحية “نهاية صهيون” عام 1958 والتي جوبهت بالمنع والمصادرة من سلطات الاحتلال البريطاني في ذلك الوقت، وهذا المنع هو الذي نبه سموه للدور الخطير الذي يمكن أن يلعبه المسرح في حياة الشعوب. وأوضح عبدالقادر أن ما يمنح مسرح سلطان القاسمي خصوصيته أيضا هو أنه مسرح مبرمج ضمن إستراتيجية معتمدة على الحاجة الفعلية للحراك الفكري في إطار التراكم النوعي والإبداعي وفهم ما يقدمه المسرح من فكر إنساني، ونوه إلى أن مسرح القاسمي يمكن نعته بـ “المسرح المرّ” لأنه يتصدى لمفاهيم الشر أينما وجدت باعتبار أن الشر جبهة موحدة وإن اختلفت مواصفاتها وأزمانها وأشخاصها وسماتها، وهي المفاهيم التي تناولها سموه بوضوح في مسرحيات مثل “عودة هولاكو” و “القضية” و”الواقع طبق الأصل”، وأشار عبدالقادر إلى أن التاريخ يعتبر هو المادة الأساسية لكل المسرحيات التي كتبها سموه، معتمدا في ذلك على تأسيسه الأكاديمي، وسعة اطلاعاته، وتعدد قراءاته وبحثه المتواصل في عوالم التاريخ. «سرد الذات» أما الإعلامي الجزائري خالد عمر بن ققة فتناول كتاب “سرد الذات” الذي ألفه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي والذي لقي قبولا وأصداء واسعة في المشهدين المحلي والعربي، وحتى الدولي من خلال ترجمته إلى لغات أخرى، وأشار بن ققة إلى أنه انشغل في الكتاب بالحوار المتقاطع بين ذاكرته الشخصية وبين ذاكرة سموه، حيث عوالم الطفولة المتشابهة بين الشارقة والصحراء الجزائرية، وحيث المعاناة والقهر والآلام التي تسبب بها الاستعمار في كلا البلدين، وأوضح بن ققه أن ما أثاره في الكتاب هو البحث عن الظروف والصدف والملابسات والمكونات الاجتماعية المحيطة التي يمكن لها أن تصنع شخصية القائد والحاكم، وكيف أن حاكم الشارقة ربط حياته وتطلعاته بحياة وتطلعات المنطقة العربية بأسرها، ما يعكس القوة الداخلية والحماسة والانصهار والتمازج مع هموم وتطلعات البلدان العربية، وخصوصا تلك التي ابتليت بالاستعمار ومصادرة حرية وحقوق شعوبها. وتقاطعت ورقة الباحث المصري الدكتور أحمد عفيفي مع مداخلة بن ققه من حيث تناول الاثنين لكتاب “سرد الذات” ولكن من زاويتين مختلفتين، حيث تناولت ورقة عفيفي اللغة التي تضمنها الكتاب ووصفها عفيفي بأنها لغة سهلة ومتألقة وذات دلالات واضحة، وهي تعبر عن الشخصية النقية والمتسامحة لسموه، كما أنها لغة تتضمن الأمانة العالية والتواضع وعدم الاستعلاء على القارئ، وذلك فهي تتمتع بقدر كبير من الواقعية والحيادية. وأوضحت ورقة الدكتور عفيفي أن كتاب سرد الذات يعكس مدى الثراء والتنوع في الأسلوب الكتابي لدى سموه، مؤكدا على أن هذا الثراء نابع من التجوال والتطواف والأسفار الكثيرة لسموه وخصوصا في البلدان العربية ومنها جمهورية مصر التي درس بجامعاتها وارتبط وتفاعل وتأثر بثقلها وحضورها على مستوى الوعي العروبي والوحدوي ومقاومة كل أشكال الظلم والاستعباد والاستعمار الخارجي الملموس، والآخر الخفي والضمني والمضمر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©