الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: التشدد ضد المرأة أعراف بالية ولا يستند إلى الشريعة

العلماء: التشدد ضد المرأة أعراف بالية ولا يستند إلى الشريعة
14 أكتوبر 2010 20:45
تعيش مجتمعاتنا بين مطرقة التغريب وسندان الجمود مما يجعل الحاجة ملحة لتجديد الفقه وتحديث الخطاب الديني والتخلي عن التقاليد المجافية لمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، والتي تتشدد في قضايا المرأة وتتجاهل متغيرات العصر ومستجداته، وتدعو إلى عدم خروج المرأة من بيتها، وفصل النساء عن الرجال في جميع المرافق العامة، وقصر تعليمهن على مجالات محددة والخضوع التام للرجل. فكر متزمت ويقول الدكتور محي الدين عبدالحليم - أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر- إن الثقافة السائدة في المجتمع العربي سلبية ضد المرأة وتؤيدها وتزيدها رسوخا قنوات الفكر ووسائل الإعلام والتقاليد الاجتماعية المعادية للمرأة. وأضاف أن هناك الفكر المتزمت والمتطرف الذي يرى أن المرأة من الممتلكات الخاصة للرجل يفعل بها ما يشاء، فالنقاب هو الزى الشرعي لمظهرها، والطاعة العمياء هي المطلب اليومي لكل تصرفاتها وأفعالها وأقوالها. ويوضح أن أصحاب هذا الفكر يعتبرون الرجال قوامين على النساء بحكم ذكورتهم، لا بحكم ما أنفقوا، والمرأة عورة، وناقصة في العقل والدين، وهي مصدر الغواية والفتنة، وليس أدل على ذلك من الحديث المنسوب إلى الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه: “ إياك ومشاورة النساء، فإن رأيهن أحمق وضعيف “، وما نجده في كتب التراث السلفي، من أقوال تذم المرأة مثل كتاب “الإخبار بالنساء الأشرار” لإسماعيل بن نصر الساحي، وعنوان الكتاب يشير إلى ما يتضمنه من الأقوال المعادية للمرأة، ولذلك ذهب البعض إلى تحريم تعليم المرأة استنادا إلى أقوال مرسلة تقول “لا تعلموهن الكتابة، ولا تسكنوهن الأعالي”، لأن تعليم المرأة قد يدفعها إلى مراسلة من هو محرم عليها، وسكنها في الأعالي قد يتيح لها أن تنظر إلى ما لا ينبغي. إعادة نظر ويقول الدكتور عبدالحليم إن كثيرا من الدلائل والبراهين تشير إلى أن وضع المرأة في العالم العربي في حاجة إلى إعادة نظر بعد أن تعلمت وأصبح لها مكانة علمية وعملية، وعلى وسائل الإعلام العربية أن تتوقف عن عرض المرأة كسلعة في الإعلانات والمنوعات والأعمال الدرامية، ولابد من القضاء على الموروثات الثقافية السلبية ضد المرأة، وتقع هذه المسؤولية على الأسرة والمدرسة ومنابر الفكر والقنوات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني، والناشطين في مجال حقوق الإنسان وصناع القرار. وقال إننا في أحوج ما نكون إلى تصحيح صورتنا في العالم، ولابد أن يثبت العالم العربي صاحب الحضارة الأصيلة والتراث العتيد أنه ليس أقل تحضرا من غيره، وهذا يعني أن مشاركة المرأة أصبحت ضرورة لا غنى عنها فهي الآن المعلمة والطبيبة والباحثة والمهندسة والإعلامية والسفيرة والوزيرة، ولو تم حرمانها من هذه الأنشطة لتوقفت الحياة فهل من المنطق والعقل وكريم الخلق أن يصبح حصولها على مكانتها وحقوقها قضية محل جدل وحوار بعد أن أصبح من المعايير التي تستخدم الآن في قياس تقدم المجتمع؟ وأوضح أن مكانة المرأة في الإسلام تؤكد أن اختلاف الوظائف والخصائص لا يعد انتقاصا لها، لأن هذه المكانة لم تقتصر على كونها أول مؤمنة، وهي السيدة خديجة –رضي الله عنها– وأول شهيدة، وهي السيدة سمية، وأول مهاجرة وهي السيدة رقية زوجة عثمان بن عفان، بل تعدت المرأة ذلك فحكمت، وتولت القضاء، وجاهدت، وعلمت، وأفتت وباشرت الحسبة، وشاركت بالرأي، وأسهمت في بناء المجتمع. شقائق الرجال وأكد الدكتور عبدالرحمن عميرة- أستاذ الفقه وأصوله بجامعة الأزهر- عدم وجود نص في الشريعة الإسلامية يمنع المرأة من طلب العلم أو النزول إلى ميدان العمل جنبا إلى جنب مع الرجل، موضحا أن النساء في الإسلام شقائق الرجال، ولذلك لم تفرق الشريعة بين الرجل والمرأة في أي من نواحي الحياة، وجعلتها نصف المجتمع يحق لها أن تتعلم وتعمل وتشارك في الشأن العام وتؤدي دورها مع الرجل سواء بسواء ما لم يكن ذلك على حساب أنوثتها وحشمتها وعرضها، وان تبدي رأيها في كل شيء يتعلق بالمجتمع خاصة ما يمس النساء كصيانة حقوق الأسرة والأمومة والزواج والآداب العامة. وقال إن الإسلام ارتقى بالمرأة، وحرص على إعطائها مكانتها الحقيقية فأدت دورها بأكمل ما يمكن أن يؤدى، وساهمت بجهودها قولا وفكرا وعملا وتطبيقا. وفي سيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وفي سنته حضور واسع لنساء المجتمع، حيث يتحركن ويخرجن ويتفاعلن مع الرجال ويسألن فيما يخصهن بلا حرج. كما أن الإسلام أعطى المرأة حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالنصوص الدينية لم تفرق بين الرجل والمرأة في ذلك بل كانت عامة تشملهما. ويقول إن المواقف والأحاديث التي شهدتها النساء تمت الاستعانة بها في مواضع كثيرة لبيان الكثير من الأحكام الشرعية، لكن الجمود والتراجع الذي أصاب الأمة أدى إلى عدم النظر إلى هذه المواقف والأحاديث. وأضاف ان تأمل واقع المرأة المسلمة اليوم ينبيء عن جوهر المشكلة التي تنحصر في ممارسة الحجر والظلم والاستبداد باسم الدين والفهم الخاطىء لشريعته السمحة، وفقدان الهوية تحت ستار الثقافة والتقدم ومتغيرات العصر، ولذلك فتغيير هذا الواقع يحتاج الى خطاب ديني واع بحقائق الإسلام ومقاصد شريعته الغراء ويهدف إلى النهوض بالمرأة وتمكينها من أداء دورها الحضاري. ويقول الدكتور احمد محمود كريمة- أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- إن التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في هذا العصر كثيرة وهى ناتجة عن حالة التأزم والتراجع الفكري والثقافي التي تعيشها مجتمعاتنا، مضيفا أن العالم يتغير بسرعة هائلة، بينما بعض الطوائف المتطرفة تجمد الإسلام ونظرتها إلى المرأة ظلت كما كانت سائدة في عصور سابقة، وتتبنى مواقف ثابتة ضد سنة الحياة، ناتجة عن تراكمات تاريخية وتستمد قوتها من التراث والتقاليد والأعراف أكثر من اعتمادها على النص الشرعي. وقال إن التصدي إلى الأوضاع الجائرة التي تظلم المرأة وتخالف ثوابت الإسلام يتحقق بالعودة إلى أحكام الشريعة وتأكيد أن الإسلام حركة حياة، والرسول- صلى الله عليه وسلم- قال: “إن الله يبعث لهذه الأمة كل مئة عام من يجدد لها دينها” وهذا رفض للجمود والتقليد والعيش في القوالب الجامدة. مدرسة الاعتدال أكد الدكتور أحمد محمود كريمة أن السُنة تخلو تماما من أي فعل أو تصرف يؤذي المرأة أو يمس كرامتها ومكانتها الاجتماعية في سائر أدوارها، ولا يمكن التعلل بالفهم المغلوط لآيات القران الكريم للحجر على المرأة والتشدد في قضاياها وشؤونها مثل الاستناد إلى قوله تعالى:”وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى”، لان هذا أمر خاص بزوجات النبي- صلى الله عليه وسلم- وليس على إطلاقه، ويجب أن نعلي خطاب مدرسة الاعتدال التي كان من روادها الشيخ محمد عبده والشيخ محمد الغزالي وغيرهما، التي تؤكد أن للمرأة دورا رائدا في تربية النشء، والاضطلاع بمهام الأسرة، ولها إسهامها المهم في تطور المجتمع، ولها حقوق ذكرها العلماء المصلحون تستند إلى كتاب الله وسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©