الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المساجد في الإسـلام

المساجد في الإسـلام
14 أكتوبر 2010 20:45
المساجد بيوت الله ، وأحب البقاع إليه، وهي ملتقى المصلين حيث يؤدون صلاتهم جماعة، فهي أماكن العبادة ومصانع الرجال وتربية الأبناء والبوتقة التي ينصهر فيها المسلمون جميعاً، وكي نتعرف على دور المسجد فلا بد أن نعود إلى الأصل لنتعرف من خلاله على هذا الدور الكبير، فنجد الآيات القرآنية تتلألأ في كتاب الله الكريم وهي تتحدث عن هذا الدور : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ) (سورة النور، الآيتان 36،37) ، ويقول تعالى? أيضاً : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (سورة الجـن، الآية 18) . فعندما نتأمل في هاتين الآيتين الكريمتين، ونرجع إلى تفسيرهما، ونتعمق في ذلك فإننا نجد أنهما تبرزان دور المسجد ، ويمكن بيان ذلك فيما يلي : - أذن الله أن ترفع بيوته : ترفع معنوياً ومادياً وذلك بتعميرها وبنائها وتقديسها وتعظيمها ورفع شأنها، والعناية بها بناء وصيانة ونظافة ومن جميع النواحي، وكذلك عمارتها بالصلاة والذكر والتعليم، كل ذلك لتكون مهيأة لإقامة الشعائر الدينية وتيسيرها للمؤمنين، لأن الوظيفة الأولى للمسجد هي أنها أماكن عبادة يؤدي فيها المسلمون صلواتهم ويذكرون ربهم ويتفكرون فيما خلق الله وسخره لهم، ويجتمعون مع بعضهم بعضا في رحاب الإيمان، يرغبون في مرضاة ربهم، ساعين إلى المسجد بالسكينة والوقار، لقوله – صلى الله عليه وسلم - :(ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصَّلاة بعد الصَّلاة، فذلكم الرباط) (أخرجه مسلم). - كما وجعل الله المساجد ليذكر فيها اسمه وحده، فبيوت الله في الأرض المساجد، كما ورغب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بنائها، فقال– صلى الله عليه وسلم – (من بــنى لله مسجداً بـــنى الله له مثله في الجنة)(أخرجه الترمذي). - وكان –صلى الله عليه وسلم- يعلم المسلمين أمور دينهم في المساجد، وكانت هناك أيام تخصص للنساء، كما أنهن كن يشهدن جماعة المسلمين في المساجد لقوله –عليه الصلاة و السلام- : “ لا تمنعوا إماء الله مساجد الله”(أخرجه الشيخان) ، وظل التعليم بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- يمارس في المساجد قروناً طويلة قبل أن تنشأ المدارس والجامعات الخاصة ، فقد ورد أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “ من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله” (أخرجه أحمد وابن ماجه)، ومن المعلوم أن الرجال الذين يربون في المساجد، هم الرجال الذين يبنون النهضات، ويصنعون الحضارات، ويكونون أرقى المجتمعات . - فمن المسجد تخرج الصحابة الكرام الذين ملأوا طباق الارض علما. - ومن المسجد صدرت الفتاوى التي رسمت حياة المسلمين في شتى المجالات . - وفي المسجد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم- يستقبل الوفود، ويعقد المعاهدات . - وفي المسجد قام كتاب الوحي بكتابة كتاب الله تعالى . - وفي المسجد كتب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كتبه إلى الأمراء والحكام . - وفي المسجد كان - عليه السلام - يقضي بين المسلمين ويفض خلافاتهم . - وفي المسجد كانت تتم البيعة لولاة الأمر. أمور دنيوية فالمسجد مقر للحكم، ومركز للتعليم، فضلاً عن أنه مكان عبادة. ويمكن قياساً على ذلك أن يؤدي المسجد دوره ويستعمل لأمور دنيوية أخرى فيها خير للمسلمين، فلم يستعمل النبي -صلى الله عليه وسلم - المسجد لهذه الأغراض وغيرها من الاستعمالات الأخرى عبثاً، بل ليبين أن الدين تشريع متكامل، وأن أي نشاط اجتماعي هو نشاط ديني، ينبغي أن يستمد أصالته وهديه من الدين الذي يرمز إليه المسجد، ولكن عندما تطور المجتمع واتسعت الدولة الإسلامية تحولت بعض الأمور السابقة إلى أماكن أخرى خاصة تفي بالحاجة، وتؤدي الغرض كما نشاهد الآن، وذلك من خلال مؤسسات معينة تشرف عليها . إن دور المسجد هو جمع الأمة على اختلاف أجناسها وألوانها ولغاتها لعبادة الله عز وجل في أهم عبادة ألا وهي الصلاة، حيث إنها عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين. فدور المسجد هو دور جمع الناس والعمل على وحدتهم وجمع شملهم، والتأليف بين قلوبهم، فلا يجوز أن يفرق المسجد بين المصلين والمسلمين من خلال اختلافات وتباين في وجهات النظر، ومن هنا أُطلق على المسجد اسم الجامع لأنه يجمع ولا يفرق، يحتضن الجميع ويجعلهم كالجسد الواحد، إذا مرض أحدهم زاروه، وإذا أصابه خير هنأوه، وإذا أصابته مصيبة عزوه، قيل لأحد الشيوخ: أدرك المصلين في المسجد، يوشك أن يتقاتلوا، قال: علام؟ قيل بعضهم يريد أن يصلي التراويح ثماني ركعات، والبعض يريد صلاتها عشرين، قال: ثم ماذا؟ قال هم في انتظار فتواك . قال : الفتوى أن يُغلق المسجد فلا تصلى فيه تراويح البتة، لأنها لا تعدو أن تكون نافلة، ووحدة المسلمين فريضة، ولا قامت نافلة تهدم الفريضة!! آداب المسجد إن المسجد مصدر للقيم والمشاعر الروحية، فالسعي إلى المسجد، والصلاة فيه جماعة، وذكر الله، وتلاوة القرآن، والتسبيح والتهليل، والجلوس في المسجد على طهارة، وفي تواضع لانتظار الصلاة بعد الصلاة، والبعد عما يشغل الإنسان من أمور الدنيا، ليجعل المسلم في طمأنينة وهدوء وراحة نفسية ونفس راضية، فللمسجد آداب يجب الالتزام بها : - فقد جعل الإسلام لدخوله دعاء، وللخروج منه دعاء، قال عليه السلام: “ إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك”( أخرجه مسلم) ، كما أن الداخل إليه يصلي ركعتين تحية لهذا المكان لقوله عليه السلام : “ إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس”( أخرجه الترمذي) ، والجالس فيه يجب أن يكون في خشوع تام . - وقد حث الإسلام على الاهتمام بنظافة المساجد حرصاً على مشاعر المصلين ورعاية لها ولهم، حيث يقول عليه السلام: “ البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها”( أخرجه البخاري) . - وبين – عليه الصلاة والسلام - الأجر العظيم لمن يقوم بتنظيف المساجد، فقد جاء في الحديث : (في قصة المرأة التي كانت تقُّمُ المسجد فسأل عنها النَّبي – صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ماتت، فقال:”أفلا كنتم آذنتموني؟” فكأنهم صغروا أمرها فقال:”دلوني على قبرها فدلوه، فصلى عليها”)(أخرجه البخاري) . - وحثّ على ضرورة التزين والظهور بمظهر حسن ولائق عند ارتياد المساجد لقوله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(سورة لأعراف، الآية 31) ، فالنظافة وأخذ الزينة أمر إلهي صريح، وذلك أدعى للتقدير والاحترام بين المؤمنين، لأن نفس الإنسان ترتاح للطهارة والنظافة وهذا يساعد في تحقيق الانسجام والتآلف بين المسلمين . - كما ونهى الرسول – عليه الصلاة والسلام -عن البيع والشراء في المساجد، فقال – صلى الله عليه وسلم :? “ إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك”(أخرجه الترمذي) . -ولا يدخل المسجد من أكل طعاماً فيه رائحة كريهة وغير ذلك من المقتضيات الأخرى، حيث نُهينا عن تناول الأطعمة ذات الروائح النفاذة والمزعجة إذا أردنا ارتياد المسجد فقال – عليه الصلاة والسلام - :” من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم”(أخرجه الشيخان). - كما ولا يجوز لأحد أن ينشد ضالته في المسجد لقوله – صلى الله عليه وسلم : “ من سمع رجلاً ينشد ضالته في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا”(أخرجه مسلم) . إن كتب الفقه الإسلامي ذكرت الكثير من آداب المسجد، وهي تهدف من وراء ذلك أن تجعل المسجد واحةَ راحةٍ وهدوء، ليؤدي دوره في حياة الجماعة المسلمة على أكمل وجه. الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©