الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تأريخ الوطن بالشعر

تأريخ الوطن بالشعر
12 يوليو 2012
لا يعرف كثيرون أن الشيخ يونس القاضي هو صاحب النشيد الوطني المصري: “بلادي.. بلادي..”، التي تغنت به الأجيال خلال ثوراتها منذ العام 1919، وفي كل منعطف وطني أو أزمة. والقاضي هو صحفي وزجال ومؤلف مسرحي وسيناريست وكاتب أغان وأحد أوائل الرقباء على المصنفات الفنية... وواحد من الذين أثروا الحياة الفنية والأدبية في بدايات القرن الماضي. حول الشيخ يونس القاضي صدر كتاب “الأعمال الشعرية للشيخ يونس القاضي” جمع ودراسة وتحقيق د./ نبيل بهجت ويقع الكتاب في أربعة أقسام، الأول مقدمة ودراسة لنموذجين للمسرح الغنائي عنده وهما مسرحيتي “كلها يومين” التي قدمتها فرقة منيرة المهدية عام 1921، والثانية “مال الكنزي للنزهي” والتي كتبها شعراً ونشرها في مجلة “النيل” عام 1921 أيضا، وحاولت الدراسة الوقوف على خصائص المسرح الغنائي والشعري عند الشيخ يونس القاضي. وقدم القسم الثاني معظم قصائد القاضي المنشورة في الدوريات المختلفة مثل: (شوارع العاصمة، وصف رأس البر، ومصر جنة والنيل كوثر، وطلعت المحمل، وبعض المسرحيات الشعرية مثل “مال الكنزي للنزهي”). أما القسم الثالث فتناول الأغاني العامة والأناشيد مثل نشيد “بلادي بلادي” وتلك الأغاني التي وصفتها مجلة “الصباح” بالخليعة مثل “ارخي الستارة اللي ف ريحنا واستني علي شوية” و”كله الا كده”. أما القسم الرابع فضم الأشعار المسرحية. لقد كان القاضي واحدا من الذين آمنوا بضرورة خلق كل ما يدعم الشخصية المصرية وأخذ دور المربي والمعلم والناقد وهو ما نجده في قصائده المختلفة، ويكفيه أنه شارك في ثلاث ثورات مختلفة من خلال كلمات نشيده الخالد “بلادي بلادي”، ويقدم هذا الكتاب قصائده المنشورة في الدوريات المختلفة كما سعى لتقديم نصوص أغانيه المسرحية، والتي مازال العديد منها على هيئة مخطوطات بالمركـز القومي للمسـرح. ويعد الشيخ محمد يونس القاضي (1888 ـ 1969) واحداً من الرواد الذين أثروا الحركة الثقافية في بداية القرن الماضي، فعُرِفَ كزجال وصحفي وكاتب للمسرح، حيث بدأ حياته صحفياً في جريدة “المؤيد” و”اللواء”، وكتب للعديد من الصحف المعروفة آنذاك، كما نُشرت أزجاله في العديد من الصحف والمجلات، كـ”السيف” و”المسامير” و”الكشكول” و”اللطائف المصورة” و”إياك” و”العروسة”، وغيرها من الصحف والمجلات التي مثلت المصدر الرئيسي الذي اعتمد عليه هذا الكتاب. ويقول المحقق: لقد لاحظتُ ازدياد نشاطه في النشر والتأليف في عشرينيات القرن الماضي، فقمت بجمع أعماله لكي أقدمها للقارئ، خاصة وأن تلك الفترة حملت آمال وأحلام الشعب في التخلص من الاستعمار والاستقلال في إدارة شؤون البلاد وآلامه، إذ لم تؤتِ ثورة 1919 الثمار المرجوة منها وبدا ذلك واضحاً في رحيل وزارة سعد زغلول واستثمار إنجلترا لحادث مقتل السير لي ستاك الذي يؤكد البعض أنه من تدبيرها لفصل السودان عن مصر في عهد الوزارة السعدية، إلا أن سعد زغلول آثر أن يقدم استقالته على أن يرتبط اسمه بهذا الحدث، وخرج من الوزارة وقد حاز الإنجليز مكاسب جديدة تضاف إلى مشروعهم في تحجيم وتقليص النفوذ المصري الذي بدأ منذ محاصرة محمد على واستمر حتى الآن. وكان الشيخ يونس القاضي من أوائل من استجاب لهذه الدعوة وتحمس لها، ولقد أشار في حواره مع مجلة “المسرح” الذي نشر تحت عنوان “المسرح المحلي” إلى أسلوبه ومنهجه، فيقول: “لقد كتب الأستاذ أسعد أفندي لطفي في كوكب الشرق، وحسين مسعودي أفندي في المسرح يلومونني على تقاعسي في خدمة المسرح وهذا اللوم كان أكبر مشجع لي في تأليف اثنتي عشرة رواية أخرجت منها اثنتين ولدي عشر روايات: المساواة، المعذبة، والطاعة، والمداحة، وحاجب الظُرف، والجنون فنون، والوكيل، وحلاوة البخت، بنت غلطة، وأيضاً لدي أربعة مواضيع وضعت لها النقط أو كما يقول المهندسون الكروكي.. ولو رأيت إقبالاً من جانب المسارح التي تفضل التعريب على التأليف لاستطعت أن أخرج في العام عشرين قطعة، ولكن ما حيلتي وأصحاب الفرق ينصرفون عن الموضوعات المصرية إلى موضوعات تمثل عادات أمم أخرى”. وقد انصب اهتمام يونس القاضي في كثير من الأحيان على الموضوعات الاجتماعية وتصوير البيئة المحلية.وحول ذلك يعلق محمد عبد المجيد حلمي على رواية المظلومة، فيقول: “رواية المظلومة قطعة من الحياة المصرية ويجب أن نقول قطعة من الحياة الحقيقية، ومعنى ذلك أن الحياة المصرية ذات شعب عدة، وذات مناح مختلفة ولها أوجه عديدة، وصور مختلفة، وقد رأينا في روايات مختلفة أن الكتاب يخصون صورة من تلك الصور عنايتهم ويفحصونها فحصاً، ولكن رواية المظلومة تعطينا صورة مكبرة كثيرة الألوان للحياة المصرية في مظاهرها العديدة”. ويعلق ناقد آخر على مسرحية “حماتي”، فيقول: “والشيخ يونس مشهود له بالتفنن في أمثال هذه الروايات، فالرجل يغوص إلى أعماق العادات المصرية البحتة، ويدرس تلك المواقف العائلية التي تقع في البيوت كل يوم ثم يقدم صورها العديدة للمسرح المصري”. ويستهل ناقد مجلة “كوكب الشرق” في مقاله عن مسرحية “كيد النساء” قائلاً: “تعجبني الروايات المصرية التي يرى الشعب منها مظهراً من مظاهر حياته العامة، وتصور له مرضاً من أمراض حياته الاجتماعية”. نشرت القصائد في الكتاب حسب تواريخ نشرها الأول، الأقدم فالأحدث، ليقف قارئ اليوم على الحياة في تلك الفترة ويتعرف على طبيعتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©