الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستعداد للمستقبل بمعرفته

الاستعداد للمستقبل بمعرفته
12 يوليو 2012
أضحى علم الاستراتيجية منذ مدة ليست بعيدة من العلوم المهمة على مستوى الجامعات ومراكز البحث الأكاديمية والسياسية، وهو يعتبر مؤشراً موضوعياً على تطور علم السياسة. وقد تصدى لدراسة هذا الموضوع عدد مهم من الباحثين في الاختصاصات العلمية السياسية منها والاقتصادية والعسكرية والإدارية. وتعددت الأساليب والأدوات اللازمة للصياغة الاستراتيجية، غير أن من أهمها التفكير الاحتمالي والمعلومات والتنبؤ الاستراتيجي. في كتابه “التنبؤ الاستراتيجي/ دراسة في تأثير التفكير الاحتمالي والمعلومات” درس المؤلف د. محمد مصطفى جمعة اهم المتغيرات المؤشرة في صياغة الاستراتيجية في كافة مراحلها، بدءاً بمرحلة التحليل الاستراتيجي ومروراً بمرحلة الصياغة الاستراتيجية وانتهاء بمرحلة التنفيذ والتقييم الاستراتيجي. المتغيرات والقرار ويبرز بين المتغيرات موضوع التفكير الاحتمالي الذي يؤرخ لظهوره في عقد السبعينات بحسب الباحثين رايت وفيليب، اللذين تناولاه في عدة بحوث. ويعد التفكير الاحتمالي من المواضيع المهمة والحساسة ذات المساس بإمكانيات وقدرات صانع القرار على المستوى الاستراتيجي، في الهيئات القيادية. ومن هنا تأتي أهمية هذا المتغير الذي لم يأخذ قسطاً وافياً من الدراسة الأكاديمية على الصعيد العربي. فيمثل التفكير الاحتمالي والمعلومات حجر الزاوية في الدراسات المستقبلية والتي أخذت حيزاً وافياً من الاهتمام والانتباه عند عدد من الباحثين، ويعد من المواضيع الأساسية في بناء الاستراتيجيات وفي اتخاذ القرار، خاصة على صعيد القيادة الاستراتيجية، كما أن هناك جملة من الحقائق التي تزيد من أهمية الموضوع؛ منها انسجام متغيرات الدراسة مع بعضها من حيث اعتبارها الأدوات الاساسية في التفكير الاستراتيجي وبناء الاستراتيجية. ويعد التفكير الاحتمالي أحد المفردات الأساسية في نظرية اتخاذ القرار وتزايد الاهتمام بالمعلومات في عصر غير مسبوق في حركته، حيث أطلق عليه عصر الثورة المعلوماتية. التنبؤ كما يصفه المؤلف هو أحد الأساليب المهمة لاستكشاف المجهول واستطلاع مقدمات الزمن القادم، وامتلاك هذه الوسائل يعين صانع القرار على وضع خطة متكاملة تتعامل مع المرحلة القادمة. يعرض المؤلف كيف أخذت تتضح أبعاد متغيرات هذه الدراسة، كما أخذت تتبلور أهدافها التي يمكن تجسيدها بتعميق المعرفة في مجال التفكير الاحتمالي لما ينطوي عليه هذا الموضوع من تداخل في مجالات عديدة نفسية ورياضية وإدراكية وسياسية ومنطقية. وتفتقر المكتبة العربية إلى دراسات جدية في هذه المواضيع، ما يتطلب رفع مستوى اهتمام الباحثين في المواضيع والبحوث النمطية وفتح نوافذ أوسع لمجموعة من البحوث غير النمطية التي تعتمد سعة التداخل ما بين العلوم كافة. ويرى المؤلف ضرورة تحقيق التفاعل بين علم السياسة والعلوم العصرية المهمة مثل علم النفس والإحصاء والرياضيات والإدارة بما يخدم علم السياسة ويوسع من مداخل تطوره. وكذلك تقديم مادة علمية بحثية حديثة في مواضيع مهمة مما يزيد في معرفة الآخرين ويغني المسيرة العلمية في الجامعات العربية. يفرد المؤلف صفحات للبحث في المتغيرات التي تطرأ على مشكلة ما، وكيفية التعامل معها، ويطرح في هذا الصدد مجموعة من الأسئلة: هل توجد علاقة أساساً بين المتغيرات؟ وكيف يرتبط التفكير الاحتمالي بالمعلومات؟ وما العلاقة بين المعلومات والتنبؤ الاستراتيجي؟ وما نوع العلاقة بين التفكير الاحتمالي وبين التنبؤ الاستراتيجي؟ تداخل العلوم وفي ضؤ ذلك، يدعو المؤلف إلى اعتماد منهجية علمية تقوم على أساس منطقي يستند الى إثارة الفكرة في العقل المفكر ومن ثم بروز مشكلة وسعيه الى تأطير حدود المشكلة في تساؤلات، وتوضيح ماهية المشكلة وأبعادها. رسم المؤلف خطوات عمله هذا بما انسجم مع متغيرات دارسته التي تمثلت بوجود فكرة صيغت على شكل تساؤلات، وفي اعتماده على استدلالات منطقية، حيث اندفع صوب صياغات وفرضيات رئيسية وفرعية، الأمر الذي تطلب إجراء معالجات إحصائية لها بحسب وصفه ايضاً، قادت الى نتائج البحث على نموذج أساسي رصين ومن ثم الوصول الى جملة من الاستنتاجات والتوصيات. استعرض المؤلف ايضاً في المراجعة النظرية، المتغيرات وخصوصا دراسة التفكير الاحتمالي، وتناول موضوع التفكير، وموضوع الاحتمالات وتطرق فيه الى ماهية التفكير الاحتمالي. وعرض منطلقات أساسية في المعلومات، ونظمها، وفي السياسة ايضاً. وعرض كذلك منطلقات أساسية في التنبؤ الاستراتيجي، وأساليب ومداخل دراسة التنبؤ، والتحليل البيئي، والجانب التطبيقي، وفرضيات البحث، والنموذج والمتغيرات المعتمدة، وطرق قياسها، بينما عرض ايضاً الأدوات المستخدمة، وتناول المقارنة بين المؤسسات السياسية في متغيرات الدراسة. وختم المؤلف بعرض نموذج التعميم لنتائج الدراسة، وادرج الاستنتاجات والتوصيات الذي أكد على أهمية إدخال منهجية الدراسات الميدانية في الدراسات السياسية، واستخدام الوسائل الإحصائية فيها من قبل الباحثين، وإرساء مدخل جديد ومدرسة جديدة على علم السياسة تؤطر سباقاً علمياً مبتكراً في العراق والبلدان العربية مجتمعة. وذكر ان هناك ضرورة الاستفادة من تعميم نتائج البحث وتجارب سياسية عالمية تساعد على تحوير النموذج وليس العكس أي تكييف النماذج وفق نتائج البحث. وأهمية اعتماد الموسوعية اي الشمولية في فهم علم السياسة والاستراتيجية باعتبارهما علماً سياسياً يتغذى وتتغذى العلوم الأخرى عليه. وفي الانفتاح على كافة الاختصاصات والمجالات بما يخدم علم السياسة وليس العكس. والسعي الى تنشيط التفكير الاحتمالي واعتماده كمادة أساسية في الجامعات العربية وذلك لغياب المصادر العربية في هذا الموضوع. واعتماد النظرية القرارية والإدارية الاستراتيجية كمواد أساسية في قسم الاستراتيجية، والتأكيد على تناول المواد ضمن الفهم العام لكافة العلوم الأساسية كالسياسة والإدارة والإحصاء وعلم النفس. وعقد دورات تعليمية أكاديمية للمدراء العامين والقيادات العليا لإيضاح مفهوم التفكير الاحتمالي والتبؤ الاستراتيجي وتبيان خصائص هذه المتغيرات وأنواعها وأهميتها في النظرية القرارية والاستراتيجية. وأيضاً توعية الباحثين في المؤسسات والمراكز البحثية والاستشارية والتطويرية لاعتماد هذه المتغيرات لرفع طروحاتها النظرية وفق احتمالات ومشاهد مستقبلية عديدة، وإنشاء مركز بحثي يعنى بالدراسات الاحتمالية وفق سياقات علمية سياسية وإحصائية لدى معظم الجامعات العربية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©