الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنفاق غزة.. إخفاق إسرائيلي مستمر

أنفاق غزة.. إخفاق إسرائيلي مستمر
4 أغسطس 2014 00:38
شنّت إسرائيل هجوماً دامياً على قطاع غزة بذريعة وقف إطلاق صواريخ «حماس» على المدن الإسرائيلية. لكن التحدي الأكبر الذي يجابه الجيش الإسرائيلي يأتي من البرّ وليس الجو؛ ذلك أن شبكة الأنفاق المتطورة التي بنتها «حماس» وكانت بمثابة مفاجأة لمسؤولي الأمن الإسرائيليين، إذ أسفرت عن وقوع عدد كبير من القتلى في صفوف العسكريين، وبثت الخوف في قلوب كثير من الإسرائيليين. وقد أدرك المسؤولون العسكريون والاستخباراتيون والسياسيون الإسرائيليون على مدى سنوات أن مقاتلي «حماس» يتسللون إلى المدن الإسرائيلية من غزة عبر أنفاق تحت الأرض. وأوضح المتحدث العسكري الإسرائيلي خلال الشهر الجاري أن الجيش اكتشف أربعة أنفاق خلال الأشهر الـ18 الماضية، قبل بدء الهجوم البري الإسرائيلي. لكن مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين أكدوا في لقاءات أن أجهزة الجيش والمخابرات لم تدرك مدى عمليات «حماس» السرية تحت الأرض، ولم يتخذ القادة السياسيون إجراءات لمواجهة هذا التهديد الذي أصبح موضع التركيز الأساسي للحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، ويبدو أكبر إخفاق مخابراتي إسرائيلي منذ سنوات. وأفاد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، تحدث شريطة عدم الإفصاح عن اسمه، بأن الجيش قد اكتشف الآن أكثر من أربعين نفقاً، وهو ما يزيد على العدد الذي كانت تعتقد إسرائيل بوجوده، وأضاف: «إن عدد الأنفاق كان مفاجأة، وكذلك شبكتها المتطورة والمعقدة». وأكد مسؤولون أن القادة السياسيين والاستخباراتيين الإسرائيليين علموا أن الأنفاق محصنة بكتل خرسانية وبها أماكن لتخزين الأسلحة والطعام. لكن المحللين الاستخباراتيين والمسؤولين السياسيين لم يدركوا أن الأنفاق تتسع بما يكفي لانتقال عدد من مقاتلي الحركة الإسلامية إلى إسرائيل في وقت واحد، ولم يتخيلوا كثرة الأنفاق التي تنتهي أطرافها داخل الخط الأخضر. وقال الجنرال المتقاعد في الجيش الإسرائيلي، «جيورا إيلاند»، الذي عمل مستشاراً للأمن القومي الإسرائيلي بين عامي 2004 و2006: «بالطبع لم نعرف كل هذه التفاصيل ومدى تعقيد شبكة الأنفاق، ولا أعتقد أنه كانت لدينا صورة كاملة»، مضيفاً: «لكني أؤكد أننا لم ندرك بشكل كامل النتائج العملياتية لاستخدام الأنفاق من قبل حماس». وذكر «إيلاند» أن المخابرات الإسرائيلية علمت مواقع بعض الأنفاق، لكن المحللين لم يدركوا بعض التفاصيل مثل قوة الخرسانة المستخدمة في بناء الأنفاق، وهو أمر مهم لمعرفة ما يلزم لتدميرها، وفهم كيفية استخدامها في تخزين الصواريخ والمتفجرات، وإدراك ما إذا كانت تتسع بما يكفي لاستيعاب عدد كبير من المقاتلين. وتابع: «كانت كافة هذه التفاصيل التقنية ضرورية في توقع ما إذا كان من المرجح أن تستخدم حماس هذه الأنفاق في شن هجمات داخل إسرائيل». ورغم تركز الانتباه العام على الخسائر الهائلة جراء الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، فإن الجدل المحتدم داخل إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة يدور بصورة أساسية حول ما تعرفه الأجهزة العسكرية والمخابراتية عن هذه الأنفاق والتهديد الذي تمثله لإسرائيل. وينذر ذلك بمحاسبة سياسية للإخفاقات الاستخباراتية بمجرد انتهاء الهجوم البري. لكن ذلك اليوم ربما لن يكون قريباً، حيث أكد نتنياهو، الخميس الماضي، أن الهجوم الحالي سيستمر حتى يتم تدمير جميع الأنفاق، رغم الضغوط الدولية المتزايدة المنادية بوقف العدوان. ونوّه نائب رئيس قسم الأبحاث لدى «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، «جونثان سكانزر»، إلى أنه من دون شك، لم يتم اكتشاف مدى الأنفاق حتى بدأت العملية البرية في بداية يوليو، مضيفاً: «باغت عددُ وتعقيد وتطور شبكة الأنفاق القوات الإسرائيلية». وأقر مسؤول استخباراتي أميركي أن عدد الأنفاق أكبر مما كان يعتقد الإسرائيليون. لكنه لم يعلق على التقييم الأميركي لإجمالي عدد الأنفاق أو ما إذا كان يختلف عن التقييم الإسرائيلي. غير أنه أشار إلى أن المحللين الأميركيين توصلوا إلى أن استخدام الأنفاق في شن هجمات داخل إسرائيل يمثل تطوراً جديداً في أساليب «حماس» العسكرية. بيد أن المسؤولين الإسرائيليين علموا في بداية عام 2006 أن «حماس» يمكنها شن عمليات عبر الأنفاق، كتلك التي تشنها الآن. وفي ذلك العام خرج مجموعة مقاتلين من نفق يبلغ طوله مئات المترات على مقربة من موقع تابع للجيش الإسرائيلي. وأسروا هناك الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وعادوا به إلى غزة، وظل في الأسر لما يزيد على خمسة أعوام، ثم أطلق سراحه مقابل أكثر من ألف فلسطيني في السجون الإسرائيلية. وخلال العام الذي أعقب أسر شاليط، أصدرت الأجهزة الرقابية في إسرائيل تقريراً قاسياً تُلقي فيه باللوم على كبار المسؤولين العسكريين بسبب «الإخفاق المستمر» في إغلاق الأنفاق. وأشار التقرير إلى تعامل الجيش بشكل معيب مع هذا «التهديد»، وأوصى باستخدام تكنولوجيا من شأنها منح الحكومة تحذيراً مبكراً وتوفر معلومات استخباراتية، إلا أن هذا النظام لم يتم تطويره إلى الآن. وظهرت مؤخراً دلالات على أن الأنفاق أصبحت أكثر عدداً وتطوراً من السابق. وأدركت إسرائيل أن هذه الأنفاق باتت تمثل «خطراً ضخماً» منذ أكتوبر الماضي، عندما اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقاً طويلا تحت مزرعة في منطقة «عين حشلوشة»، شرق الحدود مع غزة. وكان النفق ضخماً، إذ بلغ طوله ميلا ونصف الميل، بعمق 66 قدماً تحت الأرض. وبعد خمسة أشهر من اكتشاف نفق «عين حشلوشة»، في مارس 2014، عثر الجيش الإسرائيلي على نفق آخر من غزة. وأظهرت الصور تسليحه بخرسانة وتجهيزه بأسلاك كهربائية. ومع كل اكتشاف، حاولت إسرائيل تدمير الأنفاق التي تعثر عليها، لكن الجيش لم يشن هجوماً شاملا على الشبكة بأسرها. كما أن المخابرات الإسرائيلية لم تكن تدرك أن الأنفاق التي تعثر عليها ليست سوى جزء صغير من العدد الإجمالي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©