الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات الأميركية البريطانية

3 أغسطس 2014 22:35
عندما صوّت مجلس العموم البريطاني الصيف الماضي محبِطاً دعوات الانضمام إلى الولايات المتحدة في تدخلها العسكري المحتمل ضد نظام بشار الأسد في سوريا، أثار بذلك موجة قوية من الجدل الداخلي بشأن ما إذا كانت الروابط القوية التي لا تنكسر بين لندن وواشنطن قد تعرضت لضربة خطيرة. وفي ذلك الحين، عنونت صحيفة «صن» البريطانية صفحتها الأولى بنعي حول «رحيل العلاقة الخاصة»، التي أسسها كل من «وينستون تشرشيل» و«فرانكلين روزفيلت»، عن عمر يناهز 67 عاماً. وبعيداً عن مبالغة الصحيفة، فقد باتت هذه المخاوف واقعية؛ ذلك أن المغامرات العسكرية الأميركية البريطانية الحديثة، خاصة في كل من أفغانستان والعراق وليبيا، لم تمض على ما يرام. وفي أوج الأزمة المالية العالمية، كانت برلين -وليست لندن- هي محور الاتصال السريع مع المسؤولين في واشنطن. وفي غضون ذلك، تقلص نفوذ بريطانيا داخل أوروبا بشكل كبير، في خضم تساؤلات منطقية حول قدرة لندن أو رغبتها في توجيه القارة وفق ما يروق لواشنطن. وبلغت الشكوك مداها خلال الأشهر الأخيرة، منذ أن بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفكيك أوصال أوكرانيا. وقد اتخذت الولايات المتحدة، التي تواجه أكبر تحدٍ أمني في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، موقفاً متصلباً نسبياً، وفرضت مجموعة من أقسى العقوبات على موسكو. ومن جانبها، ترددت أوروبا. ولبعض الوقت بدا وكأن بريطانيا مؤيدة لرد أقل قوة على التحركات الروسية حيال أوكرانيا. وأشارت دلالات كثيرة إلى أن لندن ستضع مصالح قطاعها المالي فوق التدابير العقابية التي ربما تكبح جماح بوتين. ولكن ذلك تغير إثر إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية رقم «17» فوق شرق أوكرانيا. وفي غضون أيام، كان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون داخل أروقة مجلس العموم يحاول تحفيز زملائه الأوروبيين وإحراجهم، من أجل الانضمام إلى الولايات المتحدة بهدف ضمان محاسبة روسيا بسبب ما يعتقد أنه دور واضح لها في تدمير الطائرة الماليزية. ولم يتحرج كاميرون من ذكر الأسماء، مشيراً إلى أن الصفقة الفرنسية لإرسال سفن حربية إلى روسيا ستكون تطوراً «غير معقول» بالنسبة للمملكة المتحدة. وأسفر ذلك عن اتهامات بالنفاق من جانب باريس، إذ أشار السياسيون الفرنسيون إلى أن لندن لطالما كانت الوطن الثاني الدافئ لأباطرة النفط المقربين من بوتين. بيد أنه في النهاية ربما ساعد حضّ كاميرون لنظرائه الأوروبيين على التحرك نحو إبرام اتفاق يسمح للولايات المتحدة وأوروبا معاً، بإعلان سلسلة من التدابير المنسقة التي تستهدف قطاعات الدفاع والمالية والطاقة الروسية. وفي هذه الأثناء، جرى ذكْر حزمة التدابير تلك في واشنطن بما يجعل علاقاتها مع لندن علاقة خاصة من جديد. وقد أزالت الغمام عن طبيعة العلاقات بين أميركا وأوروبا. ومجدداً أصبحت عودة بريطانيا إلى دورها كجناح أميركي في أوروبا، في قلب دائرة الضوء مرة أخرى، وذلك يوم الخميس الماضي مع صدور تقرير برلماني أعلن أن «حلف شمال الأطلسي» (الناتو) غير مستعد لمواجهة التهديد الروسي. ودعا التقرير، الذي أصدرته لجنة شؤون الدفاع في مجلس العموم البريطاني، أوروبا إلى توخي الحذر واليقظة حيال التحدي الذي يمثله النهج الروسي الانتقامي بعد عقود من الهدوء وعلاقات التعايش السلمي. وأوصى التقرير بزيادة حضور / وجود «الحلف» في دول البلطيق المعرّضة لخطر التدخلات الروسية. كما حضّ الدول الأوروبية على ضخ أموال في جيوشها التي تعاني نقصاً في الميزانيات الدفاعية، والتي أصابها الضعف في خضم التراجع الاقتصادي للقارة العجوز خلال الأزمة المالية الناشبة فيها منذ عام 2008. ولطالما ناشدت واشنطن أوروبا باتخاذ مثل ذلك الموقف، لكن التقرير المذكور سيساعد على ضمان وضع القضية في مقدمة الأجندة عندما يجتمع زعماء «الناتو» في اجتماع قمتهم نصف السنوية، بحلول سبتمبر المقبل، وهي المرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة التي تستضيف فيها بريطانيا مثل هذا الاجتماع. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©