الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القمة الأميركية الأفريقية وقضايا القارة السمراء

3 أغسطس 2014 22:35
السود الذين يتطلعون للدفاع عن الرئيس الأميركي «باراك أوباما» ضد نظرائهم، الذين يزعمون أنه -كرئيس - لم يفعل أي شيء على وجه الخصوص «للسود»، لديهم الكثير من الأدلة ليقدموه هذا الأسبوع وسيكون لديهم المزيد الأسبوع القادم. فالرئيس الأسود الأول، ابن أحد المهاجرين الأفارقة، هو أيضا أول من يعقد مؤتمر قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا، المقرر أن تبدأ فعالياته رسميا الأسبوع المقبل. ولكن آلة الرئيس بدأت بالفعل في ترديد بعض التلقينات، حيث يطلب الرئيس من الأفارقة الكف عن تقديم الأعذار وإلقاء اللوم عليه، بينما تقوم السيدة الأولى باحتضان سلالتها الأفريقية وأخواتها الأفريقيات! وفي الوقت ذاته، فإن «الجمهوريين» في مجلس الشيوخ، والذين يعتزمون منع أوباما من القيام بأي شيء منطقي، قد خلقوا جموداً دبلوماسياً. فقد تم تجميد أوضاع 30 مرشحاً لمنصب السفير وذهبوا في طي النسيان، مع منعهم من تمثيل المصالح الأميركية في نحو ربع العالم، وظلت سفاراتهم من دون قيادة مستقرة. هؤلاء المرشحون ينتظرون حالياً التصديق عليهم من قبل مجلس «الشيوخ»، لكن أعضاء المجلس من «الجمهوريين» لن يصوتوا. ويشعر وزير الخارجية جون كيري بغضب فظيع في حدود ما يسمح له به منصبه كدبلوماسي. ومن بين هؤلاء السفراء هناك ثمانية على الأقل يمثلون الولايات المتحدة في دول أفريقية هي: سيراليون والنيجر وناميبيا والكاميرون وليسوتو وموريتانيا وزامبيا والجزائر. (وقد ذكرت إحدى وسائل الإعلام أن عدد هذه الدول يصل إلى 13). وعليه، فإن إدارة أوباما تحاول خلق روابط مع القادة الأفارقة هنا، مع وجود هذه المفارقة الواضحة وهي أنها غير قادرة على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع العديد من الدول هناك. ويرى النائب «الديمقراطي» عن ولاية نيويورك جريجوري ميكس، وهو الرئيس المشارك لمجموعة العمل الأفريقية بكتلة النواب السود بالكونجرس وعضو لجنة العلاقات الخارجية، أن «هذا يبعث برسالة تفيد بأن الولايات المتحدة غير مهتمة». وهو يريد من «الجمهوريين» في مجلس الشيوخ «الكف عن ممارسة الألعاب السياسية» وإعطاء «أوباما» حد الستين صوتا التي يحتاجها للموافقة على هذه التعيينات حتى يتمكن الأفارقة والأميركيون، خاصة الأميركيين من أصل أفريقي، من القيام بمشروعاتهم. ومن جانبه، يوضح «موسي تيسي»، الأستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة ولاية «تينيسي» الوسطى والمحرر بصحيفة دراسات السياسة الأفريقية، أن السفير هو واحد من أهم قنوات الاتصال على أرض الواقع بين مجتمعي الأعمال في دولتين، بما في ذلك أعمال الاستيراد والتصدير. وهو أيضا القائد فيما يتعلق بالتبادلات الثقافية، سواء كانت تعليمية أو تثقيفية. ويحذر «تيسي» من أنه دون وجود السفير، فلن تتمكن الولايات المتحدة من الاستفادة من نفوذها بطرق تعود بالنفع على كافة الأطراف - هذا النفوذ الذي تهتم دول مثل الصين واليابان والبرازيل بتطويره بسرعة مع العديد من الدول الأفريقية البالغ عددها 54 دولة. وأعطى الأستاذ بجامعة ولاية «تينيسي» الوسطى مثالا: جماعة «بوكو حرام» التي قامت باختطاف 200 فتاة نيجيرية من مدرستهن في ربيع هذا العام، والتي تنشط أيضا في كل من الكاميرون وتشاد. وأوضح أنه من دون وجود سفير أميركي في الكاميرون لجمع المعلومات والتعاون مع الآخرين، فسيترك ذلك «فراغا» من الممكن استغلاله – وسيتم استغلاله. ولعل القضية الأهم لا تتمثل في عرقلة الأعضاء «الجمهوريين» بمجلس الشيوخ أو في رمزية أوباما التي لم تعد مثيرة كما كانت عام 2008، ولكن في كيفية قيام أفريقيا بتطوير نفسها وفقا لشروطها. فبعد كل شيء، كما يذكرنا البعض، فإن الولايات المتحدة قد أقيمت على أرض مسروقة. فهل تعتبر الولايات المتحدة قوة استعمارية جشعة جديدة في أفريقيا في القرن الحادي والعشرين، تحاول دفع القوى الاستعمارية الجديدة والجشعة الأخرى بعيدا عن طريقها؟ وإذا ما قلنا إن هذه القارة تواجه قضايا خطيرة، فهذا تصريح مقتضب. فقد تسبب تفشي وباء الإيبولا في جعل سيراليون، وهي إحدى الدول الأفريقية التي ليس بها سفير للولايات المتحدة، تعلن حالة الطوارئ. كما أن الدول والشركات في جميع أنحاء العالم تحدث تغييرات جذرية في الزراعة في أفريقيا - وهي أيضا تطرد صغار المزارعين خارج أراضيهم كي تتمكن من القيام بذلك. ومن ناحية أخرى، فإن انتهاكات حقوق الإنسان في بعض الدول الأفريقية لا يمكن تجاهلها بسهولة، ولا يجب ذلك. وعند التحدث عن حقوق الإنسان، فيجب أن نذكر ليس فقط أن «فتياتنا» لم يتم إرجاعهن بعد مرور أكثر من مائة يوم، ولكن أيضا أن جماعة «بوكو حرام» قامت هذا الأسبوع باختطاف زوجة نائب الوزير الكاميروني وهي أيضا مسؤولة عن قيام فتاة تبلغ من العمر عشرة أعوام بتفجير نفسها في حرم الكلية النيجيرية. لكن هذه القارة كانت دائما تواجه قضايا خطيرة، على الأقل منذ أن بدأ تقسيمها واغتصابها بكل طريقة ممكنة من قبل القوى الأوروبية خلال مؤتمر برلين لعام 1886. وإذا ما كانت القمة الأميركية الأفريقية ستؤدي إلى مزيد من التصنيع والتصدير من قبل أفريقيا، فسيكون النجاح حليفها، كما يتنبأ «تيسي». ويضيف أنه «لا يمكن لدولة أن تتقدم بالاستيراد فقط. وهذه هي مشكلة أفريقيا الرئيسية. وفيما يتعلق بالديمقراطية، فإن الاستثمارات يمكنها أن تكون أداة الولايات المتحدة في التأثير على الحكومات الأفريقية لكي تحكم البلاد بأسلوب ديمقراطي». ولكن إذا كانت القمة، وقضية السفراء ليستا إلا فرصة لتقسيم القارة - ولكن بصورة كريمة، هذه المرة! – فقد يكون من المناسب، في الذكرى الخمسين لاستقلال أفريقيا، القيام بما يشير إليه أوباما على ما يبدو: الكف عن تقديم الأعذار، واحتضان تراثنا ورفع نحو 60 علما على جانبي الأطلسي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©