السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحرب الغذائية».. رد الروس على العقوبات

3 أغسطس 2014 22:35
مع اتجاه الولايات المتحدة وأوروبا لفرض المزيد من العقوبات على روسيا، أصبح الخبراء المتخصصون بعلم الأوبئة والأمن الغذائي في موسكو يعملون في الأوقات الإضافية. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أعلنت كبريات الوكالات والمؤسسات العاملة في قطاع التجارة الاستهلاكية والمواد الغذائية ذات المنشأ الزراعي في روسيا عن اكتشاف مستويات ضارة من المضادات الحيوية في الدواجن المستوردة من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عوامل تلوث في منتجات الألبان المستوردة من أوكرانيا، وبكتيريا أيضاً في المأكولات الأميركية السريعة. فما السر الكامن وراء هذا الخرق لقوانين حماية المستهلكين؟ وهل يكون من محض الصدف أن تأتي هذه المواد الغذائية الملوثة من دول شاركت في فرض عقوبات على روسيا بسبب دعمها للانفصاليين الثائرين في القطاع الشرقي من أوكرانيا؟ وهل من المحتمل أن تكون قد أرسلت لإثارة غضب الكرملين؟ كل هذه الاحتمالات واردة ولا تحتاج إلى تأكيد في تحليلات وتأويلات الوكالات الروسية المتخصصة. إلا أن الخبراء يقولون أيضاً إن الحظر الذي فرض على استهلاك بعض المواد الغذائية الملوثة يمثل إيماءات مسيّسة على النمط الدبلوماسي الروسي التقليدي. وتوحي هذه الإيماءات بأنه، نظراً إلى أنه من الصعب فرض الضغوط السياسية والعسكرية على روسيا، فقد فضل الغرب مواجهتها عن طريق تلويث الفواكه والأجبان والمأكولات السريعة! وفي هذا السياق قال قسنطنطين سونين الأستاذ المحاضر في المعهد الاقتصادي العالي في موسكو: «في روسيا، توجد بشكل دائم وكالة تنظيمية أو بيئية أو ذات أي اختصاص آخر للعمل وابتداع مثل هذه الإيماءات». وأشار «سونين» إلى أن مثل هذه «التكتيكات» السياسية شائعة في روسيا. وفي إطار ربطه بين هذا الاكتشاف والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، أشار «سونين» إلى أن الوقت الذي أثيرت فيه هذه القضية، والإيعاز بنشرها على أوسع نطاق في وسائل الإعلام المملوكة للدولة، كلها من العوامل التي تؤكد افتراضه. وكان رد الفعل الروسي على العقوبات المسارعة إلى حظر مشتقات الألبان الأوكرانية. وبالفعل، تم منع بيع هذه المواد في الأسواق الروسية منذ اندلاع الانتفاضة الأوكرانية المضادة للرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش في شهر فبراير الماضي، ثم ما لبثت قرارات منع بعض المواد الأخرى أن صدرت أيضاً في أواخر شهر يوليو الماضي. ولعل من الغريب كذلك أن الفواكه والخضراوات الواردة من دولة مولدوفا التي وافقت حكومتها هذا الصيف على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كان مصيرها الحظر والمنع من دخول السوق الروسي. وخلال الأيام القليلة الماضية، توسعت الحملة الروسية لتحديد الواردات الأجنبية من المواد الزراعية والغذائية المحظورة. وفي يوم الجمعة الماضي، أعلن المسؤولون الروس عن حظر معظم أنواع الحبوب الواردة من أوكرانيا، ومنعوا استيراد العديد من المواد الغذائية من بولندا، وهم يحضرون الآن لتوسيع قائمة السلع الممنوعة بحيث تشمل الفواكه والخضراوات التي تستورد من دول الاتحاد الأوروبي، والدواجن المستوردة من الولايات المتحدة، وسلسلة العلامات الشهيرة للمأكولات الأميركية السريعة مثل «ماكدونالد» و«بيرجير كينج» و«كي. إف. سي» وفقاً لما أشارت إليه التقارير. وعلى نحو منفصل، أعلنت سلسلة مطاعم «ويندي» أنها بصدد اتخاذ قرار بإغلاق محالها في روسيا. وعلى رغم أن الحكومة الروسية لم تعلن رسمياً عن حظر المواد الغذائية المستوردة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلا أن ذلك لم يمنع وسائل الإعلام المملوكة للدولة من الإشارة إلى أن روسيا يمكنها أن تبقى في أمانها الغذائي من دون استيراد المنتجات الغذائية الموبوءة من الخارج. وتستورد روسيا نحو ربع استهلاكها من المواد الغذائية من الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه المنتجات يمكن تعويضها أيضاً. وقالت قناة «روسيا 24 ساعة» الإخبارية إن من الممكن استيراد هذه المواد من تركيا وإيران والأرجنتين. وكان لهذه الأوضاع أن تثير قلق مصدري المنتجات الزراعية والغذائية في أوروبا والولايات المتحدة، وقد تركتهم في حالة من الحيرة حول الطريقة التي يمكن بها أن يمرروا منتجاتهم إلى السوق الروسي في ظل إجراءات الحظر الجديدة، وأصبحوا يشعرون بالقلق الشديد بعد أن أصبحوا جزءاً من اللعبة السياسية. وكان «جيمس سومنير» رئيساً للمجلس الأميركي لتصدير الدواجن والبيض مسؤولاً عن صادرات الدواجن إلى روسيا لمدة تزيد على ربع قرن. وفي تلك الأيام كانت روسيا تشتري أكثر من 40 في المئة من إنتاج أميركا من الدواجن. وفي الوقت الراهن، انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 7 في المئة من مجمل الإنتاج. وقال «سومنير» إنه بسبب هذه الاعتمادية التاريخية للروس على الدواجن الأميركية، كان الروس يبالغون في إصدار توجيهاتهم وشروطهم حول الطريقة التي يتم بموجبها التعامل مع الدجاج الأميركي قبل تصديره إليهم. ويقول سومنير: «خلال الأشهر الستة الماضية، بدا وكأنه لا وجود لأي تغيير في أساليب فحص واستلام المنتجات. ويبدو أن مما يثير الاستغراب أن تخضع تلك المنتجات الآن لمثل هذه الإجراءات من الفحص والتدقيق المتزايد. ويأتي هذا السلوك بعد فترة طويلة من التعامل الجيد مع المسؤولين الروس». ومن الجدير هنا الإشارة إلى أن الدواجن الأميركية سبق أن استهدفت من قبل. وكانت أحدث الحملات التي أثيرت ضدها قد نظمت في عام 2010. وكانت الحرب الإعلامية المضادة لمنتجات «مكدونالد» موجهة بعناية من الوكالات المدافعة عن الصحة العمومية في روسيا. ويتوقع محللون أن تزداد «حرب الأغذية» ضراوة وخاصة مع عزم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي زيادة العقوبات المفروضة على روسيا. وقد حذر خبراء أيضاً من أن تلجأ روسيا لمواجهة هذا التحدي الغربي عن طريق خرق معاهدات مراقبة الأسلحة الاستراتيجية أو اللجوء لخيارات أخرى مثل زيادة القدرة النووية الإيرانية أو إطالة أمد الحرب الأهلية الدائرة في سوريا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©