الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر...حوار سياسي لكبح الصراع على السلطة

مصر...حوار سياسي لكبح الصراع على السلطة
12 يوليو 2012
عاد البرلمان المصري الذي يهيمن عليه الإسلاميون للانعقاد أول من أمس في تحد صارخ للجنرالات الذين حلوه الشهر الماضي. وسرعان ما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً مؤداه أن الرئيس المنتخب حديثاً قد تصرف على نحو غير قانوني بإعادة البرلمان للانعقاد، وهو ما يدفع في اتجاه مواجهة حتمية بين رئيس الدولة الجديد وهذه المحكمة التي خدمت مبارك في السابق. وفي علامة على أن المواجهة لن تنتهي سريعاً، بادر مسؤولو "الإخوان المسلمين" بالتشكيك في حق المحكمة في إصدار حكم ضد قرار الرئيس، وتعهدوا بمواصلة الصراع. في أول جلسة يعقدها عقب صدور قرار الرئيس بإعادة انعقاده قال رئيس مجلس الشعب"سعد الكتاتني" الذي ينتمي شأنه شأن الرئيس لجماعة "الإخوان المسلمين" لأعضاء المجلس:"لقد دعوتكم للانعقاد بناء على القرار الصادر من الرئيس". ولكن العديد من الجماعات الليبرالية التي يفوقها "الإخوان" و"السلفيون" في البرلمان عدداً بفارق كبير، قاطعوا جلسة الثلاثاء على أساس أن قرار مرسي يتعدى على صلاحيات القضاء. وبعد ساعات فقط من اجتماع النواب، أصدرت المحكمة الدستورية العليا بياناً جديداً قضت فيه ببطلان قرار رئيس الجمهورية بإعادة انعقاد البرلمان. ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية، قد يؤشر على أن انتقال مصر المضطرب نحو الديمقراطية بات يدار على نحو متزايد في قاعات المحاكم، بيد أن هذا في واقع الأمر يغطي على صراع أكبر عمقاً بكثير مع مؤسسة الجيش، الذي ظلت مسيطرة على مقدرات البلاد خلال ستة عقود كانت الـ30 عاماً الأخيرة منها تحت حكم مبارك. وقال القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين" محمود غزلان في تصريح له لوكالة "رويتزر" إن حكم المحكمة الأخير كان مرتبطاً بالجيش... وأوضح ما يقصده بقوله:"إنه جزء من الصراع على السلطة بين المجلس العسكري والرئيس، الذي يمثل الشعب وهو صراع يستخدم فيه القادة العسكريون القضاء لفرض إرادتهم". في حرب استنزاف قد تستمر لسنوات، يسعى الإسلاميون الذين تعرضوا طويلاً للقمع تحت نظام مبارك وخلفائه العسكريين، إلى دفع الجنرالات خارج المجال السياسي، وإصلاح المؤسسات، التي مازالت مليئة بالمسؤولين الذين ينتمون لعهد مبارك. في ميدان التحرير الذي تجمع فيه المحتجون في المساء دعماً لقرار مرسي، سرعان ما تحولت الهتافات من تأييد الرئيس إلى شجب قرار المحكمة وارتفعت صياحات المحتجين" باطل... باطل". وأشارت جماعة "الإخوان المسلمين" أنها لن تتراجع. كما وصف حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ما يحدث بأنه"لعبة خطرة". وأضاف"نافعة"، الذي كان معارضاً نشطاً لنظام مبارك ومن الداعمين للاحتجاجات التي أطاحت به:" آمل أن يكون هناك مخرج سياسي ما للأزمة الحالية من خلال مفاوضات مباشرة بين الرئيس وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة". بخلاف البيانات الصادرة من "الجماعة" والمجلس العسكري، والذي يناقض كل بيان منها الآخر، لم تكن هناك علامات ظاهرة على وجود صدام بين الاثنين حيث بدا الرئيس والمشير طنطاوي، الذي حكم البلاد بعد تنحي مبارك مرتاحين في التعامل معاً أثناء المناسبات العامة سواء قبل صدور قرار الرئيس أو بعده. ويرى الخبراء أن الجنرالات قادرون على المحافظة على نفوذهم من خلال التفاوض على نحو هادئ مع "الإخوان" من وراء ستار، خصوصاً وأنهما ظلا يلتقيان معاً على نحو منتظم خلال الفترة الانتقالية، وإن كان الدبلوماسيون الأجانب يقولون إن العلاقات بين الاثنين آخذة في التوتر على نحو متزايد، وتحديداً منذ أن تراجع "الإخوان" عن وعدهم بعدم الترشح للرئاسة. أما السياسي الإصلاحي محمد البرادعي فقد كتب في حسابه الشخصي على "فيس بوك" أن الضمير الوطني يتطلب عقد اجتماع عاجل بين الرئيس وممثلي الهيئة التشريعية والمجلس العسكري للوصول لحل سياسي وقانوني لتجنب انفجار الأوضاع في البلاد". في الوقت نفسه، أدلت وزيرة الخارجية الأميركية "هيلاري كلينتون" بتصريح قالت فيه:"ندعو بقوة للحوار وتنسيق الجهود من جانب الجميع في مصر للتعامل مع المشكلات التي يمكن تفهمها، ولكن التي يتعين حلها مع ذلك لتفادي حدوث، أي نوع من الصعوبات التي يمكن أن تخرج عملية التحول الديمقراطي عن المسار الذي تمضي فيه". والدول الغربية التي توجست طويلاً من الإسلام السياسي، والتي تبدو الآن راغبة في التعامل مع الإخوان المسلمين، راقبت الاضطراب الحاصل في مصر عن كثب، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة القلقة بشأن استقرار مصر التي تعتبر أول دولة عربية تعقد معاهدة سلام مع إسرائيل. ومن المقرر أن تلتقي كلينتون بالرئيس مرسي خلال زيارتها للعاصمة المصرية المقرر لها 14 يوليو الحالي. ويتوقع الخبراء السياسيون حدوث المزيد من الجدل والنزاعات في المستقبل، وخصوصاً فيما يتعلق بعملية كتابة الدستور. وفي هذا الخصوص يُشار إلى أن المجلس العسكري، وفي قرار له الشهر الماضي قد منح نفسه حق تشكيل لجنة كتابة الدستور، إذا ما واجهت اللجنة التي تم اختيارها من قبل البرلمان أي عوائق. علماً بأن لجنة سابقة لهذه اللجنة قد تعرضت للحل من قبل القضاء. ويشار إلى أن هناك المئات من القضايا القانونية مرفوعة في الوقت الراهن أمام طائفة من المحاكم منها قضايا متعلقة بالطعن على قرار مرسي الأخير، وصحة الجمعية المنوط بها كتابة الدستور، وكذلك انتخابات الغرفة العليا من البرلمان(مجلس الشورى). إدموند بلير القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©