بيروت - اف ب: اغتنم بعض سكان ضاحية بيروت الجنوبية الذين فروا على عجل من احيائهم المدمرة بفعل القصف الاسرائيلي تعليقا موقتا وجزئيا في الغارات الجوية للملمة الاغراض التي تركوها خلفهم· واغلق عناصر ''حزب الله'' المداخل الى منطقتي حارة حريك وبئر العبد اللتين لحق بهما دمار هائل حيث انهارت عشرات المباني فاقامت سواتر ترابية ومنعت الدخول الا لسكان الحي·
وكان محمد الرشيد البالغ من العمر 27 عاما وشقيقته ميادة ممن استجمعوا شجاعتهم ودخلوا الضاحية لفترة وجيزة لمعاينة الدمار، وقال وهو يحمل كيسين وبعض الاغراض فيما ضمت شقيقته وسادتها المفضلة ''نجا المبنى حيث منزلنا لكن الحي مهجور·· نحن ثمانية افراد استأجرنا شقة على شاطئ البحر في بيروت''·
وكان الجيش الاسرائيلي قرر تعليق عمليات القصف الجوي لمدة 48 ساعة حتى يتمكن من تبقى من سكان جنوب لبنان من مغادرة المنطقة التي تعتزم اسرائيل القضاء على اي وجود لـ''حزب الله'' فيها، وايجاد مأوى قبل استئناف الهجوم· واوضح محمد الذي يعلم الرياضيات في احدى المدارس بدولة الامارات العربية المتحدة ''عدت الى لبنان لأتزوج لكن هذا المشروع بات مؤجلا واضطرت خطيبتي للجوء الى سهل البقاع وفي مطلق الاحوال لم نعد نشعر بالاندفاع للزواج·· الوقت الان للحداد''·
وكانت هذه الاحياء التي يسكنها نصف مليون شخص تغص بالحياة والحركة قبل اندلاع العدوان الاسرائيلي وهي اليوم مقفرة وقد انتقل سكانها الى مناطق اخرى من بيروت حلوا فيها في مبان عامة او حدائق ومواقف للسيارات· وقال محمد ''لست من انصار حزب الله بل ان قناعاتي يسارية·· انظروا الى شقيقتي فهي ليست محجبة، لكن اسرائيل ستجعل منا جميعا انصارا للحزب بسبب سياسة الارض المحروقة التي تنتهجها والمجازر التي ترتكبها''· وتابع ''كيف يمكن في القرن الحادي والعشرين ان يقبل العالم بمثل هذا السلوك؟ هل ان الصحافيين يقومون بعملهم على الاقل؟ هل عرضتم مشاهد قانا الفظيعة؟ هؤلاء الاطفال الرضع المطمورون تحت الانقاض؟''، في اشارة الى مجزرة قانا الجنوبية التي استهدفتها غارة جوية اسرائيلية ادت الى مقتل اكثر من 60 مدنيا فجر الاحد·
وعبر الشاب فوق زجاج محطم ليدخل مع شقيقته الى سيارته المركونة على مقربة من حاجز ''حزب الله''، وقال المسؤول عن الحاجز الذي يلقبه رفاقه ''الحاج'' ''انه من الحي يمكنه المرور''، فيما كان شبان يتجولون ذهابا وايابا الى الاحياء في دراجات نارية صغيرة، واضاف ''نتخذ هذه الاجراءات من اجل سلامتكم''··اتسمعون؟ ثمة طائرة اسرائيلية بدون طيار تحوم فوق المنطقة''· واحتمى ثلاثة شبان تحت جسر دمرته القنابل الاسرائيلية كان يربط الضاحية الجنوبية بمطار بيروت، وقال احدهم واسمه سام ''ما زال هناك سكان في احياء الضاحية بالرغم من انقطاع الكهرباء''·
ولن يكون من الممكن لسكان الضاحية الجنوبية احصاء الخسائر قبل ان تتحول الهدنة الى وقف لاطلاق النار· وقال سعد كيال (37 عاما) وهو مدير شركة تأمين ''دمر اكثر من عشرة الاف مسكن''· وتساءل ''من سيعيد بناء كل هذا؟ حزب الله؟ وفي هذه الاثناء سننصب خايما في وسط بيروت لعشرات الالاف من المشردين؟''·
عدد اليوم
