الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

زاتوبيك «جنرال المسافات الطويلة» يدفع ثمن مساندة الحرية

زاتوبيك «جنرال المسافات الطويلة» يدفع ثمن مساندة الحرية
12 يوليو 2012
نيقوسيا (ا ف ب) - يعتبر مراقبون كثر سباق 5 آلاف م في دورة هلسنكي عام 1952، الأفضل على هذه المسافة في تاريخ الألعاب الأولمبية، لا بل يعدونه من “كلاسيكياتها الخالدة”، هو سباق حضره 70 ألف متفرج، وجمعت “قاطرة العصر” التشيكوسلوفاكي اميل زاتوبيك والفرنسي الن ميمون والبلجيكي جاستون ريف قاهر زاتوبيك في سباق دورة لندن 1948، والإنجليزي الخطر كريستوفر شاتاواي والألماني هيربرت شاد. يتذكر ميمون السباق ويصفه بالمعركة المفتوحة بقوله “كل منا كان يبذل طاقته ويتقدم ليتصدر حين تسنح له الفرصة، وليس كما يحصل حالياً حيث يتلطى العداؤون خلف “الأرنب” في المقدمة ويتحينون الفرصة للانقضاض بواسطة السرعة النهائية في الأمتار الأخيرة”. وأضاف: “بداية، تصدر الإنجليزي جوردون بيري ثم زاتوبيك بعدما تجاوز ريف وشاد، وحاولت قدر الامكان أن أبقى قريباً منه طمعاً في ميدالية أولمبية ثانية، رأيته في منتصف السباق وقد فتح فمه ومد لسانه وتدلت رقبته وهي العلامات التي تشير إلى وهنه المتصاعد بينما يكون في كامل قوته، وفي اللفة الأخيرة كان لا يزال في الصدارة، وكل منا يراقب الآخر ليدركه في السرعة النهائية، اعتقد انني ارتكبت خطأ كبيراً بعدم المبادرة إلى ذلك إذ لربما كنت أنا الفائز، وترددت حين لاحظت اقتراب شاد خلفي، كان ريف أصبح بعيداً قليلاً وشاتاواي خلفنا، لم ينتظر زاتوبيك طويلاً فشن هجومه في المئتي متر الأخيرة، وعند المنعطف الأخير تعثر شاتاواي ووقع أرضاً (قبل 80 م من خط النهاية) واستلحق نفسه بحلوله خامساً، في حين كان زاتوبيك يمضي إلى حصد الذهبية التي أهدرها في دورة لندن، وبقيت خلفه حتى النهاية”، وقد اعترف ميمون لاحقاً “تحقيقي المركز الثاني إنجاز، لأن زاتوبيك لا يمس، انه من عالم آخر”. سجل زاتوبيك 6: 06: 14 د، وميمون 4: 07: 14 د، وشاد 6: 08: 14 د، لكن سقوط شاتاواي جعل منه نجماً، علماً انه اعترف لزملائه بعدها انه كان تعباً جداً ولم يقو على المثابرة حتى النهاية. وبعد عودته إلى بريطانيا حظي بفضل “حظه العاثر” بشعبية كبيرة ما اسهم في انتخابه نائباً ثم تعيينه وزيراً، ولولا ذلك السقوط لتمكن أربعة عدائين من تسجيل زمن دون الـ 10: 14 دقيقة. واحتفظ زاتوبيك بعدها بلقبه في سباق 10 آلاف متر معززاً رقمه الأولمبي (00: 17: 29 د) وتلاه الفرنسي ميمون، وقرر خوض الماراثون للمرة الأولى من أجل تثبيت هيمنته أكثر فأكثر، وفي منتصف السباق، ظهر في المقدمة السويدي جوستاف يانسون لكن لفترة قصيرة، إذ تفاعل زاتوبيك سريعاً مع الامر وأخذ زمام المبادرة ليقود الصدارة وحيداً وبعيداً في ما يشبه المهرجان والاستعراض الخاص، وكأنه يخوض سباق 10 آلاف متر واجتاز خط النهاية مسجلاً 2: 03: 23: 2 ساعة، بفارق نحو 5: 2 دقيقة عن الأرجنتيني رينالدو جورنو الثاني (00: 35: 25: 2 س)، وجاء يانسون ثالثاً (00: 07: 26: 2 س). دخل زاتوبيك الاستاد المكتظة مدرجاته بحشد كان يهتف بصوت واحد باسمه، وكان احتفال “القاطرة” مزدوجاً، إذ أحرزت زوجته دانا انجروفا زاتوبيكوفا في الوقت عينه ذهبية رمي الرمح (47. 50 م)، وهما ببساطة متناهية حصدا لتشيكوسلوفاكيا أربع ذهبيات. سجل زاتوبيك انتصاراته الثلاثة في غضون اسبوع، مقدماً تراجيدياً مفعمة بكل ما يتناب ويختلج في الصدور من مشاعر، إداء يلخص صراع الإرادة والتصميم، كان “يقتل” خصومه، يقضي عليهم واحد تلو الآخر، إذ يضع سيناريو الانقضاض محدداً البداية ومقرراً النهاية، ويتلذذ في معاناته حتى الفوز المشبع. خلال سباق الماراتون في هلسنكي، لم ينس زاتوبيك الابتسام وهو يرد التحية للجمهور المحتشد على طول المسار، تبادل أحياناً كلمات مع ركاب السيارات المرافقة، المندهشين من سطوته، لاحظوا هدوءه وثقته، فلم ينقصه حينها إلا أن يتوقف ويوقع اوتوغرافات او يبدي رأيه بالمناظر الجميلة. في الاستاد، كان المتفرجون متلهفين لوصوله خصوصاً انه بات يعرف من حركة جسده وانقباضات وجهه، عبر خط النهاية ورفض ان يلتف ببطانية تقيه من الهواء حمله إليه مسعف، واعتذر منه بلباقة قائلاً: “شكراً لا حاجة لي بها، أنا انهيت هرولتي اليومية”. رقي زاتوبيك الى رتبة نقيب في الجيش، ولاحقاً رفع إلى رتبة عقيد وشغل منصب مدرب المنتخب، ثم جرد من كل شيء وكاد أن يصبح نكرة بعدما حرم من مميزات الإنجاز إذ دفع ثمناً غالياً لشجاعته ودعمه للحرية ووطنيته في أحداث “ربيع براغ” عام 1968. دار دولاب زاتوبيك “سنوات” إلى الخلف لكنه ظل شجاعاً متفائلاً محباً للحياة، “نفي” بعيداً من زوجته يعمل حفارا للابار ولا يتمكن من رؤيتها إلا مرة كل أسبوعين، لكن عزاءه ومتنفسه الوحيدين بقيا في ان عمله في الهواء الطلق وسط الغابات والريف، وحزن بعض الشيء لأنه لم يعد في مقدوره الاعتناء بالحديقة الصغيرة بجوار منزله إلى أن “رضي عنه” بعد سنوات فنقل للعمل في قسم التوثيق في اللجنة الأولمبية في براغ، واعترف انه بات من الرياضيين القدامى أصحاب الشهرة “لكني لم اتقاعد من العمل وانا مستعد دائماً للمساعدة في اي موقع لابقى مفيداً”. ويتذكر انه طمح دائماً لتقديم الأفضل وتحقيق الإنجازات، “لكن ذلك تطلب كداً وتعباً وتدريباً يومياً مكثفاً لتحطيم الأرقام وإحراز الألقاب، تماماً كالاشغال الشاقة، لكني كنت استمتع بها”. وتوفي زاتوبيك يوم 22 نوفمبر عام 2000 عن عمر 78 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، حسب ما أعلنت إدارة المستشفى العسكري في براغ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©