الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفريقيا.. النسيج البنغالي!

14 يوليو 2015 00:06
إذا أرادت أفريقيا الثراء، فربما تكون نقطة البداية الأفضل هي تجارة الملابس. ويشير التاريخ إلى أن طريق الثروة بالنسبة للأمم يمضي عبر الصناعة، ولاسيما أنها توفر فرصة لنقل كثير من الناس بسرعة من الزراعة المنخفضة الإنتاجية إلى الوظائف المرتفعة الإنتاج من دون أن تطلب حصولهم على كثير من المهارات الجديدة في البداية. وصناعة الملابس تبدو بداية ملائمة بشكل مثير للإعجاب، لأنها لا تحتاج لكثير من البنية التحتية الباهظة التكلفة، أو السكان المهرة الذين يمكنهم توريد وصيانة ماكينات باهظة التكلفة، كما أنها توفر فرص العمل لكثير من العمال أصحاب المهارات المحدودة. وبمجرد دخول العمال عبر بوابات المصنع، سيدعم ارتفاع إنتاجيتهم وإيراداتهم التحسينات في البنية التحتية والتعليم والخدمات، ويدعم أيضاً مزيداً من النمو. وخلال العقود القليلة الماضية، شهدنا تأثيرات مذهلة لذلك، بينما انتقلت الاقتصادات إلى أعلى سلسلة القيمة من خلال منتجات بسيطة إلى أخرى فارهة، ولا ننسى الآن عندما كانت عبارة «صنع في اليابان» تعتبر مزحة تثير الضحك في الغرب، ولكن اليابانيين تمكنوا من تعزيز مكانتهم على صعيد الصناعة العالمية إلى درجة أنهم ينافسون في أحدث وأدق الصناعات. وفي المقابل، تركت اليابان الصناعات ذات المهارات المحدودة لبعض دول الجوار مثل كوريا الجنوبية والصين، التي أصبحت هي أيضاً الآن ثرية بما يكفي لجعل دول أخرى تجذب بعض الأعمال التي لا تتطلب مهارات كثيرة. ولكننا نفكر عادة في توجيه الأعمال إلى فيتنام أو بنجلاديش وليس أفريقيا. ولكن يبدو ذلك بدأ يتغير، إذ تشير «وول ستريت جورنال» إلى أن إثيوبيا أصبحت مؤخراً تعتبر وجهة لشركات الملابس حسب شركة «ماكينزي»، التي أجرت استطلاعاً لآراء مسؤولين تنفيذيين يشترون بضائع سنوية بنحو 70 مليار دولار. وبذلك تُذكر دولة أفريقية للمرة الأولى إلى جانب بنجلاديش وفيتنام وميانمار. ومع تحول آسيا إلى منطقة أكثر ثراء، تتحول أنظار الشركات العالمية إلى أماكن أخرى فيها عمالة رخيصة. وحسبما تشير الصحيفة، يحصل العامل في أي مكان في الصين على أجر يتراوح بين 150 و300 دولار شهرياً، في حين أن نظيره في أثيوبيا يحصل على 21 دولاراً فقط. وهذه الفروق في الرواتب تبدو مغرية. ومع ذلك فلا يزال هناك كثير من العقبات لابد من التغلب عليها. فقطاع الصناعة الأفريقي في الوقت الحالي نقطة على الرادار مقارنة بالصين، وسيستغرق وقتاً طويلاً كي يشهد الثورة ذاتها التي شهدناها في أماكن أخرى. واللحاق بركب النمو يستغرق بعض الوقت ليكتسب زخماً. وهناك كثير من العراقيل التي تحول بين أفريقيا وبين تحقيق هذا الهدف، مثل مشكلات البنية التحتية الأساسية، حيث لا يهم مدى ضعف الأجور، إذا لم تكن هناك أية طرق جيدة لتوصيل المنتجات إلى الموانئ، أو إذا لم تكن هناك موانئ جيدة أصلاً. والصراعات المسلحة أيضاً من بين العقبات الأخرى التي تواجه القارة السمراء. ويضاف إلى القائمة الفساد أيضاً، وخصوصاً أنه عند مستوى معين كما كانت الحال في العراق قبل أعوام قليلة يعيق الفساد النمو، ولكن لا أتصور أن جميع الدول تحتاج إلى المستويات السويدية المرتفعة في مكافحة الفساد كي تحقق نمواً اقتصادياً. وفي حين أن الفساد قضية مدنية كبيرة، لكن كثيراً من الدول الآسيوية نجحت في تحقيق قدر معقول من النمو من دون تطبيق برامج مثل «مكافحة الفساد» أو «الحكم الرشيد»، بشكل قياسي. وعلى الصعيد الاقتصادي، فلابد من توافر شروط لبعض الدول الأفريقية كتوافر طاقة كهربائية موثوقة وبنيات تحتية وخدمية أقوى وأكثر جودة! وبالطبع السؤال المتبقي هو هل ينبغي علينا أن نشجع الشركات العالمية الباحثة عن الأرباح على أن تحول الوظائف الصناعية إلى أفريقيا إذا كانت ستدفع مثل هذه الأجور المتدنية جداً. وربما لن تكون مفاجئة إذا كانت إجابتي التي لا لبس فيها هي: «نعم». ولننظر فقط إلى البدائل التي ستتوافر أمام الناس الذين يريدون العمل في ظروف بالغة الصعوبة في مصانع مقابل 21 دولاراً شهرياً. ولذا فإن نقل الوظائف إلى إثيوبيا أو أية أي دولة أخرى في أفريقيا، سيكون جيداً بالنسبة للأشخاص الذين يرزحون في فقر مدقع. ميجان مكاردل* * كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©