الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

د ماكاين:الشرق الأوسط هو المنبع الأساسي للهندسة في العالم

د ماكاين:الشرق الأوسط هو المنبع الأساسي للهندسة في العالم
4 فبراير 2010 19:17
عشرون عاماً أمضاها إد ماكاين Ed McCann في “دراسة الهندسة”، لأنها بالنسبة إليه لا تقتصر على الدراسة الأكاديمية إنما هي شغف ومتابعة واهتمام، خصوصاً أن إد تخصص في أبحاثه ودراساته بالمباني الأثرية الضخمة التي بنيت قديماً وشكلت في هندستها نوعاً من الإعجاز إلى درجة أن تحليل بعض تقنيات وبناء هذه المباني بقي في الإطار النظري الترجيحي في مقاربات علمية لها، لذا كثر الحديث عن “الأسرار الهندسية” وعن البحث وراء تحليل رغبة الإنسان في الخلود وفي العظمة من خلال بناء مبان ضخمة جداً خصصت في غالبيتها للمعابد أو القبور قليل منها شكل مدينة أو بلدة للسكن (البتراء التي بنيت من خلال النحت في الصخر كانت مأهولة غير أنها احتوت مبان دينية وقبور لسكانها بطبيعة الحال). يقدم إد ماكاين في ست حلقات على قناة ناشيونال جيوجرافيك-ابوظبي، برنامجاً تحت عنوان “معالم أثرية عملاقة” يتناول فيه الأسرار الهندسية والتحليلات العلمية وراء عجائب هندسية أثرية لا تزال تبهر العالم بشكلها وضخامتها وأسرارها، وذلك كل ليلة خميس. وفي اتصال مع ماكاين، المقيم في لندن، كان حوار حول البرنامج وحول اهتمامه الشخصي بالمعالم الأثرية العملاقة، فهو يشغل منصب مدير شركة “إكسبيديشن إنجينيرينج” للهندسة المدنية في لندن، ويرأس حاليًا عمليات إنشاء مضمار سباق الدراجات الهوائية لأولمبياد عام 2012 وجسر المشاة في منطقة نورث شور. وهو مهندس معتمد، حاصل على زمالة الجمعية الملكية للفنون، وهو عضو في مؤسسة مديري المياه والبيئة المعتمدين، وله العديد من البرامج التليفزيونية حول الهندسة القديمة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. الحضارات القديمة شكل الإعداد للبرنامج بالنسبة لـماكاين متعة وامتياز، فكما يقول “قليل من المهندسين حول العالم تتاح لهم فرصة قضاء بعض الوقت متأملين وباحثين بالمباني الضخمة القديمة التي اعتبرت نوعا من عجائب العالم. وقد أتيحت لي هذه الفرصة ونحن نعد ونصوّر البرنامج، وكنت قد أجريت أبحاثاً دقيقة حول كل مبنى تمّ اختياره للعرض في هذه الحلقات الست”، وأشار إلى أن اختيار المعالم الستة كان موفقا من قبل إدارة قناة الناشيونال جيوجرافيك في أبوظبي التي تبث بالعربية، إذ أنهم حاولوا ووفقوا في اختيار المباني التي يمكن اخبار قصة جيدة عنها، ويضيف “كل معلم في كل حلقة بوسعه أن يغني المشاهد بالكثير من القصص، ولكننا عملنا على تقديم قصة تتماشى وطبيعة البرنامج في تحليل ومناقشة هندسة هذه المباني. كل معلم يعبّر عن الحضارات القديمة ويدلّ على معتقدات ناسها وطريقة عيشهم”. سؤال الخلود والعظمة، كان من دون أدنى شك وراء بناء هذه المباني العملاقة، ويشرح إد ماك كاين ببساطة هذا الأمر مستعيناً من ملاحظته لأولاده وهم ينمون ومحاولاتهم لبناء شيء ما، معتبراً أن منبع البناء من دون أدنى شك هو “هذه الرغبة في ترك أثر لمرور الإنسان، كعلامة تشير أنهم كانوا هنا وقد شيدوا هذا البناء الضخم، وبالنسبة لي كمهندس يعمل حالياً على إنشاء مضمار سباق الدراجات الهوائية لأولمبياد عام 2012، أشعر بشيء رائع كوني أنتمي إلى المجموعة التي تهندس المباني منذ آلاف السنين في مختلف أنحاء العالم بدءا من الشرق الأوسط نزولاً إلى أفريقيا... إن السؤال عن البقاء بعلامة ما من الأمور التي اهتممت بها جدا في مشاريعي وأبحاثي، ووجدت أنه من الطبيعي أن تعبر كل حضارة عن تواجدها وعظمتها بالمشاريع الضخمة التي تبقى وتدلّل عليها، ومن الطبيعي أن يسعى الانسان لترك أثر وراءه”. ظواهر هندسية أما لماذا كانت المباني الضخمة القديمة التي أدرجت في التاريخ ظواهر هندسية في غالبيتها قد خصصت إما للمعابد أو للمقابر (تاج محل في الهند مثالاً)، فيشير ماكاين إلى أن التعبير الحضاري من خلال هذه الأعمال جاء أساساً ليفوق التوقعات الاعتيادية لكأنه الذروة في الهندسة، ولم يبنى من أجل الاستخدام العادي مثل بناء الأسواق التجارية والمنازل العادية، فقد بني أساساً ليكون أقصى تعبير عمّا توصلت إليه هذه الحضارات وتعبيراً عن قوتها الاقتصادية في الوقت عينه. وبالتالي جاءت هذه المباني لتعبّر عن أقصى ما طمحت إليه الحضارات التي شيّدتها. ويتابع “إنها المسألة عينها حين نتحدث عن الألعاب الأولمبية في هذا العصر، فإننا نحتفل بما نعتبره مهمّاً في ثقافتنا وليس بوسعنا أن نبني شيئا عادياً حين يكون الأمر يعنينا بالعمق... وبالتالي أجد أن المفهوم عينه استمر منذ القدم إلى يومنا هذا”. ولا يعتقد إد ماكاين بأن الشعوب القديمة الحضارية امتلكت وسائل تكنولوجية أكثر تطوراً من وسائلنا اليوم، فتمكنت من تشييد مبان مثل الأهرامات في مصر التي لا تزال هندستها موضع بحث حتى يومنا هذا، إنما يرى أن ثمة معرفة تحققت وأساليب امتلكها هؤلاء اندثرت لعدة أسباب مع الزمن وربما بفعل عوامل عديدة، مشيراً إلى أن جزءاً من هذه المعرفة لم يندثر ويستخدمه المهندسون المدنيون حول العالم، ولكنهم بنوا على هذه المعرفة وباتوا يمتلكون تكنولوجيا متطورة ومعرفة أكثر تقدماً. وثمة ما يسعى المهندسون الى اكتشافه عبر البحث والدراسة لهذه المباني التي بقيت من الحضارات القديمة. ويجد ماكاين أن ما قامت به الناشيونال يوجرافيك- أبوظبي هو برنامج يعيد اكتشاف هذه المعرفة والتكنولوجيا وعرضها على المشاهدين، وبطبيعة الحال احتاج ذلك لكثير من البحث والدراسة لأن الهندسة قديماً كانت أكثر تعقيداً وحاولنا الإجابة عن احتمالات كيفية بناء هذه المعالم، فالبرنامج، بحسب ماكاين يشبه الكنز الذي يكشف عنه للمشاهد. الفرضيات الصحيحة ويرى أن الكثير من الأجوبة لا تزال غير متوفرة إلى يومنا هذا، وذلك عند سؤاله عن الأسرار الهندسية لبناء الأهرامات، وقال “بوسعنا التحدث مطولا وإعطاء احتمالات قابلة للنقاش ولإعطاء محاضرات تبدأ ولا تنتهي، لكن الحقيقة هي أننا لن نعرف أبداً أي الفرضيات هي الصحيحة، أو كيف تم بناؤها، والسبب أننا لم نكن نعيش في تلك الفترة، لم نكن هناك. وبالطبع هناك لغز وراء بناء الأهرامات، سواء كانوا يملكون تكنولوجيا متطورة تفوق تكنولوجيا اليوم أم لا، ولكنني شخصياً، لا أعتقد أنها مسألة امتلاك التكنولوجيا.. إنه التحدي غير العادي الذي دفع الإنسان كي يتمكن من تحقيق هذه المنجزات بمجرد إزميل ومطرقة، وهذا ما يدعو إلى الدهشة.. أن يتمكنوا من تشييد ما بنوه من دون اللجوء إلى جهاز الكمبيوتر الذي نمتلكه اليوم ومن دون الآلات الضخمة والأدوات المتطورة، فبمجرد أن يتمكنوا من فعل ذلك بظروف أقل من عادية هو ما يدفع إلى التعجب والدهشة”. وحول الفن والهندسة، سألته- كون العديد من الدراسات تشير إلى أن الفنون جاءت قبل الهندسة- عن رأيه بالفن والهندسة معاً، وإن كان الفن والهندسة يعبّران ويحدّدان مفاهيم حضارة معيّنة؟ فرأى ماكاين أن المباني العملاقة أو المعالم الأثرية العملاقة هي تعبير عمّن بنوها، وهؤلاء ينتمون إلى مجتمع ما بطبيعة الحال، وأنه هنا لا يكمن البحث فيما قاموا به بقدر ما يشكل ما قاموا به من تراث بحت، والتراث يعني المنتج الذي أنتجوه. وبالنسبة لي العلاقة بين الفن والهندسة شديدة البساطة، فمن المستحيل تخيّل بناء هذه المباني العملاقة من دون أن تكون انعكاساً للفن الذي طوّروه وتحرير ما يكتنزوه من تعبير فني، لذا حين أنظر إلى هذه المعالم، أجد أنها سجل رائع لمنحوتات لهذه العلاقة المترابطة بين الفن والهندسة في مرحلة تاريخية معينة من التاريخ البشري. فالهندسة بالنسبة لي هي هذه المعالم الفنية وحين نتحدث عن المعالم الضخمة، فإنها أيضاً هذا التعبير في سعيها لأن تكون أعلى أكثر وأكثر نحو الآفاق. ولا يخف إد ماكاين اهتمامه الذي ينصب في الغالب على معالم أثرية في الشرق الأوسط، معتبراً “أن هذه المنطقة كانت فيما مضى متطورة جداً وقد مدّت العالم منذ آلاف السنين بالحضارة وكانت من أساسات التطور العلمي والتكنولوجي الذي توصل إليه عالم اليوم... وهذا سبب كاف بالنسبة لي لأنجذب إلى هذه المنطقة، فمنابع الهندسة الاساسية ومنذ زمن قديم جداً هي من الشرق الأوسط”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©