الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كندا: الانسحاب قبل اكتمال المهمة

كندا: الانسحاب قبل اكتمال المهمة
18 يوليو 2011 22:25
لورا كينج قندهار الهواء البارد المنبعث من المكيفات الهوائية بقاعة الاجتماعات العسكرية الشبيهة بالكهف لم يكن بالقوة الكافية ليحرك الأعلام الكندية البلاستيكية المتدلية من الخيط الطويل لكي ترفرف. وبعض الحضور كان يتلوَّى في مقعده سأماً خلال خطاب وداعي طويل ألقاه جنرال أفغاني. ومع انتهائه انتهى كل شيء. ويمكن القول إن النهاية الرسمية للمهمة الحربية الكندية في أفغانستان، التي احتفل بها في مراسم أقيمت الأسبوع الماضي بالقاعدة الرسمية للناتو في الجنوب، مثلت أول خروج من ساحة المعركة لعضو رئيسي في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. ومع انسحاب 2850 جندياً من القوات الكندية المحاربة، يكون الستار قد أسدل على مشاركة حليف بادر إلى إرسال قوات إلى أفغانستان خلال الأيام الأولى للحرب التي يقارب عمرها الآن عشر سنوات. ويمكن القول أيضاً إن معظم دول التحالف التي لديها قوات في أفغانستان لم تُخفِ رغبتها في السير على خطى كندا، ولاسيما في أعقاب قرار أوباما سحب 33 ألف جندي أميركي، أي حوالي ثلث مجموع القوات هناك، بنهاية الصيف المقبل. وفي هذا الإطار، قال ساركوزي، الذي يزور أفغانستان هذا الأسبوع، إنه يعتزم سحب 1000 من أصل الـ4 آلاف جندي فرنسي الموجودين في أفغانستان بنهاية العام المقبل. ذلك أن شعوراً بالانزعاج والقلق بشأن المهمة الأفغانية بدأ يزداد في فرنسا، ولاسيما في أعقاب مقتل خمسة جنود فرنسيين يوم الأربعاء الماضي في هجوم انتحاري بشرق أفغانستان. ومن جانبها، قالت الحكومة الألمانية أيضاً إنها ترغب في تقليص حضورها، في حين قالت بريطانيا هذا الشهر إنها ستقوم بسحب 450 جندياً خلال الستة أشهر المقبلة. بيد أن تواصل عمليات سحب الجنود ستضع عبئاً على الجنود الأميركيين الذين سيبقون في أفغانستان، حيث لم يخفِ بعض القادة الميدانيين قلقهم من أن تكون عملية خفض الجنود أسرع وأكبر من اللازم. وقد سعى بعض المسؤولين الأميركيين الكبار جاهدين إلى طمأنة الحلفاء والشعب الأفغاني بأن عملية خفض عديد القوات الأميركية لن تكون "متسرعة"، حسب تعبير وزير الدفاع "ليون بانيتا". غير أن مبعوثين غربيين يقولون إن الانسحاب الأميركي لا يمكن إلا أن يقود إلى إعادة تقييم لموقفهم العسكري الخاص. وفي هذا السياق، سأل دبلوماسي أميركي في كابول طلب عدم الكشف عن هويته، لأنه لم يكن مرخصاً له بالتحدث علناً حول توجهات بلده: "إذا كان الأميركيون، الذين حشدوا هذه القوات، في طريقهم للخروج، فكيف يمكن أن نتوقع من الآخرين تمديد حضورهم؟". وبين المدنيين الأفغان، وبخاصة أولئك الذين يعيشون في أكثر المناطق عنفاً من البلاد، هناك أيضاً شعور بأن قوات حلف شمال الأطلسي ترسم صورة مفرطة في التفاؤل بشأن الوضع الأمني من أجل تبرير عمليات مقبلة لسحب الجنود. فخلال عطلة نهاية الأسبوع، أشار الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الأميركية وقوات التحالف في أفغانستان، إلى تراجع أعداد الهجمات التي يشنها المتمردون. ولكن هنا بمدينة قندهار الواقعة في الجنوب، يقول بعض السكان إن مثل هذه التقديرات لا تعكس واقع الحياة اليومية الخطير. وفي هذا السياق، تقول خياطة تدعى شالة: "في كل يوم هناك جرائم قتل واختطاف". وكان اثنان من أبناء جيرانها قد اختُطفا مؤخراً من قبل «طالبان»؛ وقبل بضعة أيام، تلقت عائلتهما، التي تكافح من أجل جمع فدية، خبراً يفيد بأن أحدهما قد تم إعدامه. وفي صيف قندهار القائظ، ينام الناس عادة بعد أن يتركوا نوافذ بيوتهم مفتوحة، أو ينامون على أفرشتهم على السطوح. وتقول شالة، التي لم ترغب في الكشف عن اسمها العائلي: "لذلك، فإن الصوت الذي أسمعه في الليل عادة هو نواح وعويل نساء عائلتهما". أما بالنسبة للكنديين، فقد أثبت إقليم قندهار أنه ساحة مضطربة، وقد صدمت ضراوة القتال وشدته بلداً كان يتصور في البداية أن مهمة قواته ستكون بشكل رئيسي مجرد حفظ للسلام. ففي كندا، كان الشعور بتبعات الحرب قويّاً وعلى مستوى شخصي، حيث كان المواطنون يصطفون على جسر إحدى الطرق السريعة احتراماً وتكريماً لأرواح الجنود الذين سقطوا في ساحة المعركة عندما يتم جلب جثامينهم إلى الوطن. وعلى رغم أن القوات الكندية في أفغانستان هي سادس أكبر قوة يساهم بها بلد عضو في "الناتو"، إلا أنها تكبدت خسائر فادحة لا تتناسب وحجمها، حيث فقدت 157 جنديّاً، أي ما يعادل تقريباً مجموع حالات الإصابة التي تكبدها مساهمون بعدد أكبر من الجنود مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. فعلى رغم قتال منهك ومجهد، إلا أن الكنديين وجدوا أنفسهم موزعين بأعداد صغيرة على مناطق واسعة لكسر أي وجود لـ"طالبان" في مناطق استراتيجية تحيط بمدينة قندهار. وهو أمر لم يتحقق إلا في الصيف الماضي، عندما قامت القوات الأميركية التي وصلت إلى أفغانستان في إطار ما يعرف بـ"الزيادة" العسكرية التي أمر بها أوباما بطرد المتمردين من مناطق مهمة في الإقليم. غير أن العديد من سكان قندهار يعتقدون أن تأثير تطهير المناطق النائية من المتمردين كان هو ما جعل المدينة نفسها أكثر خطورة. ذلك أنهم إذا كانوا يعترفون بأن السفر خارج قندهار بات أكثر أماناً مما كان عليه منذ سنوات، فإن بعض أصحاب الأراضي الريفيين ليسوا مستعدين بعد للمجازفة وإعادة عائلاتهم إلى قرى زراعية معزولة. وفي هذا الإطار، يقول أحمد ميواندي، الذي تمتلك عائلته أراضي بمنطقة ميواندي: "إن ما يجري مع طالبان يشبه لعبة القط والفأر. والناس بدأوا يتصورون أن القط قد بدأ يتعب ويمل. ولذلك، فإنني أعتقد أن طالبان ستعود". ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©