السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أطفال النزوح: صامدون في جغرافية التهجير

4 أغسطس 2006 01:16
بيروت-الاتحاد: بات الاطفال يتابعون الاخبار لمعرفة متى ستتوقف هذه الحرب·· سؤال يطرحه الطفل محمد جابر الذي وجد نفسه فجأة نازحاً مع اهله من بلدة محيبيب في قضاء مرجعيون ويتابع ببراءة ''أنا زعلان''· وكيف لا يكون كذلك وهو صار مجرد طفل لاجئ يسكن في غرفة مدرسة في بيروت ولم يعد صديق شجرات التين ولم يعد يعرف مصير رفاقه الذين كان يلهو معهم قرب ساحة الضيعة· عدنان قاروط لاجئ آخر من بلدة ميس الجبل ترك ملامح وجهه تتحدث عن اللحظات المرة والصعبة وقال ''لن انسى اذا بقيت حياً ما جرى معنا وكيف نزحنا تحت قصف الطائرات كنا نقرأ الفاتحة وندعو الله ان يحفظنا برحمته·· رأيت امامي سيارة تحترق بمن فيها، لم نستطع ان نفعل شيئاً، كان كل همنا ان نصل الى خارج المنطقة، الطرقات مقطعة، النار حولنا، واصوات القذائف تزرع الرعب فينا، لقد طال مشوارنا، استمر ليوم كامل قبل ان نصل الى البقاع ومن هناك الى بيروت الى العراء ومن ثم الى هذه الغرفة في المدرسة مع عائلات اخرى''· سألناه كيف تقضون وقتكم فأجاب: ''بالاستماع الى الاخبار، ندعو الله عند سماع اي خبر ان ينصر المقاومة وان يعيدنا قريباً الى ارضنا وارزاقنا· لقد تبهدلنا، لا ماء لنا جميعاً ولا غذاء، لم اكن اتصور انني سأنتظر حصة غذائية انا واولادي بهذه الطريقة، انا لدي بيتي ورزقي، اسرائيل مسؤولة عن كل ما يجري، عن كل هذا الموت''· وعند الزاوية يلهو الطفل هادي حسين وكأنه لا يكترث بما يجري، وجد نفسه مع اهله في هذا المكان، كان في حضن امه وهي تصرخ وتبكي عند النزوح· وتقول والدته: ''خرجنا كما نحن، لم نحمل معنا شيئاً حتى ثيابنا، والى أين؟ لا بيت لنا ولا اقارب، فضلنا ان نأتي الى هنا، ولكن قولي لي كيف سأهتم بأولادي، انا اخاف من الامراض ومن استمرار الوضع على ما هو عليه، ينقصني كل شيء، حتى الحليب للاولاد''· في باحة مدرسة رمل الظريف في بيروت نحو 250 عائلة مهجرة·· شيء من الفوضى يسكن المدرسة، جاؤوا جميعاً في ليلة واحدة ومن قرى عدة· لكل منهم قصة وحسرة، وعلى وجوه الكثيرين يسكن التعب والوجع، والسؤال الى أين؟ لكن اللافت انهم وبمجرد ان يروا اي صحفي او عدسة اي مصور يسارعون الى رفع شارة النصر والى التنديد باسرائيل والدعاء للمقاومة· وفي مدرسة اخرى قريبة، 350 نازحاً، توفي احد الاطفال هناك لنقص في الغذاء كما اشار الطبيب، فيما يعاني 85 طفلاً من امراض مختلفة ناتجة عن الجفاف وقلة النظافة ونقص الحليب· وتجهد هنا بعض هيئات الاغاثة لتقديم ما يلزم· لكن ماذا تفعل بحوالي 004 ألف نازح فقط في بيروت وحدها فيما يتوزع حوالي 350 ألفا في الجبل والبقاع والشمال بينما غادر حوالي مئتي ألف نازح الى سوريا والخارج· ثمة حالات ضياع، اولاد لا يعرفون مصير اهلهم والعكس ايضاً، وثمة من يقول ان والده استشهد ولا تزال جثته تحت الانقاض كما يقول علي رمضان من بلدة صريفا الذي لا تزال جثة والده تحت الانقاض· محمد حيدر فقد شقيقه الاكبر وشقيقته خلال قصف النبطية واخذه ابناء الجيران معهم ولا يعرف هل دفن شقيقاه ام لا· لقد اضطرت هيئات الاغاثة الى الاستعانة بأطباء نفسيين واخصائيين اجتماعيين لمعالجة بعض حالات الصدمة التي يعيشها خاصة بعض الاطفال· اناس هنا في مراكز النزوح، لا مال، لا ثياب، ولا أمل حتى بالعودة على الاقل خلال الاسابيع القليلة، انهم يتحولون الى ظاهرة موجعة والى انكسار انساني لم يكن يتوقعه البعض· ثمة من يرى بيته مهدماً عبر الشاشات، وآخرون يسمعون عن اقارب ضحايا من الاذاعات، فيعلو الصراخ والعويل، رائحة المكان تعكس حقيقة الوضع، والصورة المهمشة لأسر محطمة ترسم مشهداً لما هو سائد الآن في لبنان· والضحية الاولى لكل ما جرى هم اطفال لبنان، منهم من قضى في المجازر المتنقلة، ومنهم من ضاع من اهله، ومنهم من تاه من واقعه ومجتمعه، ومنهم من بات واهله ينتظرون الحصة الغذائية ليأكلوا بعد ان كانوا اصدقاء الارض، لهم سقف بيت وسقف وطن
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©