الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجلس الأمن وقشور الاهتمام!

15 أكتوبر 2010 21:09
كان الأسبوع الماضي بحق أسبوع مجلس الأمن الدولي في السودان، فعلي امتداد أربعة أو خمسة أيام قام ممثلو أعضاء المجلس الخمسة عشر بزيارة للسودان بدأت بعاصمة الجنوب (جوبا) ثم بأكبر وأهم عواصم دارفور (الفاشر)، ثم الخرطوم. وفي هذه الزيارات اجتمع الوفد وتبادل الرأي مع عدد كبير من المسؤولين. وكان محور الحديث ومحل اهتمام أعضاء المجلس الدولي يدور حول نقطتين؛ الأولي ضمان إجراء استفتاء تقرير المصير للجنوبيين في موعده، وفي جو حر ومحايد وشفاف بالكامل، والثانية الوضع العام في دارفور الذي رأى الوفد الدولي أنه ليس مستقراً تماماً وأن الأمن لم يتوفر هناك بعد، وأن المنظمات الإنسانية التي جاءت لمساعدة أهل الإقليم لا تجد العون الكافي من حكومة الخرطوم. وكان معلوماً من التقارير الصحفية أن الوفد الأممي لن يلتقي برئيس الجمهورية البشير؛ إذ يعده متهماً من محكمة الجنايات الدولية، لكن ضجيج الحزب الحاكم حول ذلك وتصريحه بأنه لن يُسمح لأعضاء الوفد بالدخول إلي السودان إذا لم تشمل أجندتهم لقاء الرئيس، لم يكن أكثر من "فقاعة" إعلامية؛ إذ تمت الزيارة دون لقاء البشير الذي سافر إلى ليبيا لحضور القمة العربية الأفريقية. وتمت الزيارة حسب البرنامج المعد لها واستمع أعضاء مجلس الأمن لوجهة نظر الجنوبيين ومحورها التمسك بالانفصال وإجراء الاستفتاء في موعده، مطالبين بنشر قوات دولية على طول الحدود بين الشمال والجنوب قبل وخلال إجراء الاستفتاء، وهو مطلب تعارضه الخرطوم ولا تجد له مبرراً. واستمع المجلس لوجهة نظر الخرطوم، فاتفق الطرفان في بعض القضايا واختلفا في بعضها، وأهمها من يحق له التصويت في الاستفتاء من سكان منطقة أبيي، وكذلك القول بأن الأمن في دارفور لم يستقر بعد. وإذا كان لي أن أبدي رأياً في مجمل محصول هذه الزيارة ذات الطابع الأممي، فإني أقول -وبكل أسف- إن مجلس الأمن الدولي، المسؤول الأول عن الأمن في كل بقاع الكرة الأرضية، ركز اهتمامه على الحديث عن القضايا الإجرائية، مثل الاستفتاء: كيف يكون، وكيف تكون إجراءات الإعداد له.. إلخ. أي أنه اهتم بالقشور إلى حد ما وأهمل أو تناسى القضية الأساسية والمحورية، وهي "ما الذي يمكن أن يحدث عند انفصال الجنوب، في داخل الجنوب نفسه وفي الشمال أيضاً. وما هي انعكاسات ذلك كله على الوضع في أفريقيا بصورة عامة، وفي البلدان المجاورة للسودان بصورة خاصة". إن انفصال الجنوب الذي شجعته الدولة الأعظم في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة الأميركية، سيكون له أثره على الأمن الأفريقي، لذا كان ينتظر من مجلس الأمن أن يولي الآثار المحتملة لذلك الانفصال على الأمن الأفريقي، الأهمية الأولى، وأن لا يكتفي بالحديث عن الإجراءات التي تعد قشوراً وليست جوهراً لما هو متوقع ومنتظر. إن بلداناً مجاورة للسودان، مثل إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو الديمقراطي وغيرها، كلها تعاني من وجود إثنيات مختلفة بداخلها، وهناك بوادر خلاف وشقاق بين هذه المجموعات القومية غير المتجانسة مع وجودها في بلد واحد وتحت حكومة مركزية واحدة. ولا شك عندي في أن انفصال جنوب السودان عن شماله ستكون له آثار سالبة في هذه البلدان أو بعضها على الأقل. وقد تظهر تلك المشاكل عقب انفصال الجنوب مباشرة أو بعد حين. وفي هذا الصدد كان رئيس وزراء إثيوبيا "ملس زيناوي"، الزعيم الإفريقي الوحيد الذي أشار في خطابه مؤخراً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى الخطر الذي سيتعرض له الوضع في بعض جيران السودان إذا ما انفصل جنوبه عن شماله. تمت زيارة وفد مجلس الأمن للسودان الأسبوع الماضي، وجرى فيها حديث كثير، لكنه للأسف كان منصباً على قشور القضايا دون اللباب، وعلى مسائل عرضية وليست جوهرية... فهل هناك أمل في أن يعود الوفد الأممي ويقيم الوضع وآثاره بصورة أعمق؟ محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©