الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الأمن المفقود في العراق وإعادة التمركز الجديد للقوات الأميركية

4 أغسطس 2006 01:18
د· رسول محمد رسول: على الرغم من أن مدنا عراقية رئيسة عدة تشهد أعمال عنف مقيتة يذهب فيها عراقيون أبرياء بسبب العنف الدموي، إلا أن بغداد العاصمة تحوز أهمية لافتة في تصاعد حدة العنف المسلح فيها، فمنذ أن أعلن في بغداد عن مقتل الزرقاوي وإلقاء القبض على عناصر كثيرة من التنظيمات التابعة له، واختراق خلايا تلك التنظيمات العاملة في العراق، كان من المتوقع أن تخف حدة العنف، خصوصا في ظل الإعلان عن خطة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي (معا إلى الأمام)، إلا أن أعمال عنف دموية جرت رحاها في بغداد العاصمة، وتميّزت تلك الأعمال بالنوعية من الناحية اللوجستية حيثُ تم استخدام (صواريخ كاتيوشا) روسية الصنع، كما أنها تميزت بطابعها الطائفي المقيت؛ حيثُ جرى تفخيخ عجلات لتفجيرها في أحياء ذات الأغلبية الشيعية في بغداد مثل مدينة الصدر والشعلة وحي جميلة والكرّادة، فضلا عن أعمال التهجير التي فتحت مصائر جديدة للموت والرحيل القسري· وفي ظل هذا التدهور المستمر للوضع الأمني في العراق، لجأت الولايات المتحدة الأميركية إلى وعد حكومة المالكي بأنها ستلجأ إلى دعم العراق بخطة أمنية جديدة وجدت واشنطن من المناسب الإعلان عنها في أثناء زيارة نوري المالكي إلى واشنطن، وهي الزيارة التي تمَّت بالفعل في يوم الأربعاء الموافق 27/7/2006 ولقاء الرئيس بوش في البيت الأبيض، ومن ثم إلقاء المالكي خطابا تاريخيا أمام مجلس الشيوخ الأمريكي هو الأول من نوعه يلقيه رئيس وزراء عراقي منتخب في تاريخ العراق· ولكن لماذا الحاجة إلى خطة أمنية جديدة؟ المُطالبة السُّنية في وقت تطالب فيه كل الكتل السياسية العراقية برحيل القوات متعددة الجنسيات عن العراق، الكتل الشيعية كالكتلة الصدرية والتيار الخالصي وغير ذلك، والكتل السُّنية كهيئة علماء المسلمين وبعض التيارات البعثية والقومية وشرائح من المجتمع السني العراقي، في هذا الوقت، نلاحظ أن جماعات سياسية سنية تطالب اليوم بعودة وبقاء القوات الأمريكية إلى بغداد، هذا ما أعلنه محمود عثمان، عضو البرلمان العراقي، يوم الخميس الماضي لإذاعة (سوا)، رافضا هذا الموقف وواصفا إياه بأنه غير لائق، ولكن لماذا كانت هذه المطالبة؟ في الواقع كان هناك عدد من الأحياء في بغداد خالية من الضبط الأمني، تسقط صباحا بين الإرهابيين وتحرَّر مساء من قبل القوات الأمريكية، وعندما تسلمت القوات العراقية الملف الأمني في هذه المناطق ضمن خطة نوري المالكي الأمنية، صارت تضيق الخناق على تلك الجماعات الإرهابية، فكان رد فعل تلك الجماعات أنها أخذت تشيع أن القوات العراقية هي قوات تابعة إلى المليشيات الشيعية، وكان ما جرى في (حي الجهاد) في وقت سابق من شهر يوليو / الماضي أحد الأمثلة على ذلك· بينما كانت القوات العراقية هي التي تلاحق الإرهابيين الذين يطلبون من الناس، سنة وشيعة، وبقوة السلاح الرحيل عن مساكنهم ومناطقهم بغية إشاعة حالة من الفوضى في بغداد وإرباك المحافظات الأخرى، وهذا ما اعترف به الجنرال الأميركي مايكل شيلدز في 22/7/2006 عندما قال: إن القوات العراقية تزداد فعاليتها في تحييد التمرُّد المسلح وتوفير الأمن للناس في العراق· مع ذلك ما زالت قيادات عسكرية أميركية لا ترى في التقدم الذي أحدثته القوات العراقية أي قيمة فاعلة، بل تصرح إعلاميا بضرورة اللجوء إلى اقتراح خطة أمنية جديدة لتفادي حرب أهلية على أساس سياسي / طائفي ممكنة الحدوث في بغداد بعد أن تحصَّلت الدوائر الاستخبارية العراقية على إحدى الوثائق المهمة التي كشفت عن مخطَّط مرعب يسعى إلى احتلال بغداد بعمل عسكري شامل تنتج منه إشعال حرب شاملة على الشيعة في العراق، وحرق المنطقة الخضراء في بغداد على من فيها، وتفجير العتبات المقدَّسة في بغداد، وتدمير البنية التحتية لغرض إحلال الفوضى· واشنطن ·· والمليشيات ومهما كانت الأسباب، فإن واشنطن تريد العودة من جديد إلى السيطرة على بغداد ميدانيا وبقوة وفاعلية أكثر ابتداءً من مطلع الشهر الحالي، حتى نهاية هذا العالم الجاري، لأنها تعتقد أن السيطرة على أمن بغداد هي السيطرة على زمام الأمن في العراق، كما أنها تريد مساعدة حكومة المالكي على تنفيذ خطة وزارته لحل المليشيات كما وعد بذلك المالكي بعد التقدُّم الذي أحدثته الأجهزة الأمنية العراقية والأميركية في تفكيك أغلب تنظيمات العنف التابعة لشبكة (القاعدة) في العراق، وإحداث تقدم ملموس على صعيد التفاوض مع عدد من المجموعات البعثية والقومية والناصرية التي رحبت بمبادرة المصالحة الوطنية· لقد وجدت واشنطن أن الدعوة إلى حل المليشيات هي دعوة مهمة لخلق عراق خال من هذه المليشيات، وبالتالي إفراغها من أن تكون قوة فاعلة في الحراك السياسي والأمني والعسكري والسياسي في العراق الجديد بعد توافر الولايات المتحدة على قناعتين· الأولى: قناعتها بأن وجود المليشيات شكَّل عائقا كبيرا في استتباب الأمن في العراق لكون هذه المليشيات هي التي مارست العنف وعملت على تأزيم الموقف الأمني الذي من شأنه إشعال الحرب الأهلية في البلاد التي وجد العراقيون صورا حقيقية لها خلال الشهور المنصرمة من العام الجاري· وهذا ما أكده بيتر سبيغل، محرر الشؤون السياسية في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، عندما قال: إن السياسة الأمنية الجديدة لبغداد ستقوم على توقيف الزعماء المحليين المحرضين الذين يثيرون العنف الطائفي مثل أعضاء التيار الصدري التي تقف وراءها فرق الموت الشيعية ضد السنة العراقيين· الثانية: إن واشنطن لا تريد نمو هذه المليشيات في العراق لتكون قوة تخرق استراتيجيات الأمن القومي في العراق والمنطقة بعد أن شهد العالم تجربة (حزب الله) اللبناني التي كانت من المنظور الإسرائيلي والأمريكي ودول الطوق الأمريكي الإسرائيلي بالمنطقة حالة شاذة على صعيد تصرف أقلية مليشية بمصير بلد أو شعب، فالولايات المتحدة لا تريد تكرار مثل هذه التجربة في العراق الجديد مستقبلا، لذلك من المتوقع أن تبذل القوات الأمريكية والحكومة العراقية، على الصعيدين السياسي والعسكري، تقويض كل المليشيات في العراق لصالح العمل السياسي غير المؤسس على أية قوة عسكرية· أما من الناحية الميدانية فإن القوات الأمريكية اندفعت من الموصل والبصرة نحو بغداد لغرض التمركز وإعادة انتشار عناصرها البالغ تعدادها نحو 3500 مقاتل أمريكي، ونشر مئات من العناصر الاستخبارية الأمريكية والعراقية في الميدان حسبما وعد بذلك دونالد رامسفيلد أثناء لقائه المالكي في واشنطن·· وتواردت الأنباء على أن القوات الأمريكية ستنتشر في بغداد بعدد قد يصل إلى خمسة آلاف عنصر يرافقها عدد مماثل من القوات الأمنية العراقية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©