الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن.. وأزمة الأطفال المهاجرين

4 أغسطس 2014 22:45
احتدم الجدل في واشنطن خلال الأسبوع الماضي حول عبور مجموعة من الأطفال الحدود الأميركية المكسيكية بمفردهم. ويمكن تلخيص هذا الجدل في اختيار واضح بين أمرين هما: إما حمايتهم ومراجعة وضعهم القانوني، أو تغيير القانون وإعادتهم إلى موت محتمل. ورغم أن البعض قد يختلف مع هذا التوصيف، لكن الحقيقة لا مفر منها تماماً مثل نتائج الحياة والموت التي تواجه هؤلاء الأطفال الضعفاء. والمثير للقلق أن مجلس النواب الأميركي كان يتجه يوم الجمعة الماضي صوب المسار الأخير. ودعونا لا نغالط أنفسنا، فترحيل هؤلاء الأطفال من دون مراجعة قانونية في جلسة استماع لبحث إمكانية تقنين وضع هجرتهم سيعني من دون شك إعادة أكثرهم إلى العصابات ومهربي المخدرات الذين يهددونهم في أميركا الوسطى. وعلى سبيل المثال عادة ما تتم إعادة الأطفال المكسيكيين إلى بلدهم بهذه الطريقة بعد مقابلة قصيرة مع مسؤول رقابة حدودية لتحديد ما إذا كان طلب اللجوء ملائماً أم لا، على رغم حقيقة أن الأمم المتحدة وجدت أن أكثر من 60 في المئة منهم لهم الحق في طلب الحماية بموجب القانون الدولي. ومن المثير للأسى أن الكونجرس وإدارة أوباما يزيدان من تعقيد الموقف، الذي تتعامل معه دول كثيرة حول العالم على أنه شيء طبيعي. والاختلاف أن الدول الأخرى تستقبل ملايين اللاجئين وليس آلافاً فقط. وعلى سبيل المثال، استقبلت الدولة اللبنانية، التي يبلغ تعداد سكانها أربعة ملايين ونصف المليون نسمة، أكثر من مليون لاجئ سوري خلال العامين الماضيين. فهل لا يمكننا استيعاب مجموعة صغيرة إضافية من السكان؟! وتمس هذه القضية حقيقة جوهر الكيان الأميركي؛ ذلك أن الولايات المتحدة كرائدة لحماية حقوق الإنسان حول العالم، عادة ما تطالب الدول الأخرى باستقبال اللاجئين أو حماية حقوق الإنسان. ولكن عندما تظهر مجموعة من اللاجئين الأطفال على الحدود الأميركية، تتعثر واشنطن في معاملتهم بطريقة إنسانية. وتشير المطالبات بنشر قوات الحرس الوطني وإنفاذ القانون على الحدود إلى أن هؤلاء الأطفال والأسر يهددون الأمن القومي الأميركي في حين أنهم فارون من الإرهاب. وبدلاً من إرسال جيش إلى الحدود، حري بنا أن نرسل جيشاً من خبراء الصحة العقلية ورفاهية الأطفال. وللإنصاف، من حق المسؤولين الأميركيين المنتخبين أن يقلقوا بشأن التداعيات طويلة الأمد على السياسات الحالية، إذ لابد أن تكون هناك قواعد وحدود. بيد أن بعض هؤلاء الأطفال يستحقون اللجوء السياسي بصفتهم مجموعة مستهدفة بموجب قوانين اللجوء السياسي المحلية والدولية، وكثير آخرون لهم الحق في طلب اللجوء بصورة قانونية لأسباب أخرى، ولا يمكن أن تكون إعادتهم بخفي حنين هي الحل الأمثل. وهناك طريقة أفضل، فعلى المدى القريب، نحتاج إلى تخصيص موارد كافية للنظام الحالي بحيث يمكن عقد جلسات الاستماع في طلبات الهجرة في غضون شهرين إلى ثلاثة، وليس عامين أو ثلاثة كما هي الحال في الوقت الراهن. وعلاوة على ذلك، سيساعد تعيين محاميين للأطفال على ضمان توضيح أوضاعهم بصراحة أمام جلسات الاستماع ومن ثم اتخاذ قرارات منصفة. والأكثر أهمية على المدى الطويل، يجب أن تقوم الولايات المتحدة بمحاولة جادة لمواجهة الأسباب الجذرية لهذه الهجرة. لذا لابد من طرح مبادرات لمناهضة العنف والتكامل البشري وبرامج الاستثمار الخاصة بالشباب. وعلاوة على ذلك، يجب أن تبتكر الحكومات في الولايات المتحدة وأميركا الوسطى استراتيجية لتقديم الحماية للأطفال والأسر الذين يحتاجونها في دولهم، وليس حرمانهم منها عندما يفرون من موقف مستحيل. يُنشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©