الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علاقات··· بلا تعالٍ

21 فبراير 2009 01:54
نصف قرن من الزمان، هو عمر العلاقة بين السودان وجمهورية الصين الشعبية، فعام 1959 تاريخ أرادت حكومة السودان أن تذكره وتحتفل به كفاتحة لمستقبل أزهي في العلاقة بين شعبين تربطهما علاقات ومصالح مشتركة· وفي هذا الأسبوع، أشاد وزير المالية والاقتصاد السوداني بهذه الذكرى، وأعلن أن السياسة المقبلة لحكومة السودان حيال الصين ستتركز حول مشاركتها في مجال الاستثمار الزراعي بنوعيه النباتي والحيواني· وأكد الدكتور عوض الجاز أن تعاون السودان والصين في مجال الزراعة سيكون أداة لحل مشاكل عالمية واضحة، من شح إنتاج الغذاء تارة ومن ارتفاع أثمانه تارة أخرى· وقال الوزير إن شراكة السودان والصين في هذا المجال ستكون مفتوحة لكل من يريد أن يساهم فيها· لقد اعترفت حكومة السودان بحكومة الصين الشعبية التي جاءت إثر ثورة عظيمة قادها ماوتسي تونق ويحق للخرطوم أن تقول إنها كانت في مقدمة العواصم العربية التي أقدمت على ذلك العمل، كما أنها كانت الأولى أو الثانية في ترتيب البلدان الأفريقية (جنوب الصحراء الكبرى) التي اعترفت بالصين وتبادلت معها التمثيل الدبلوماسي· ومن المفارقات أن الحكومة السودانية التي بادرت بتلك الخطوة كانت حكومة عسكرية جاءت للحكم بانقلاب عسكري وكان رئيسها هو الجنرال إبراهيم عبّود· رفض السودان الاعتراف بحكومة تايوان المنشقة عن الصين الأم وقاوم كثيراً من المغريات، وقد حفظت الصين الشعبية للسودان ذلك الفضل، فبدأت علاقتها بتقديم العون ثم تطورت العلاقة إلى أن أصبحت الصين هي تقريباً الشريك التجاري والاقتصادي الأول للسودان، لاسيما بعد أن دخلت الصين شريكاً أساسياً في الاستثمار في إنتاج البترول السوداني قبل عشرة أعوام أو أكثر· ونتابع العلاقة بين بلد نامٍ هو السودان وبلد يخطو نحو أن يكون واحداً من البلدان العظمى هو الصين، فنجد أن من أهم سماتها أنها لا تتأثر بنوع الحكم في السودان، يمينياً كان أم يسارياً· كما لا يهم الصين إن كانت حكومة السودان ترعى حقوق الإنسان أو لا ترعاها· إن الصينيين يركزون في علاقتهم الثنائية على ''الموضوع'' الأساسي، سواء أكان تجارة أم صناعة أم غيرها دون تأثر بالحقائق السياسية· كذلك مما تجدر ملاحظته أن الصينيين في تعاملهم مع السودانيين يختلفون كثيراً عن الشعوب الأجنبية الأخرى التي تعامل معها السودان مثل البريطانيين والأميركيين والفرنسيين والألمان وغيرهم ممن كان لمهامهم في السودان قدر من الاحتكاك بالسودانيين العاديين· وأوضح ما لاحظه السودانيون خلال هذه السنوات الخمسين أن الصيني يتعامل مع زميله أو مرؤوسه السوداني معاملة كريمة ولا يخفي عليه المعلومات ولا يمارس أي نوع من التعالي أو ادعاء التفوق· لقد أنصف أكاديمي سوداني هو البروفيسر علي عبد الله علي، أستاذ العلوم الاقتصادية، أنصف الصينيين كثيراً عندما أصدر عنهم وعن علاقتهم بالسودان كتاباً باللغة الإنجليزية أوضح فيه بإسهاب وتقدير، رقي التعامل الصيني مقارنة بمعاملة الأوروبيين، وذلك لا شك رصيد كبير يضاف لسجل الصين· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©