السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بولندا: تغيير سياسي وحكومة يمينية

17 فبراير 2016 23:22
بالنسبة لأنصاره، يعتبر «ياروسلاف كاتشينسكي» هو العقل المدبر لثورة صناديق الاقتراع التي تدفع الجناح اليميني البولندي للعودة إلى السلطة بعد ثماني سنوات من حكم الوسط. وبالنسبة لأعدائه، فهو يعتبر شعبوياً متشككاً بشأن الاتحاد الأوروبي، ينزع المؤسسات الديمقراطية في بولندا سعيا وراء السلطة والانتقام. ولكن في الأشهر الأربعة المحمومة التي تلت فوز حزب «القانون والعدالة» بأول أغلبية برلمانية من حزب واحد في مرحلة ما بعد بولندا الشيوعية، وضع «كاتشينسكي»، 66 عاماً، رسالة واحدة متسقة لأنصاره: تجاهلوا النقاد. وأثناء تواجده في قاعة رقص مكتظة بالنخبة اليمينية في بولندا الأسبوع الماضي عندما كان يتسلم جائزة «رجل العام» من مجلة موالية للحكومة، قال «كاتشينسكي»: «إن وجود بولندا ضعيفة لأمر مريح لمختلف القوى داخل وخارج أوروبا». وأضاف فيما بعد «إن الخطاب والطريقة التي تمت مهاجمتنا بها تشبه طريقة ستالين». وقد أدت السرعة الفائقة التي يحدث بها التغيير السياسي في بولندا، والتي طالما اعتبرت العامل الرئيسي لتكامل بولندا الناجح في النظام السياسي والاقتصادي لأوروبا، إلى موجات صادمة في الداخل وفي بروكسل. وشارك «كاتشينسكي»، وهو سياسي مخضرم، في تأسيس حزب «القانون والعدالة» مع شقيقه التوأم «ليخ»، الرئيس السابق الذي قتل في حادث طائرة عام 2010. وفاز الحزب من خلال مناشدته القيم الكاثوليكية التقليدية والدعم الاقتصادي، ومن بين ذلك تعهد بإرسال 500 زلوتي (قرابة 150 دولاراً أميركياً) شهرياً للأسر التي لديها طفلين على الأقل. ولتعزيز قوتها في البرلمان، جمعت الحكومة القضاة في المحكمة العليا ببولندا، وأعاقت قدرتها على إلغاء التشريعات. واستبدلت أيضاً قيادة وسائل الإعلام في البلاد. وساهمت القوانين الجديدة في زيادة السيطرة السياسية على مكتب المدعي العام وسلطات المراقبة الممنوحة للشرطة. ويقول النقاد، إن «كاتشينسكي» يتبع تنبؤ «بودابيست في وارسو» لعام 2011، ويحاكي توطيد السلطة ورفض الليبرالية الحديثة في المجر المجاورة بقيادة رئيس الوزراء «فيكتور أوربان». ومن جانبه، يقول «ماتيوز كيجويسكي»، مؤسس لجنة الدفاع عن الديمقراطية، التي نظمت المظاهرات التي جلبت آلاف المحتجين إلى الشوارع بدءاً من شهر نوفمبر «إنهم يدمرون آليات الأمن والضوابط والتوازنات كافة التي تبنى عادة في النظام الديمقراطي. والآن نحن لدينا نقطة مركزية واحدة في السلطة وهي السيد كاتشينسكي». ويقول أعضاء حزب «القانون والعدالة»، إن الغضب مبالغ فيه. ومن ناحيته، دافع «كاتشينسكي»، الذي نادراً ما يجري لقاءات من صحفيين أجانب، عن سجله في تصريحات مقتضبة لـ«واشنطن بوست»، قائلاً، إن تصرفات الحكومة لم تكن أسوأ من تصرفات حزب «المنصة المدنية» الذي حكم البلاد سابقاً. وقد حدث التغيير السياسي في بولندا في لحظة تاريخية بالنسبة لأوروبا، تكتسب فيها الأحزاب المتطرفة مثل «الجبهة الوطنية» في فرنسا قوة في مواجهة أزمة اللاجئين غير المسبوقة، وغيرها من الضغوط. ورفضت قيادة بولندا الجديدة، مستشهدة بالهجمات الإرهابية التي وقعت في باريس في نوفمبر الماضي، اتفاقا بقبول 4500 مهاجر تم بوساطة الحكومة السابقة. وفي ديسمبر، قال «مارتن شولتز»، رئيس البرلمان الأوروبي، إن إجراءات بولندا تحمل «خصائص الانقلاب». وفي يناير، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستحقق فيما إذا كان التشريع الجديد بشأن المحكمة الدستورية ووسائل الإعلام في بولندا ينتهك معايير سيادة القانون في الاتحاد الأوروبي. وقال مسؤولون في حزب «القانون والعدالة»، إنهم يعتقدون أن بإمكانهم احتواء الصراع، وأضافوا أن الحاجة إلى الوحدة في أوروبا سيكون لها الأسبقية على الخلافات بشأن الوضع السياسي في بولندا. وقال أحد أعضاء الحزب، إن «أزمة أخرى بين أوروبا وبولندا ستضعف أوروبا في لحظة حاسمة من أزمة الهجرة». وأضاف أن «أوروبا لا تستطيع أن تفقد بولندا. أعتقد أن هذه هي الرسالة التي تعمل». وكان الاقتراع الذي أتى بحزب «القانون والعدالة» إلى السلطة في أكتوبر مدفوعاً إلى حد كبير بحالة السخط من «المنصة المدنية» التي تتبع «يمين الوسط»، والتي كانت تتعرض لانتقادات لكونها نخبوية وخاملة بعد ثماني سنوات من وجودها في السلطة. وقد تنازل «كاتشينسكي»، الذي يصفه أحد السياسيين بأنه السياسي الأكثر بغضاً في بولندا، عن المنصة لوجوه شابة وأكثر اعتدالاً، فيما استغل الحزب انهيار اليسار، ليفوز بنسبة 37.6% من أصوات الناخبين وأغلبية المقاعد في البرلمان. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©