الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاختيار (3)

16 أكتوبر 2010 20:37
نكمل اليوم حديثنا عن الاختيار ودوره في تحقيق السعادة للإنسان والنجاح إن فهم وأدرك ذلك، أما إن اختار أن يكون مسلوب الاختيار فلا يلومن إلا نفسه. فالشخص المبتلى بمشكلة صحية معينة أثرت على مجرى حياته، إن استسلم لها وجعلها تقيده وتعيقه عن ممارسة حياته بشكل طبيعي فإنه يكون بذلك قد اختار لنفسه العيش بسلبية؛ لأن هناك غيره الآلاف ممن تعايشوا وفق أوضاعهم فأخذوا بالقدر الذي يجعلهم سعداء راضين متكيفين. أما من تذمر وسخط وظل على هذا الحال فإنه اختار أن ينغص على نفسه ويُكدرها؛ لأن هناك قسمة وضعها المولى عز وجل بين الناس في الحياة الدنيا وعلى ضوئها يمحصوا ويبتلوا، قال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)(الزخرف:32). عزيزي القارئ أنت من تنظر لما في يدك من نعم أو أن تنظر لما في يد الآخرين مما حرمت منه. فهناك من ينظر إلى مال الغني فقط ولا ينظر لما ابتلى الله الغني به من هم وتعب وعناء وغيره. وقد رأى أحدهم رجلاً أبرص أعمى مشلولا يقول: «الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى كثيراً من خلقه وفضلني عليهم تفضيلا»، فقال له الرجل: «فبم عافاك الله؟ وبم فضلك؟ وأنت على هذه الحال»؟! فقال له: «جعل لي لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً، وبدناً على البلاء صابراً». هذا هو الاختيار؛ لأن المشكلة تكمن حين يصرف الإنسان نظره وفكره وقلبه عن النعم الكثيرة التي يملكها ويبكي ويتذمر من عدم حصوله على الشيء الفلاني أو لفقده شيئاً ما. إنها قوة الاختيار في أن أكون حامداً شاكراً أو أكون كئيباً بائساً ساخطاً حاقداً عدواً منتقماً. الاختيار موجود ليسعدك أيها الإنسان وليس ليشقيك. موجود ليجعل منك إنساناً لديه القدرة على التأقلم مع الأوضاع والأحداث والظروف لتنعم بقوة وديناميكية اختيار أمور حياتك. فالحياة مليئة بالأشياء والمواقف والتصرفات والأحداث والإنسان يختار منها ما يشاء بما يحقق له درجة من الرضى. فهناك من ينتحر إن فقد شيئاً ثميناً في حياته أو مات عليه عزيز، والسؤال: «هل انتحار هذا الشخص سببه الموقف، أم أنه اختار أن يموت؟» من يفهم الاختيار خطأ سيقول: «مسكين فقد جعله الوضع يفعل ذلك» فنقول لهذا: «إنه اختار أن يغلبه الوضع وأن يستسلم للألم وللمشاعر فاختار إنهاء ذلك بالموت». إننا ندعو لتفعيل العقل دائماً لكي ننجوا من تأثير مشاعرنا تجاه سلوكياتنا واختياراتنا الخطأ. وللحديث بقية. د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©