الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جامعة.. أم نادي الدول العربية؟

16 أكتوبر 2010 20:41
بصمتٍ لافت يمكن أن يثير غيرة أكثر أمم الأرض رقياً، انتهت القمة العربية الأخيرة إلى تعثر “الإصلاح الجوهري” لجامعة الدول العربية واستسلام أعضائها لاختلاف آرائهم بشأن الملفات الأساسية أو تأجيلها، حتى البيان الختامي التقليدي جاء معيباً محذوفاً منه أكثر القضايا الكلاسيكية أهمية وإلحاحاً (المفاوضات بين “الفلسطينيين والإسرائيليين”). هذه الخاتمة قد تكون مثيرة لارتياح وتصفيق كثيرين لأنها أفضل من “نشر الغسيل” وأكثر صدقاً في التعبير عن حقيقة العمل العربي المشترك التي لم يعد أحد في الكون يتحمل المزيد من إخفائها. أو قُل على الأقل إن قمة سرت تعتبر “ممتازة” بالمقارنة مع كثير من قمم سابقة، فقد خلت من الضوضاء الطنانة والأحلام الوردية والأوهام الكاذبة. بل إن رئيسها الحالي العقيد معمر القذافي أخذته حماسة الحقائق والمصارحة ليعترف في اليوم التالي أمام القمة العربية–الأفريقية ويعتذر علانية من أفارقة جنوب الصحراء عن الممارسات المخجلة التي مارسها (بعض) العرب تجاههم أثناء القرون الخالية. ويا ليت رئيس القمة العربية، يكمل قريباً معروفه ويقرّ باسم القادة العرب وباسم “مؤسسة” جامعة الدول العربية بالتالي : 1- إن حيثيات موافقة الأعضاء في الجامعة على قرارات استراتيجية مشتركة ستبقى مفقودة حتى إشعار آخر. ليس على المستوى القومي فحسب، بل ما هو أدنى كثيرا. فحتى مرحلة المحاور العربية ونهضة المنظمات “تحت الإقليمية” مثل الاتحاد العربي المغاربي وغيره قد أفُلت. 2- إن مفهوم الأمن القومي العربي غير وارد إطلاقاً في المدى المنظور، فما يربط كثير من الدول العربية- كل على حدة- مع دول أجنبية من اتفاقات ومصالح أمنية أهم وأوثق بكثير مما يربط العرب ببعضهم وإلى حد التناقض الصريح غالباً. 3- إن “التعاون الاقتصادي العربي” في عصر العولمة واتفاقات منظمة التجارة الحرة أصبح مفهوما بالياً، فسياسات الانفتاح الدولية والقرية الكونية قرّبت كل دول العالم من بعضها وأزالت الكثير من الحواجز الحدودية فيما بينها إلا ما بين الدول العربية. 4- إذا كانت قوة الالتزام بمواثيق ومنظمات الأمم المتحدة والقوانين الدولية هي التي تساعد الدول الضعيفة على حفظ سيادتها في منطقة زلازل سياسية دائمة، أو توفِّر مساعدات وقروضاً من الدول المانحة إلى الدول الفقيرة والمَدينة، فإن الالتزام بالتضامن العربي ومواثيقه أو العمل على تطويرها يصبح عملاً مكروهاً خاصة إذا كان في ذلك إزعاج لـ“المجتمع الدولي”. أي باختصار: لا داعي، لا اليوم ولا غدا، لأي تطوير فارغ المضمون لجامعة الدول العربية بما في ذلك تغيير اسم الجامعة إلى “اتحاد” أو مفوضية. ومن العبث حكماً البحث في شيء اسمه “رابطة الجوار العربي”. وعليه، وفي ضوء تاريخ طويل من الفشل المتراكم، يصبح من الأفضل - موضوعياً- أن تتحول هذه الجامعة إلى نادٍ حر صريح يلتقي فيه العرب ساعة يشاؤون ووفق نظام عضوية لا يشترط فيه سوى تسديد الاشتراك ونفقات الاجتماعات (في مقر دائم أو بدون). إن مثل هذا التحوّل يمثل أفضل فرصة لتطوير حقيقي لأنه سيشكل بيئة خصبة لمصارحة بعيدة عن المجاملات وأعباء الالتزامات ومقدمة ضرورية لإعادة تشخيص الواقع العربي والاعتراف الرسمي بفشله وإطلاق الحريات العامة في عملية تقييمه وتصويبه. وبعدها فقط قد تلمع نقطة ضوء في آخر النفق وتظهر فسحة الأمل لـ”الحلم العربي”. د. الياس البراج barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©