الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وأميركا: خمس حقائق

14 يوليو 2012
1 - الصين تسعى إلى أن تحل محل الولايات المتحدة باعتبارها القوة العسكرية والسياسية الرئيسية في آسيا: مصلحة بكين الإقليمية الأولى هي تايوان، التي تقول عنها إنها جزء من الصين. فالسيطرة على الجزيرة من شأنها تمديد نفوذ بكين لبضع مئات إضافية من الأميال في المحيط الهادي وبحر جنوب الصين. وعلى مدى ستين عاماً، منعت أميركا الصين من الاستيلاء على تايوان، في البداية عندما كانت هذه الأخيرة نظاماً ديكتاتورياً والآن كديمقراطية مزدهرة. لكن عندما سئلت بشكل مباشر من قبل مسؤولين صينيين في عام 1995، قالت واشنطن إنها لم تعد تعرف ما إن كانت ستدافع عن تايوان. وقد كررت موقف "الغموض الاستراتيجي" هذا منذ ذلك الوقت. غير أن رد بكين كان أقل التباساً، حيث قامت باقتناء الترسانة البحرية والجوية والسيبرانية اللازمة لمهاجمة تايوان. ومن أجل ردع الانخراط الأميركي، قامت بتطوير أسلحة مثل الغواصات الهجومية وأول صواريخ باليستية مضادة للسفن في العالم. ثم أضاف الجنرالات الصينيون تهديدات نووية ضد المدن الأميركية في حال اندلاع حرب حول تايوان. 2 - الولايات المتحدة تحاول احتواء صعود الصين العسكري: منذ أن زار نيكسون بكين، عملت أميركا والغرب على توسيع صعود الصين الاقتصادي وإدماجها دبلوماسياً وسياسياً ضمن النظام الدولي. وقد تكلل هذا الجزء من سياسة الانخراط بالنجاح، بما يخدم مصلحة الصين والملايين من مواطنيها. وحتى في المجال الأمني، فإن واشنطن كانت مستعدة لتغليب حسن النية في تعاملها مع الصين خلال قيام هذه الأخيرة بحشد قدراتها العسكرية على نحو دراماتيكي، حيث كان صناع السياسات الأميركيون يقولون إن القوة الاقتصادية عادة ما تفضي إلى القوة العسكرية، إن لم يكن لسبب، فعلى الأقل لفرض هيبة واحترام دوليين وللدفاع عن المصالح الاقتصادية الآخذة في التوسع. غير أن هذا الرأي المتسامح يتجاهل ثلاث حقائق: أن الصين لا تواجه أي تهديد وجودي يستلزم استثمارها العسكري الضخم، وأن القوات البحرية الأميركية تحمي مصالح الصين التجارية إلى جانب مصالح الجميع عبر الإبقاء على خطوط الملاحة البحرية مفتوحة، وأن الصين لا تحتاج إلى أسلحة مثل الصواريخ الباليستية طويلة المدى فقط من أجل التصدي للقراصنة الصوماليين. 3 ـ الصين والولايات المتحدة لا تتقاسمان التخوفات نفسها بخصوص برنامج كوريا الشمالية النووي: منذ أن اتضح أن بيونج يانج تسعى وراء تطوير أسلحة نووية، طمأن المسؤولون وخبراء آسيا الأميركيون العالم بأن بكين قلقة تماماً على غرار بقية العالم، فقربها الجغرافي من حليفها المتقلب كان يعطيها سبباً أكبر للقلق. غير أن تلك التطمينات تجاهلت حقيقة أن التكنولوجيا النووية الصينية كانت هي نقطة الانطلاق بالنسبة للبرنامج الكوري الشمالي، بشكل مباشر وعبر شبكة الباكستاني عبد القدير خان الذي حصل عليها في الأصل من الصين. كما تجاهلت تأثير بكين الكبير على بيونج يانج بالنظر إلى اعتماد هذه الأخيرة على الطعام والوقود الصينيين. وساد الاتزان الغربي بخصوص النوايا الصينية رغم قرابة العقدين من العرقلة الصينية في مجلس الأمن الدولي، واللذين كانت تحمي خلالهما بكين كوريا الشمالية من عقوبات دولية حقيقية. وعلاوة على ذلك، فإن المسؤولين الصينيين لم يعبروا يوماً عن أي من التخوفات المنسوبة إليهم من قبل المسؤولين والباحثين الغربيين. وبدلاً من ذلك، فإنهم يتحدثون ببرودة عن "حل سلمي" وعن "جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من السلاح النووي"، بمعنى القضاء على رادع نووي أميركي ضد اعتداء كوري شمالي في حال تكرره. 4 - الإصلاح الاقتصادي لن يؤدي بالضرورة إلى الإصلاح السياسي: منذ 30 عاماً، نجحت القيادة الشيوعية للصين إلى حد كبير في تفنيد الفكرة الغربية الليبرالية التي تقول بأن لامركزة السيطرة على الاقتصاد تؤدي بالضرورة إلى تغذية الإصلاح السياسي. وقد أظهرت تايوان وكوريا الجنوبية وآخرون أنه عندما يشكل الرخاءُ طبقةً متوسطة وتتيح التكنولوجيا الوصول إلى المعلومات والأخبار العالمية، فإن الناس سيطالبون على نحو لا مفر منه بحقوقهم الإنسانية والمدنية. غير أن بكين تقدم نموذج تطور مختلفاً وغير ديمقراطي لآسيا وأفريقيا، بل وحتى أميركا الجنوبية: ذلك أن الصين التي تخلصت من معظم النظرية والممارسة الماركسية، حافظت على نظام الحكم اللينيني، حيث تراهن على أن الرخاء النسبي سيبقي على سكانها راضين ومستقرين، وسيعوض عن الشرعية السياسية المفقودة في حكم الحزب الوحيد. وتحصن بكين هذا الرهان عبر قيامها من حين لآخر بإثارة الشعور القومي الصيني ضد تهديدات متصوَّرة من قوى خارجية وفي مقدمتها الولايات المتحدة. 5 - واشنطن تريد تغيير النظام الصيني: قامت تايوان وكوريا الجنوبية بالتحول من النظام السلطوي إلى الديمقراطية، لأن حاميهما الأميركي أبقى على الضغط في اتجاه الإصلاح السياسي. لكن الصين استطاعت تحدي التاريخ الحديث لأن الغرب، وبدون ممارسة التأثير نفسه على بكين، امتنع عن محاسبتها عن غياب تقدم سياسي. وهكذا، تلاشت صدمة مذبحة تيانانمان عام 1989، وطوى النسيان الوعود المنقوضة للتقدم الديمقراطي التي كانت شروطاً مسبقة لمنح بكين شرف تنظيم أولمبياد 2008. ورغم أن البلدان الغربية تندد بين الفينة والأخرى بسجل الصين المروع في حقوق الإنسان، إلا أنها لا تسمح أبداً لتلك الانتقادات بالتدخل في علاقاتها العادية مع الصين. جوزيف باسكو كاتب أميركي متخصص في الصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©