الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استشهاد زيد وجعفر وابن رواحة في مُؤتة

17 يوليو 2013 21:24
القاهرة (الاتحاد) - اتسمت العلاقات بين المسلمين والروم بالتوتر، فقد دأبت الروم ومن والاها من العرب على مضايقة المسلمين واستفزازهم، ومنها المحاولات المتكررة للتعرض لتجارتهم القادمة من الشام، وسلب ونهب القوافل التي تمر بالطريق، بالإضافة إلى ما مارسوه من ضغوط طالت كل مسلم وقع تحت أيديهم. واطمأن النبي صلى الله عليه وسلم على الأوضاع الداخلية والمحيطة بدولة الإسلام الوليدة، بعد القضاء على التآمر اليهودي بخيبر وأخذ في دعوة الملوك للإسلام، فأرسل إليهم سفراء، ومنهم الحارث بن عمير بكتاب إلى عظيم بصرى من أرض الشام، فاعترض طريقه شرحبيل بن عمرو الغساني وكان عاملاً على البلقاء من قبل قيصر الروم، فأوثقه وضرب عنقه، وكان قتل الرسل بمثابة إعلان حرب، فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان هذا هو أول رسول له يقتل على خلاف ما جرت العادة من إكرام الرسل وعدم التعرض لهم. قتال الروم دعا النبي للخروج ومقاتلة الروم حتى يضع حدا لهذه التصرفات ولأجل تأديبهم، فاجتمع عنده ثلاثة آلاف مقاتل، فعقد الراية لثلاثة منهم، وجعل إمرتهم بالتناوب، فقال: «إن أصيب زيد بن حارثة، فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر، فعبد الله بن رواحة». وجاء في آثار النبوة عن عروة بن الزبير قال أمّر رسول الله على الناس في مؤتة زيد بن حارثة، ثم قال، فإن أصيب زيد فجعفر، فإن أصيب جعفر، فعبد الله بن رواحة، فإن أصيب فليرتض المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم»، فقال يهودي: أبا القاسم إن كنت نبياً فسميت من سميت قليلاً أو كثيراً أصيبوا جميعاً إن الأنبياء من بني إسرائيل كانوا إذا استعملوا الرجل على القوم فقالوا إن أصيب فلان ففلان فلو سموا مئة أصيبوا جميعاً، ثم جعل اليهودي يقول لزيد اعهد فلا ترجع إلى محمد أبداً إن كان محمد نبياً، قال زيد فأشهد أنه نبي صادق بار. وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته قائلاً: «اغزوا باسم الله وفي سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً ولا أصحاب الصوامع». سار الجيش حتى وصل إلى منطقة معان، وكان هرقل قد سمع بقدوم المسلمين فأعد جيشاً جراراً يقدر بمئتي ألف مقاتل مئة ألف من الروم ومئة ألف من نصارى العرب، ولضخامة الجيش المعادي، توقف المسلمون وعقدوا مجلساً للتشاور هل يرجعون عن الصدام، أم يطلبون الإمداد، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه ساكت، فسأله زيد عن رأيه فقال يا قوم والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم له تطلبون الشهادة، ما نقاتل الناس بعدد ولا عدة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة، فقال الناس صدق والله أبن رواحة، واستقر الرأي على القتال. قتال الوحوش وفي يوم الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة اصطدم الجيشان في معركة غير متكافئة نهائياً، ومع ذلك قاتل المسلمون قتال الوحوش الكاسرة التي تدافع عن عرينها، فدنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية «مؤته»، والتحم الجيشان وحمي الوطيس، واقتتلوا قتالاً شديداً، وقتل أول قادة المسلمين زيد بن حارثة رضي الله عنه، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب بيمينه فقطعت، فأخذ الراية بشماله فقطعت، فاحتضنها بعضديه حتى قتل رضي الله عنه، فأخذ الراية عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، ثم تقدم بها على فرسه وأتاه ابن عمه بقطعة لحم، فقال أشدد بها صلبك، فإنك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت، أخذها فنهش منها نهشة، ثم سمع تدافع الناس للقتال فأخذ سيفه، فتقدم فقاتل حتى قتل. واستشهد قادة الجيش، وبقي المسلمون بلا قيادة حتى اصطلحوا على خالد بن الوليد سيف الله، فاستطاع أن يحول دفة القتال ويعيد تحريك الجيش ويغير مواقعه، فظن الروم أن المسلمين قد جاءتهم إمدادات جديدة واختلت صفوفهم وانتهت المعركة بنصر عظيم للمسلمين ولم يخسروا سوى ثلاثة عشر شهيداً منهم قادة الجيش الثلاثة. وقد أبلغ الوحي الرسول صلى الله عليه وسلم بأحداث المعركة، فعن أنس رضي الله عنه، أن النبي نعى زيداً وجعفر وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم»، قال الطحاوي وفي الحديث علم ظاهر من أعلام النبوة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©