الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما هكذا تودع الأساطير

16 يوليو 2015 00:26
كما أن جمال وسحر كرة القدم هو في عنادها الدائم للانصياع للمنطق الوضعي كما عرفه الرياضيون والفلاسفة، فإن الغريب والعجيب في هذه الكرة أنها تعيش أحياناً بلا قلب، وما يحدث اليوم مع القديس إيكر كاسياس وهو يرحل عن بيت ريال مدريد الذي فيه نشأ وتربى وترعرع وتنشق هواء القيم والحياة، مكسور الوجدان مذبوح الكبرياء ومهان الكرامة هو صورة مستفزة لما يمكن أن يصل إليه أي مسؤول من ظلم وقهر وإذلال للآخر، لمجرد أن البراجماتية تريد من هذا المسؤول أن يسحق بلا رحمة العواطف. كانت إدارة ريال مدريد والموسم الأخير ينتهي مترنحاً ومنزوعاً من كل قلادات الشرف، قد أخذت قرارها الصعب بإجبار من حمى عرين ريال مدريد لأزيد من عقدين من الزمن، أن يترجل لخارج أسوار البيت بحثا عن بيت آخر يؤويه وهو من ظن جازما أن الحياة لن تستقيم خارج أسوار البرنابو، طبعاً ما توصلت إدارة ريال مدريد إلى القرار القاسي لأن جمهور البرنابو واجه عميده الأنطولوجي بالصفير في مباريات مفصلية ضاعت فيها نقط استراتيجية من الريال في سباقاته التقليدية نحو الألقاب، ولكن لأن حالة من اليقين حصلت بأن كاسياس دخل خريف العطاء. لا اعتراض إذاً على أن للريال الحق في أن تحمي ظهرها وألا تترك ضلعاً ضعيفاً في صلبها مهما مثل هذا الضلع رياضياً ووجدانياً من قيمة تاريخية، ولكن هل نقبل بالطريقة التي باتت ريال مدريد تودع بها أساطيرها؟ فبالأمس القريب لاحظ الكل كيف أن الأسطورة راؤول جونزاليس خرج من بيت الملكي مصدوماً ومثيراً حوله الكثير من المداد الذي لا يكتب الوقائع، ولكنه يزيد في المواجع، وبذات الوجع والحزن يقف اليوم على الطريقة التي يتم بها وداع لاعب مثل كما قال الناخب الإسباني ديل بوسكي واحدة من أساطير ريال مدريد الحية. وبين الطريقة الجميلة والحضارية التي ودع بها نادي برشلونة أسطورته جزافي هيرنانديز الذي مثل مع إنييستا وميسي ضلعا لمثلث الخوارق والموسم الكروي الأخير يبلغ نهايته بحصاد أسطوري، وبين الطريقة التي جرى بها الانفصال عن كاسياس ما يطرح السؤال حول حقيقة القيم الإنسانية الرفيعة التي يقال أن ريال مدريد يصدرها للإنسانية. بدر الدين الإدريسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©