السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وماذا بعد؟

8 أغسطس 2006 00:42
لطالما تساءلنا في عدة مواقف إذا ما كان السكوت خطأ أم صوابا ···؟ وكثيراً ما كان هذا السؤال محيراً ومدعاة للتفكر والتساؤل في: أيهما أفضل ··· السكوت أم الكلام···؟ قيل: أربع كلمات صدرت عن أربعة ملوك، كأنما رميت عن قوس واحدة، فقد قال كسرى: (لم أندم على ما لم أقل، وندمت على ما قلت مراراً)· وقال قيصر: (إني على رد ما لم أقل ·· أقدر مني على رد ما قلت)· وقال ملك الصين: (إذا تكلمت بكلمة ·· ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ·· ملكتها)· وقال ملك الهند: (عجبت لمن يتكلم بالكلمة···!، إن رفعت ضرته، وإن لم ترفع ما نفعته)· والأقوال المأثورة عن الصمت كثيرة، لكن الكلمات تظل عاجزة لا تسعف عن وصف الحكمة منه، ومدى إيثار أغلب الحكماء للصمت كما قال حكيمنا لقمان: (الصمت حكمة، وقليل فاعله)، ومن هذا المنطلق قد يعجب الكثير منا على سكوت البعض وتفضيلهم الصمت على الكلام، فمنهم من يرى أنه ضعف، والآخر يحسبه جهلا···! وغيرهم قد يحللون شخصية الصامت على أنه أهون الشخصيات وأقلها فهماً وإدراكاً، ،الحقيقة في الواقع أنها - غالباً - ما تكون عكس ذلك تماماً، فالصامت أكثر رهافة وحساً وتفكيراً من الناطق، فإن جلست لحظة مفكراً·· جلست صامتاً، وإن قرأت كتاباً·· قرأته صامتاً، ولو تأملت في شيء·· تأملته أيضاً صامتاً، فكثير من الأشياء المتعلقة بنا نحن فقط دون الغير ترتبط بالصمت وبأرق أوتار القلب وأرهفها حساً، وإن لاحظنا قليلاً أنه بعد كل حديث ينطق به أي متحدث يضطر للوقوف قليلاً في لحظة صمت وسكون ليسأل نفسه أو غيره: (وماذا بعد···؟)، لذا لو رأينا الايجابيات التي تترتب على لحظات الصمت الثمينة، لما ساعدتنا الحروف في تسطيرها، وأنا لا أعمم بقولي هذا على أن الصمت الطاغي أفضل من الكلام، فكما قرأنا وعلمنا أن الله - سبحانه وتعالى - أرسل أنبيائه - عليهم السلام - بالكلام لا بالصمت والسكوت، وإن من الكلام لبيان، ومن الصمت لحكمة، لكن يظل التطبع بطابع الصمت الرزين، في أغلب المواقف التي تمر علينا أفضل حالاً من طلاقة اللسان، وما يتبعه من زلات لا تغفر، وخوافي ضمائر - دائماً - تظهر، قال رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم): (ما أعطي العبد شراً من طلاقة اللسان)· وإذا تساءلنا أخيراً عن جواب أصل السؤال، في أيهما أفضل: السكوت أم الكلام···؟ لكان من الملاحظ أن بعد كل سكوت كلام··· وبعد كل كلام سكوت، وإلا ··· (فماذا بعد···؟)· إيناس الحبشي أبوظبي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©