الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

هوت النجوم من أبراجها

20 يوليو 2011 22:16
هناك في محميات الفن الجميل، موطن الأساطير الكروية الخالدة وفي ثغور الإبداع الخالد بأميركا اللاتينية سقطت نجمات، انهارت حصون وتلبدت سماء الاحتفالية بسحابات الحزن، ومنتخبان صنديدان هما الأرجنتين والبرازيل يسقطان من دور ربع نهائي لكوبا أميركا، في مشهد درامي سيفضي ولا شك إلى الكثير من القراءات الفنية والتي يقول ملمحها النقدي الأول إن تضاريس الكرة بقارة الاحتفالية والسحر تعيش انقلاباً غير مسبوق سيؤسس لجغرافيا فنية جديدة. يسقط التانجو ملدوغاً من حجر ضربات الترجيح أمام منتخب الأوروجواي الشرس، ويعلق جيل بكامله في ساحات بوينس آيريس، بتهمة أنه أعدم حلم شعب بكامله، كان يتوق لأن تبقى الكأس في الأرجنتين، وفي حمأة الغضب الشعبي يعود السؤال إلى موائد الحوار والنقاش، هل في هذه النهاية الدرامية للحلم الأرجنتيني ما يؤمئ إلى أن ليونيل ميسي لا يستطيع أن يكون بأسطورية مارادونا في حمل التانجو على أكتافه ليصطاد الألقاب والتتويجات؟. ساعات بعد أن سقط منتخب الأرجنتين من شرفات عالية جداً، فتحطمت معه القلوب والأماني، كان منتخب البرازيل وقد بدا مترنحاً في الدور الأول يضع بنفسه خاتمة ولا أسوأ لمشوار مهلهل، فأمام باراجواي تفنن كل السحرة الصغار في إتلاف الفرص وإهدار الآمال، بل إنهم واصلوا تعذيب النفس عندما حولوا ضربات الترجيح إلى لعبة مملة، فكان من العدل أن يرمى بهم خارج المنافسة. ولم يكن الصدر قد اتسع لهول الضربات والمفاجآت الموجعة، حتى كان منتخب فنزويلا يضع أجمل نهاية للربع الدرامي لكوبا أميركاو وهو يخرج من الباب الصغير منتخب التشيلي بكل السيل الجارف من فرص التهديف الذي صنعه مهاجموه وبكل التسيد المطلق لأغلب فترات اللعب. وأقف عند حالتين أعتبرهما دالتين على هذا الانقلاب النوعي الذي أحدثته كوبا أميركا في نسختها الثالثة والأربعين في كرة القدم اللاتينية، أما الحالة الأولى فهي دخول منتخب فنزويلا ساحة العمالقة للرقص مع الكبار، فهذا المنتخب الذي يأسر بهوسه قلب رئيسه «المثير للجدل وللإعجاب» هوجو تشافيز، كان إلى وقت قريب ضالة كل المنتخبات اللاتينية، يتخذونه جسرًا وكم من تلك المنتخبات نفخت نسبتها العامة من الأهداف على حسابه. هذا المنتخب الفنزويلي بمقاربة تكتيكية متطابقة ومندمجة كسر الطوق، ألغى الفوارق، وبرز نفسياً وفنياً وتكتيكياً كمنتخب قادر على المقارعة بجسارة وثقة رائعة في القدرات النفسية وهو في الأصل ضلع مضيء لمربع ذهبي لكوبا أميركا أعلنت الثورة على الكبار. أما الحالة الثانية فهي أن منتخبات الأرجنتين، البرازيل والتشيلي خرجت بصورة درامية متطابقة ومن أصل واحد، فالمنتخبات الثلاثة كانت بسخاء هجومي لا حدود له، هيمنت، سيطرت، أنتجت عشرات الفرص، ولكنها لم تنجح في العبور نحو دور النصف إما لأنها من فرط السخاء كانت ساذجة في تدبر مباراة هي في المتناول، وإما لأن المنتخبات التي كانت في الطرف المقابل لعبت بعقلية مستوردة من القارة العجوز، تؤمن بأنه لا قياس مع وجود الفارق، وعندما يكون هناك فارق مهول في الإبداع الفردي، يصبح الحل العاقل هو اللجوء إلى الغطاء الجماعي، الذي ينص على أن الاحتراز جماعياً من سطوة المنافس بالتنظيم الدفاعي الذي لا يترك هامشا ًولو صغيراً للمجازفة وبتحقيق أعلى نسبة نجاح في تنفيذ المرتد، وتلك هي العقلية الأوروبية التي لطالما هوت بالنجوم اللاتينية من أبراجها. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©