الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هدى كانو.. الإمارات تعيش لحظة ازدهار ثقافي

هدى كانو.. الإمارات تعيش لحظة ازدهار ثقافي
6 أغسطس 2014 20:35
* أحب الموسيقى والأوبرا والمسرح والفن التشكيلي وللفن الإسلامي عندي مكانة خاصة * الدول التي شكلت حاضنة لتعدد الثقافات هي التي احتلت مكان الصدارة عالمياً * لا نقدّم أي مبادرة إلا بعد قراءة مستقبلية وبحث مستفيض في الآليات المثلى لتنفيذها * الثقافة أداة توحّد الشعوب وعبر الدبلوماسية الثقافية نردم الهوة ونبني الجسور من منابع ثقافية شتى تشكلت شخصيتها الثقافية، وحول عدد من الروافد الثرية اجتماعياً ومعرفياً، نضجت رؤاها وترسخت علاقتها بالفنون والثقافة والإبداع. اختبرت هدى كانو الحياة عبر التجربة الشخصية، واختبرت الوعي عبر القراءة والكتاب والمعرفة بأطيافها المتنوعة. ولعل هذا الانفتاح على قوس واسع من الثقافات واللغات والحضارات يرجع في أساسه إلى صلابة روحها الإنسانية، وعمقها، وقدرتها على الاقتراب من الآخر ثقافياً بوعي متجذر في المكان وثقافته لكنه في الوقت نفسه قادر على الاستفادة مما لديه. بهذه الصلابة، بهذا الإيمان العميق بقدرة الفرد على أن يكون فاعلاً في المجتمع. وبقناعة مؤسَّسة على أهمية العمل التطوعي في المجال الثقافي والفني كما هو في المجال الإنساني، وما يتوافر عليه من رحابات إنسانية ومديات اجتماعية، خاضت هدى كانو مؤسسة مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون تجربتها اللافتة، التي بدأت حلماً صغيراً في رأسها، ثم صارت واحدة من أهم المشروعات الثقافية التي توجد في دولة الإمارات العربية المتحدة، بل ربما، لا نغالي إذا قلنا إنها تخطت الحدود المحلية إلى العربية والعالمية عبر مشاركاتها المختلفة، وعلاقاتها الواسعة مع المؤسسات والمشروعات الثقافية الكبرى والمؤثرة في الدول الغربية. ------ هذه ليست كل الحكاية. ثمة الكثير مما جعل هذا الحلم يعثر على أجنحة يطير بها، ويتحقق. فالأحلام تبقى أحلاماً إن لم يعمل أصحابها من أجل تحقيقها. بهذا الدافع، وبرغبة داخلية في المعرفة، قرأت هدى كانو الخريطة الثقافية. بحثت عن مكانها. ولما وجدت لأحلامها موطئ قدم. قالت: هنا أريد أن أكون. هنا يمكن لكينونتي أن تصرّح بوجودها. أصل الحكاية. شغف بالشغف بدأت علاقتها مع الثقافة. فقد أحبت منذ صغرها الموسيقى، والأوبرا، والمسرح، والفن التشكيلي، وللفن الإسلامي عندها «مكانة خاصة». لقد عوّلت كثيراً على القراءة، والمعرفة، والاطلاع على كل جديد لكي تشبع نهمها المعرفي. فتحَتْ شرفاتها لكل أنواع المعرفة لتقرأ في كل شيء. كانت لولادتها في بيروت، بكل ما تعنيه بيروت ثقافياً، وفي بيت من بيوتات الثقافة أثر كبير على اتساع المشهد المحيط بها إن على المستوى العام (البيئة المحيطة) أو على المستوى الخاص (الأسرة والعائلة). . فنشأت منفتحة إنسانياً وثقافياً على معارف وعلوم شتى، وقد عمق هذا البعد في شخصيتها دراستها في فرنسا ثم حياتها في الإمارات، وهي ترى أن هذه كلها «بيئات ثقافية خصبة، وحراك فني راسخ ومتأصل يسهم في تعزيز قيم الحوار الإنساني والانفتاح على الآخر. وقد كان للوالد دورٌ مهمٌ في حبي للثقافة والفنون منذ صغري من خلال مجالس الفكر والحوار والشعر في المنزل. وللإمارات الدور الأكبر في تشكيل شخصيتي الثقافية من حيث عملي في المجمع الثقافي، وارتباط كل من يعيش على الأرض بإرث المغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وقيم التسامح والحوار مع الآخر التي أورثنا إياها». . . ولما سألتها عن أثر الزواج المختلط في هذا الغنى الثقافي، فضلت أن تأخذ الحديث إلى مداه العام، وأن تتحدث عن الاختلاط الثقافي بمعناه الأوسع. * يرى كثير من علماء الاجتماع والمشتغلين في البحث الاجتماعي أن الأطفال الذين يكونون ثمرة زواج مختلط هم أكثر ابتكاراً وإبداعاً من جهة، لكنهم أكثر قلقاً من جهة أخرى، بوصفك واحدة من أبناء هذا النوع من الزواج، كيف تنظرين إلى الزواج المختلط من حيث كونه نموذجاً للتنوع والتعددية على المستوى الفكري والإنساني؟ ** يقول تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا». الاختلاط بين البشر سنة الوجود، والتجربة علّمتني، وهنا لا أتحدث عن الشأن الشخصي فقط، أن الدول التي شكلت حاضنة لتعدد الثقافات ولقاء الحضارات وتلاقح الأفكار، هي الدول التي احتلت مكان الصدارة عالمياً، فمعظم المجتمعات الحديثة الرائدة اليوم مجتمعات مختلطة تُعلي قيم التسامح والتعايش بين الشعوب والإسهام الإيجابي للإنسان في التطور الجماعي بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الديانة أو اللغة. * إذن، هل يمكن القول إن أبناء مثل هذه الزيجات يملكون اتساعاً روحياً أكثر من غيرهم، ماذا عن الإحساس الفردي بالهوية الشخصية؟ ** الاتساع الروحي والانفتاح الإنساني غاية ليس فقط في حالات الاختلاط الإنساني بالزواج، بل في كل غايات الفعل الإنساني الثقافي والمعرفي والفني والفكري. الإمارات مثلاً، بلدٌ غني بتنوّعه، وفرادة تمثيله لأكثر من 200 جنسية تتفاعل على أرضه، وتسهم في ترسيخ مكانته، وريادته عالمياً. * لعبت من خلال المهرجان وغيره من الفعاليات دوراً ملموساً في تحفيز الحراك الثقافي، وتعزيز العمل التطوعي المجتمعي، كيف تنظرين إلى العلاقة بين القطاع الخاص والثقافة، ما هي محدداتها الأساسية وكيف ينبغي أن نسلك ثقافياً لكي لا يطغى الجانب المصلحي أو الربحي أو المنفعة على العمل؟ ** نحن مجموعة تطوعية ذات نفع عام، وما نقوم به يصب في خدمة ترجمة وتحقيق رؤية إمارة أبوظبي ودولة الإمارات، وفي إطار توجيهات قيادتها الرشيدة، فلولا دعم الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما استطاعت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون أن تستمر في عملها منذ العام 1996 ولا أن نستمر في إقامة مهرجان أبوظبي منذ العام 2004. ومن المعلوم أن عمل الجمعيات ذات النفع العام هو عمل تكاملي مع جهود القطاعين العام والخاص معاً، ولا يمكن أن يزدهر الحراك الثقافي من دون شراكة مثمرة ومتواصلة. والثقافة هي محفز تنمية واستدامة وآلية تطوير مجتمعي وتعبير فني وثقافي، وكل عمل يخدم المجتمع لا بدّ أن يعود بالمنفعة على الجميع، مؤسساتٍ وأفراداً. ونحن في مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون لا نؤمن بالربحية في العمل الثقافي والتطوعي، ولكن يسهم الحراك الثقافي في تحفيز القطاعات المختلفة في المجتمع مثل السياحة والاقتصاد والتنمية. ونحن نتبرع بجزء أساسي من عوائد المهرجان سنوياً لجمعيات ومؤسسات خيرية محلية وعالمية (مثل صندوق الغذاء العالمي/ مركز الأطفال مرضى القلب في الجامعة الأميركية ببيروت/ مراكز إيواء النساء والأطفال/ ضحايا عدوان غزة/ الهلال الأحمر الإماراتي ومشاريعه الخيرية). المثقف ليس هامشياً * بمناسبة حديثك عن العمل التطوعي والإسهام في خدمة المجتمع، يكثر اتهام النخبة الثقافية العربية بالهامشية والتقصير فيما يخص العمل المجتمعي، لماذا هذه المعضلة تزدهر عربياً. . . وما دمت على تواصل مع الحركة الثقافية في الغرب، هل يمكن إجراء مقارنة ما بين (فاعلية) المثقف الغربي و (هامشية) المثقف العربي في هذه النقطة؟ ** لا أعتقد أن دور المثقف العربي هامشي، فالمثقف العربي حاضرٌ في المنتديات والملتقيات الفكرية والثقافية والإبداعية، والمبادرات والإعلام، لكن ما يمكن أن نشير إليه هو قصور مجتمعي في وعي طبيعة العلاقة مع هذا المثقف وفرادتها وتميزها، فللمثقف العربي طبيعة حساسة بل مفرطة الحساسية أحياناً تجاه معضلات تنموية تواجهها مجتمعاتنا، وتعمل على حلها بطرق علمية قد لا تعطي للمثقف مساحة الفعل أو الاهتمام التي يحتاج إليها. الثقافة العربية وبخاصة في الإمارات تزدهر ولا يمكن لهذا الازدهار أن يكون لولا دور المثقفين الفاعل، في الإمارات لدينا سبع عواصم ثقافية، لدينا سبع حاضنات للثقافة والإبداع. أبوظبي.. زخم ثقافي * هذا يأخذنا إلى المشهد الثقافي في أبوظبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام، كيف تنظرين إليه؟ ** نحن محظوظون لكوننا في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وهي تبرز كحاضنة عالمية للثقافات ووجهة تستقطب المبدعين من كل أرجاء العالم، ومنارة لقاء حضاري وثقافي وانفتاح معرفي وفكري، جاذبة لجميع أنماط الإبداع في الفنون والثقافة والآداب والعلوم والتقنية. مما لا شك فيه أن الساحة الثقافية في أبوظبي تشهد زخماً كبيراً يتوازى وأهمية الإمارة اقتصادياً، فقد أصبحت أبوظبي منارة ثقافية تشع على العالم بأسره، وتقام فيها كل عام العديد من المهرجانات الثقافية الكبرى مثل مهرجان أبوظبي ومهرجان الصقارة في العين، ومهرجان ليوا للرطب، وهي مهرجانات لها صيت عالمي، بالإضافة إلى المشاريع الثقافية المميزة والمتاحف التي ستحتضنها متاحف جزيرة السعديات. ليس مستغرباً الازدهار الذي يشهده المشهد الثقافي في أبوظبي والإمارات، وهو غرس يدي المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة، ونتاج رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وقطاف مبارك لتوجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، راعي التعليم وداعم الفنون. هذه القفزات الجبارة في مجالات الفنون والثقافة والإبداع، تترجم رؤية أبوظبي الثقافية، وتعكس حقيقة شعار مهرجان أبوظبي هذا العام «روح الدار إبداعٌ وابتكار». * يبدو أنك تحملين محبة استثنائية للإبداع والابتكار لكي تضعي رعاية الموهوبين نصب عينيك، أي أهمية يمكن العثور عليها وراء الاهتمام بالمبدعين الشباب وما علاقة ذلك بالنظرة المستقبلية للعمل الثقافي، كما تعلمين نحن عربياً لا نعنى كثيراً بالدراسات المستقبلية خاصة في حقل الثقافة؟ ** المبدعون الشباب هم كبار فناني المستقبل إن عرفنا كيفية احتضان مواهبهم ورعايتها وصقلها. وهم الزهور التي نزرعها بذرة ونرعاها إلى أن تكبر وتتفتح. لقد شهدت، عبر خبرتي الطويلة لسبعة عشر عاماً في مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، عدداً كبيراً ممن ساعدت على رعاية مواهبهم عندما كانوا أطفالاً وقد أصبحوا الآن فنانين كباراً في الموسيقى والمسرح والتشكيل. وهذا يؤكد ضرورة الاهتمام بالمواهب الصغيرة ورعايتها وصقلها. ونحن لا نقدّم أية مبادرة إلا معتمدين على قراءة مستقبلية وبحث مستفيض في الآليات المثلى لرعاية المواهب عبر هذه المبادرات، والأهم في كل ذلك استمرارية العمل على دعم وتحفيز الإبداع واحتضان المبدعين. * المرأة أيضاً، لا سيما المرأة المبدعة، تحظى بعنايتك، كيف تنظرين إلى إبداع المرأة عامة والمرأة الإماراتية بشكل خاص؟ ** لنا في «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك قدوةٌ ونموذج حسن في كيفية تحفيز المرأة على العطاء والإبداع، وأنا أميل أكثر إلى تقدير إبداع المرأة لسبب رئيسي يعود إلى طبيعة ونمطية تعامل مجتمعاتنا سابقاً معها ومع ميولها الإبداعية، وهنا لا بد من الإشادة الكبيرة بدور القيادة الإماراتية في تقديم نموذج المرأة الإماراتية القيادية واحتضانها في مختلف مواقع العمل والمسؤولية والإبداع. ثقافة الحوار * بوصفك واحدة من الناشطين على مستوى التلاقح الثقافي والتعريف بثقافات الشعوب، كيف تفهمين مقولات مثل: حوار الثقافات، الصراع الثقافي، التعاون العالمي من أجل السلام والتعايش المشترك. . ما دور الفنون والثقافة عموماً على هذه الصعد؟ ** نحن نؤمن بثقافة الحوار لا حوار الثقافات فقط، والسلام وترسيخ ثقافة التعايش والحوار بين شتى الحضارات والشعوب، هي مبادئ ثابتة ومحورية في سياسة دولة الإمارات الإقليمية والدولية، كما يؤكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله. أما عن الصراع الثقافي فأرى أنه مفهوم إيجابي تكاملي وليس ضدياً بالضرورة، ونفهم من هذه المفردة ضرورة الانفتاح على الأفكار وعلى الآخر والاستفادة من منجزاته في التقنية والعلوم والفنون، مع الحفاظ على الهوية الأصيلة والإرث المعرفي لشعوبنا ومجتمعاتنا. وعبر الثقافة نخدم التعاون العالمي لأجل السلام، فالثقافة أداة توحّد الشعوب وعبر الدبلوماسية الثقافية نردم الهوة ونبني الجسور. وأما الفنون فهي لغة الإنسانية وأداتها للارتقاء بالنوع الإنساني نحو التزام أعلى معايير الحس المشترك والوعي الجمعي. كما أن للثقافة والفنون دوراً كبيراً في ترسيخ قيم المحبة والسلام الإنساني، ولها القدرة على فتح آفاق أوسع للتفاهم والتواصل الثقافي العالمي لمصلحة الإنسانية. سبل التواصل * يقول فلاسفة وشعراء إن الإنسان يأتي إلى الحياة وحيداً ويغادرها وحيداً وبين الميلاد والموت يحاول أن يتواصل مع الحياة بطرق شتى، كيف حققت أنتِ هذا النوع من التواصل؟ تواصلي يتعمق عبر ثلاثة محاور: المحور الأول: الشخصي عبر التجربة والاختبار بدءاً من دراسة الفنون في فرنسا والعيش في الإمارات، والاطلاع على الرؤية الثقافية للقيادة الإماراتية، والتواصل مع وجوه الثقافة والفنون في الدولة، والتفاعل اليومي مع المشهد الثقافي بجميع مخرجاته. المحور الثاني: المعرفة والاطلاع على التجارب الإبداعية العالمية في فنون الأداء، والأوبرا، والموسيقى، والمسرح والتشكيل وغيرها. المحور الثالث: العمل في تأسيس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون وإطلاق مهرجان أبوظبي. * وما الذي يشغلك حالياً على المستوى الثقافي والإنساني؟ ** يشغلني هذا التواصل الذي تحدثتِ عنه، فأنا ما زلت أبحث عن آفاق ثقافية ومجتمعية تطوعية جديدة أستكشف إمكانية التعاون معها وتفعيلها. يشغلني تحقيق خدمة الرؤية الثقافية الرائدة لدولة الإمارات وعاصمتها أبوظبي، وكيفية إيصال المواد الثقافية والفنية إلى الجمهور من محبي الفنون. أما على المستوى الإنساني فيشغلني همّ أن كيف نحقق للإنسانية خروجاً من مأزقها المتمثل بالقتل والحروب والجوع إلى عالم أكثر إنسانية، يحتفي بالفنون وبالثقافة كأداة للتنمية ويعمل على احتضان طموح وآمال أفراده، فأنا أؤمن بالتسامح والتعايش كشرط مهم لتحقيق السلام والتقدم الاجتماعي، ونبذ العنف والتغلب على الكراهية. الحاضرون فينا * في حياة كل مثقف مراحل أو مرتحلات فكرية تبدو مثل فواصل كبرى، ما هي بالنسبة إليك؟ ** أعتبر أن كل مراحل حياتي وتحولاتها تختصرها تجربة الإمارات والعيش فيها، فمن جهة تحفل التجربة بكل جديد كل يوم، ومن جهة ثانية تظل التجربة سائرة على وتيرة واحدة تؤكد الاستدامة والمواظبة على التطور والذهاب إلى الأمام في المشروع الثقافي الشخصي المواكب والموازي للمشروع الثقافي العام. * أيضاً في حياة كلّ منا أشخاص تركوا بصمتهم على تفكيره وفي روحه، من هم ولماذا بالنسبة إليك؟ ** الأب والأم، الأب علّمني محبة العلم والبحث عن المعرفة، والأم علّمتني معنى الكفاح والمحبة، ثم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، وأخيراً كل إنسان التقيت به وجمعتنا معاً مساحة الخدمة التطوعية والانتماء للثقافة كهمّ وفعل يومي يخدم الارتقاء بالذائقة وبناء الإنسان. * وماذا عن الكتاب؟ ** للكتاب المكانة التي لا تتغير، وكما قال الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي «وخير جليس في الأنام كتاب». الكتب ضرورة معرفية وإنسانية كما الماء والهواء، ولا يمكن إنتاج المعرفة في مجتمع لا يقرأ. * وما أجمل مقتنياتك من الكتب؟ ** من أجمل مقتنياتي من الكتب الأعمال الشعرية الكاملة للمتنبي، والأخطل الصغير، نزار قباني، الجواهري، بدوي الجبل، أعمال جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، والعديد من الأبحاث في الفنون الإسلامية وفن الأوبرا والفنون التشكيلية. * نعرف أنك تكتبين بعض النصوص والمقالات التي تعبر عن انشغالاتك الثقافية والفكرية والفنية، هل تفكرين في إصدارها في كتاب؟ ماذا تعني لك الكتابة؟ متى تكتبين؟ ** الكتابة طقس نعيشه كل لحظة، في قراءتنا لمشاهد الحياة، أو محاولة فهمنا لتفصيل ما من يومياتها، أكتب في ما أعنيه من رسائل في الثقافة والإبداع وآليات خلق منظومة متكاملة خادمة لمجتمع الإبداع والابتكار، أما عن إصدار كتاب فلهذا الحديث شأنٌ يمكن البحث فيه عندما تصبح ظروف النشر مواتية. أوسمة وإنجازات * حصلت على الكثير من الجوائز والأوسمة، ماذا يعني لك ذلك بشكل خاص، وكيف تنظرين عموماً إلى أثر الجوائز الثقافية على تحفيز عطاء المثقف وتحريك الحياة الثقافية؟ ** للجوائز قيمتها الرمزية والاعتبارية التي يعتز بها الحاصل عليها، وللجوائز قيمة أكبر في إسهامها بتحفيز الفعل الإبداعي أو الثقافي أو التطوّعي وهنا تكمن أهميتها. إن نيل الجوائز يحمّل أيضاً الشخص الذي ينالها مسؤولية وتبعة الحفاظ على استحقاقه لها والعمل أكثر في سبيل الحفاظ على السمعة التي أهلته لنيلها. * ما هو أجمل ما أنجزته؟ أجمل إنجازاتي أن أرى اليوم الفنانين الإماراتيين الشباب نجوماً ساطعةً متألقةً على خشبة مهرجان أبوظبي، وقد كانوا صغاراً في بداية عملي معهم سعياً لاحتضان مواهبهم وصقلها والعمل على إبرازها عبر آليات التعبير الفني والتفكير الحر، نعم إن أجمل إنجازاتي إضافةً إلى الأسرة الصغيرة التي تعني لي الكثير، أسرة المبدعين من الفنانين والنجوم والمواهب التي بها يكتمل منجز مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، ومهرجان أبوظبي. عائدات تذاكره لدعم التعليم والبرامج والمبادرات الخيرية والإنسانية هذه حكاية مهرجان أبوظبي ولد المهرجان من فكرة طموحة سابقة على زمنها، كما قالت هدى كانو، إدراكاً لما تحمله أبوظبي والإمارات من إمكانات النهضة الفنية والثقافية منذ مراحل التمكين الأولى. وهو يندرج في إطار السعي لجعل أبوظبي منارة للثقافة وجسراً للتواصل بين الحضارات، عبر نشر الثقافة والفنون مع المحافظة على التراث والأصالة، وفهم فكر الجيل الجديد وإعطائه الفرصة للتعرف على الموروث الثقافي الإنساني من أجل الإبداع الفكري الحر الذي ينتج العمل المتميز والإنسان المتميز. وعن الصعوبات التي واجهتها الفكرة في طريقها لتصبح حقيقة، أضافت كانو: الصعوبات الأساسية هي الصعوبات التي ترافق المرحلة التأسيسية لأي عمل، ولكنها تذللت بفضل رعاية واهتمام ومتابعة أصحاب السمو الشيوخ وبخاصة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الثقافة والإعلام يومها، ثم الرعاية الكريمة للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرعاية الدائمة من معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، راعي ورئيس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون. وأما نجاح أي مشروع فيكمن في المصداقية والتعاون الشفاف مع جميع المؤسسات والأفراد الشركاء في صناعة الفعل الثقافي والفني. وبخصوص ما يعنيه لها المهرجان بعد كل هذه السنوات، قالت: المهرجان يعني لي عقداً من التميز والإنجاز، الإنجاز الذي نفخر به جميعاً، ويرتبط باسم ومكانة العاصمة الإماراتية ودولة الإمارات، فقد اتخذ المهرجان موقعاً متميزاً على خارطة المهرجانات ذات الشهرة العالمية وتحقق الكثير ولكن لا يزال أمامنا المزيد أيضاً. إنه التحقق الجمعي لمكان يحتفي بالإبداع ويُعلي قيمه، أعني المكان الإماراتي، ولا أعتقد أننا أفراداً ومؤسسات نستطيع تحقيق المنجز لولا الاحتضان الكبير من قبل القيادة الحكيمة للدولة. ورداً على سؤال: هل أنتم راضون عن المهرجان، وما هي الطموحات المستقبلية؟، أجابت: «نظل في جهد متواصل وعمل دؤوب لأجل تحقيق الأفضل في الإنجاز الثقافي، وهناك الكثير من البرامج نعلنها في حينه». أخيراً. ثمة من يرى أن المهرجان (مشروع اقتصادي رابح)، ويستدل على رأيه بتركيز المهرجان على الحفلات الموسيقية، وهي شبهة ردّت عليها هدى كانو برحابة صدر، فقالت: لا أذيع سراً حين أشير إلى حقيقة أن المهرجانات العربية ما كانت لتستمر لولا الدعم المجتمعي أو الحكومي، وأننا في مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون جمعية ذات نفع عام، لا تبغي الربح، فمهرجان أبوظبي استمد استمرارية عطائه من دعم القيادة الرشيدة في الإمارات له ورعايتها واحتضانها، وفي حالة مهرجان أبوظبي خصصت عائدات تذاكره لدعم التعليم والبرامج والمبادرات الخيرية والإنسانية محلياً وخارجياً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©