الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد خليفة السويدي.. بداية الحلم

أحمد خليفة السويدي.. بداية الحلم
6 أغسطس 2014 21:41
أحمد خليفة السويدي. . في الوعي في التاريخ، في لجة المشهد، تقف قامة الأفذاذ، سرداً عربياً، يعانق شغاف الصحراء، ويفضي إلى النجمة مشاغباً وعيها وبريقها، وتألقها وتناسق الأشواق، في مدارات القلب وبسوق النخل، منتعلاً وَجدَهُ، وجودَهُ، ووجوده، منافحاً فضاءات الله، والسماء سجادة رهيفة، بنعومة أظافر الكون. أحمد خليفة السويدي، تبدو في «العين» بؤرة الحنين الأمين، تبدو في أبوظبي عشباً قشيباً، تلاحقك ظباء الجملة المفيدة، تبدو في الإمارات نخل الظل والخل، والجلال المجلجل، المجلل، المكلل بتيجان التاريخ الزاهي بألوان المآثر والمخابر والجواهر، والمحور فكرة، صنعت تاريخاً وذاكرة، ازدهرت بالمعاني، وما أفردت له القصيدة من عناق الأشواق، حيث الوطن سيدي، منطقة ما بين الحاجبين، نقطة ما بين رمشين، خطوات الدماء الحثيثة في الشريان وورطة الحب اللذيذ. أحمد خليفة السويدي. . مذ أن فتحنا كراسة الوعي، كان التاريخ يقتعد كرسياً، ويمسك القلم والقرطاس، ذاكرة تنصع بالحروف المرصعة بذهب القيم الرفيعة. . مذ أن غادرنا منازل الغفوة، ونحن نقرأ عن شهامة الجبال ونجابة الرجال، ونبل الحقول المترعة، بعطر الأفكار النيرة، وتضحيات الجياد، رغم سطوة الأصياف، وتباعد الأرياف، إلا أنك سيدي كنت في المشهد، اللقطة المؤثرة، الصورة المبحرة في المعنى، المسيرة النادرة في زمان العروبة. أحمد خليفة السويدي. . تلك الأفكار، مشت على غيمة ممطرة، تلك الخطى، حطت عند جزيرة الأحلام، فازدهرت وأينعت ويفعت، وأزهرت وأثمرت، صرنا في المكان المبجل، نبلاء العالم، وسلالة الأنخاب والنجب، لأن التأسيس سيدي كان على أركان رسخت جذورها في تراب الأرض وترائبها، لأن الُحلم كان موازياً للحِلْم، لأن الواقع كان وعاء يزخر بجينات النهوض. قصة شموخ أحمد خليفة السويدي. . هنا في المكان، هنا في الزمان، هنا في الأشجان والألحان، هديل قديم قِدم التاريخ، يقول إن للشموخ قصة، وأن للرسوخ حصحصة النهار، حين تبدو الشمس قرصاً يتدرج في إناء الحالمين، حين تكون الخيوط الذهبية جيشاً من الانثيالات وأشواق الطير المغرد عند شغاف القلب، وأعناق النخل السارد هفهفات الأوراق الشفيفة. أحمد خليفة السويدي. . كيف يمكن للماء أن يغلق النافذة، ولا يرى السواحل وهي تبارك وشوشة الموجة؟ كيف يمكن للصحراء الغفو ولا تناغي رعشة «الغاف» عند سفوح اللهفة؟ نأخذ من الزمان رغيف نشوتنا، نأخذ من الجِنان شفيف نخوتنا، نأخذ من عزائمنا عصا إتكائنا، ونمضي سيدي. . نمضي حيث يغفو الوطن، لنبض وحض وفر، ونهفو لإكمال الرواية، والأخذ بناصية الحكاية، وألذّ ما في الغواية، لحظة الاحتراق، وورطتنا سيدي في الحب أنه النهر والنهار، وأنه البحر والأسحار وأنه النحِر المؤدلج ببياض ورياض، ورطتنا اللذيذة في الوطن أنه كل الحب، وكل أشواق العشاق. أحمد خليفة السويدي. . منذ أن توحدت الأصابع، باتت الأشجار تنمو بلا قلق، واحتسى الجبل، شهد انتمائه، واشتهائه، واتسعت حدقة التضاريس، حتى صارت كوناً، صارت تكويناً لمشاعر وأواصر، صرنا سيدي ما بين العالمين أسوداً ونسوراً كواسر، صرنا للغرب والشرق محيطاً، شواطئه قلوب أناسنا الأكابر. . مذ أن نسجنا قماشة الوطن من حرير الحب، مذ أن حاكت الشمس ثياب نيازكها، كان الزمن يحطب في غابتنا الخالدة، ويثري ظباءنا، بعيون نُعَّسٍ كواحل، ويمنحنا فخر الانتماء إلى أعظم الحضارات. أحمد خليفة السويدي. . تحسو النخلة من شراب الذات، ومن صبوة الذوات، والأغصان تعلو متفرعة في الشعاب والهضاب، وباصطخاب تؤسس مملكتها النبيلة، من سواعد وقواعد، وشواهد، والطير يخصب تغاريده، من فيض عطاء وسخاء وصفاء وبهاء، وضياء وثناء، واحتواء وانضواء، واستواء، وسناء وغِناء. أحمد خليفة السويدي. . هذي الصحراء هذي، الجذلى المتألقة بالنماء، هذي الصحراء، واحة النهر الأبدي، وباحة الشجرة الخالدة، هذي الصحراء المد والمهد والامتداد، والمداد، والعماد والسداد، والمهاد، والنهد المتطور نسلاً من عبق ونسق وحدق، هذي الصحراء القدُّ والخد، والوجد والمجد، والسرد والوعد والعهد، وقبلة العشاق، ومعبد الأشواق، هذي الصحراء جادت وأجادت، حين أسدت سراً، لمن وضع الغرس وأرهف الحس، حتى صار الوطن فراشة تلون الحقل الإنساني بالمعنى، والمغزى والأصل والفصل، والنصل والأمل، صار الوطن صورة لوجوه، ووجهك سيدي رسم ووشم ونجم، وختم وقلم، وقرطاس بلل حبره شفة الحالمين بكون لا تغفو على أعطافه سوى نجمات بريقها تزينه ابتسامة القمر، ورشاقة أحلامها يطوقها اخضرار الشجر ورهافة أنغامها، يدوزنها موج البحر. العاكف على حب الوطن أحمد خليفة السويدي. . التاريخ سيدي كائن ذكي، لا يذكر إلا الأتقياء، والعاكفين على حب الوطن، والمدنفين عشقاً وشجن. التاريخ سيدي مثل نخلة لا تثمر إلا إذا جادت الأيادي، بما تفضي إلى تلوين الزهر، ويعتني بالأشواق كأنها الكائنات تمشي على قيٍ وخصر، التاريخ هذا التاريخ، هذه اليد الطولى في الصياغة والبلاغة، ونبوغ الذين لامسوا الوجد من أجل وجود يجود بالحياة، ويجيد تسريج الجياد، وبهجة الأفئدة. التاريخ لا يختزل إلا الجمل المطولة، وأطول الجمل تلك النجوع، الغافية عند ضاف أنهار بلا ماء، التاريخ لا يحتفي إلا بالقصائد الناحلة، من معين رصين رزين أمين، وأجمل القصائد وطن الأشجار العالية، والقامات الرفيعة والمقامات المفعمة بهديل الحمام، هبة الوعي المجلجلة. أحمد خليفة السويدي. . في البدء ناخت النوق عن مضارب الأسئلة، حتى استفاقت الصحراء على صرخة مزلزلة، هيا إلى وطن يعتلي منبر العقد الفريد، ويتلو النشيد بلسان عربي ومهج لا تلهج إلا إلى أرض وسماء مجللة، بنجوم عشاقها مؤدلج بسواعد الذين سهروا لكي تغفو الجفون بلا قلق، وتطمئن القلوب بلا خِرق، وتحلق الطيور مكتفية بأجنحة من مضغ القلوب الواعدة، المتعاهدة، على نحت الوحدة في اللوح المحفوظ. أحمد خليفة السويدي.. شكراً للحُلُم الذي حلق وحدق، وأغدق وطوق، حتى طار في الأفق، شكراً للحلم الذي ساد العيون والأفئدة، واحتسى وعيه من نخوة الجهابذة، متشوقاً دوماً لحضور المشهد، والمشهد أضحى النون والقلم، وخير المعاني وأجمل الكلم، ووثبة الحقيقة، وخطوة الشهم، ونبرة الأوراق، عند القمم الشم، وخُصلة وخِصلة، وبوصلة النِّعَمْ، وفاصلة ومفصل، وفصل السَّلَمْ، وسنبلة وسبيل، وسلالة الكرم، وصخب وخصب، وسحابة وخضم. أحمد خليفة السويدي. . من وحي ووعي وسعي، أسرجت الجاد وانبعثت الطيور محتشدة، لأجل تغريد يطرب العشاق، وتفنيد يزهر الأشواق، وتقليد يبهر الآفاق، ولغة صحراوية، تشد من عضد القصيدة، وزناً وقافية، ورواية تفسح للحكاية موئلاً ومنهلا، ومنجلاً وتساؤلاً، سقفه السماء الواسعة وخيمته مضاءة بنجوم الأرض المبتهلة. . ومنذ البدء والحفيف الرصيف المنيف، يشخب الأرواح، بالأمل، والأماني المتبتلة، ومنذ البدء سيدي وأنت في الذاكرة تاريخ وتضاريس، لجذوع النخل، وما أسدته المرحلة منذ البدء سيدي وأنت في الفكرة عبارة بمحسنات بديعيّة، وتنوين بالفتح حتى آخر الجملة المرتلة، منذ البدء وأنت في المقام قوام واحتشام، لأيام الوطن المتواصلة، منذ البدء وأنت سيدي مراحل تعقد فصول فخرها حتى آخر السلسلة، منذ البدء وأنت أنت السفر الطويل، في دفاتر الوقت، فيك وبك ومنك، جاءت أحلام الناس المتأصلة، منذ البدء وهذا النهر، يمر بروافده، عند ضفاف القلوب المتأملة، منذ البدء لك في الحُلم، يقظة النوارس والجملة المفصلة، منذ البدء لك في العهد بهجة المظفرين. حين أصبح الوطن شجرة وارفة الظل، والأفرع المكلّلة، منذ البدء والحصن الحصين يهديك سيدي خطاباته المسترسلة، منذ البدء وأنت في الحدقات شعاع وشعلة مستبسلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©