الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الخطر الصيني يوقظ صناعة المنسوجات في المغرب

9 أغسطس 2006 00:14
الدار البيضاء - رويترز: بخلاف الصوت الرتيب المنتظم لآلات الحياكة ليس هناك شيء يذكر يعكر مناخ الكفاءة العالية في مصنع السراويل الذي يملكه عبد الخالق الشريبي في إحدى ضواحي الدار البيضاء· تصطف العاملات اللاتي يرتدين زيا أزرق موحدا ويعقدن شعرهن تحت أغطية رأس بيضاء ويقمن بحياكة قطع من الأقمشة بلون البيج بسرعة فائقة· لا يكدن يرفعن عيونهن عن أعمالهن لمتابعة الزائرين الذين يتوافدون على المصنع من حين لآخر· ويقول الشريبي إن مصنعه لم يشهد هذا القدر من الكفاءة قبل ذلك ولكن هذا ليس وقت الاسترخاء· فقد أصبح الوضع صعبا منذ فتح الأسواق الأوروبية العام الماضي أمام الشركات الآسيوية التي اجتذبت عملاء من منافساتها المغربية التي تعاني من ضعف في الإمدادات أو تدني الجودة أو ارتفاع الأسعار· ولكن ما زال قرب المغرب من أوروبا ورقة رابحة بشرط أن يتمكن من الوصول إلى معدلات الإنتاج اللازمة للحصول على صفقات من شركات الملابس الأوروبية القادرة على الاختيار بين عدد وافر للغاية من المنتجين على مستوى العالم· ويصر الشريبي على أن يكون بين الناجحين· ففي مصنعه تقوم آلات حياكة مزودة بأجهزة كمبيوتر بحياكة النسيج في وقت قياسي· كما أن العاملات مدربات على أداء خمس مهام على الأقل مما يجعل طرق الإنتاج أكثر مرونة ويساعد على عدم توقف الإنتاج بسبب مرض أي منهن· ويقول الشريبي ''في يوم من الأيام كان لدي 12 فتاة يقمن بحياكة مئة جيب في الساعة· والآن لدي فتاة واحدة تحيك 200 جيب في الساعة''· ولكن الشريبي يقول إن صافي الأرباح من حجم المعاملات الذي يتراوح بين 35 و45 مليون درهم (بين أربعة ملايين و5,2 مليون دولار) سنويا لا يتعدى ما بين خمسة وسبعة في المئة في الوقت الحالي مقارنة بنحو 30 في المئة في الماضي في دلالة على حجم المنافسة في السوق· وفي العام الماضي عانى المغرب من تراجع في صادرات المنسوجات بعد أن تم تقريبا إلغاء الحصص المخصصة للمنتجين الأفارقة والتي كانت في واقع الأمر تمنع وصول المنتجات الآسيوية للسوق الأوروبية· أظهرت هذه الأزمة مدى اعتماد المغرب على أوروبا التي تستورد 92 في المئة من منسوجاتها وأثارت مخاوف على مستقبل القطاع الذي يمثل 40 في المئة من مبيعات المنتجات المصنعة إلى الخارج ويعمل به نحو 40 في المئة من القوة العاملة في مجال التصنيع· ولكن في الشهور الأخيرة بدأت الصادرات تنتعش مرة أخرى وتشير تصريحات بعض المنتجين إلى أن الطلبيات بدأت تزيد مجددا بعد أن أدرك العملاء في بريطانيا واسبانيا وفرنسا أن للمغرب ميزة كبيرة وهي قرب المسافة· وتقول لمياء الاسماعيلي رئيسة قسم المنسوجات والمنتجات الجلدية بوزارة الصناعة والتجارة ''لا يمكن أن ترسل الصين الطلبات لأوروبا في الوقت المطلوب نظرا لبعدها الشديد وتكلفة الوقود كبيرة للغاية· وزادت صادرات الملابس الجاهزة 12,3 في المئة والجوارب والملابس الداخلية 9,6 في المئة خلال أول خمسة أشهر من العام الحالي ولكن النسبة ما زالت أقل ثلاثة في المئة في الملابس الجاهزة و15 في المئة في الجوارب والملابس الداخلية مقارنة بعام ·2004 ويقول مراقبون في الصناعة إن قرب المغرب من أوروبا لا يعنى سوى أن بإمكانه الاستفادة من مواعيد التسليم، ولكن حتى يمكنه ذلك فعليه أن يكون متفوقا على أي منتج آخر· وهناك مخاطر كبيرة نظرا لأن قطاع المنسوجات يمثل تسعة مليارات درهم أو أربعة في المئة من إجمالي الناتج المحلي في بلد يكافح البطالة والفقر· ولتشجيع علامات تجارية كبرى مثل ليفي ستراوس وديزل وزارا على جعل المغرب إحدى قواعد الإمداد الرئيسية تعرض الحكومة المشاركة في تمويل استثمارات جديدة وخفضت الى حد كبير الرسوم المفروضة على واردات المواد الخام والاكسسوار· وفي ما قد يبدو غريبا يقول محللون إن أكبر خطر يواجه تجارة المنسوجات في المغرب ربما يكون مفتاح النجاح لها في المستقبل· فربما تقيم شركات صينية قريبا مركزا لها في المغرب لتكون أقرب للعملاء الأوروبيين وتستفيد بسهولة من الحصص الأميركية التي تمكن المغرب مؤخرا من الحصول عليها بموجب اتفاقية للتجارة الحرة· ويقول المسؤولون إن هذا القطاع من الممكن أن يحقق صادرات قيمتها 40 مليار درهم خلال خمس سنوات مقابل 24,25 مليار عام ·2004 ولكن ما زالت هناك مشكلات تطارد هذه الصناعة مثل ظلها· إذ أن أغلب العاملين المغاربة في مجال المنسوجات يعملون بشكل غير مشروع ويحصلون على أجورهم نقدا من الشركات التي لا تحتفظ بأي سجلات لعدد ساعات العمل· وتحول هذا الأمر إلى عائق كبير لا يساعد على التنافس المشروع بعد أن أصبح العملاء الأوروبيون الذين يضعون الوازع الأخلاقي في الاعتبار يتحرون لمعرفة من قام بإنتاج هذه الملابس وتحت أي ظروف· وعلى الطرف الآخر من المعادلة تشكو الشركات الملتزمة بالقوانين من المعوقات التي تمثلها إجراءات إدارية مهدرة للوقت وقوانين عمل صارمة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©