الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مشروع لتحويل ملحمة صفاقس 1881 الى عمل مسرحي

مشروع لتحويل ملحمة صفاقس 1881 الى عمل مسرحي
6 أغسطس 2014 22:09
صفاقس التونسية عاصمة الجنوب التونسي ستكون عاصمة الثقافة العربية للعام 2016، مدينة مشبعة بالتاريخ، وبالمقاومة، فهي أول مدينة تنتفض ضد الاحتلال النورماني بقيادة عمر الفرياني في القرن الثاني عشر، وتزعم الشيخ على النوري في أواخر القرن السابع عشر مقاومة مدينة صفاقس لفرسان القديس يوحنا المرابطين بمالطا. وفي العهد الحسيني كانت لصفاقس صدامات متعددة مع مدينة البندقية الإيطالية وأجبرت هذه الأخيرة على دفع غرامة مالية لتعويض أضرار تجار المدينة. وعرفت صفاقس ثورة ‹›المشري والعسل» ضد الباي وسلطته بالمدينة أثناء ثورة علي بن غذاهم سنة 1864. . . ورغم ان المدينة مشبعة بالتاريخ وبالمعالم التراثية وفي مقدمتها سور المدينة الوحيد في البلاد العربية والإسلامية الذي مازال يحيط بها، فان ثقافتنا لا تحب التاريخ. . ومن دلائل ذلك قلة المؤلفات التاريخية عنها، فأول كتاب تأليفي متكامل ومشوق حول مدينة صفاقس التي اشتهرت بصمودها البطولي والاستثنائي في مواجهة الاستعمار الغربي سنة 1881 صدر للباحث د. رضا القلال بعد 133 سنة على احتلال المدينة، بل إن المدينة العتيقة المشهورة بنعت ‹›المدينة المحروسة›› التي يعود تأسيسها إلى حوالي 12 قرنا، لم يصدر عنها أي كتاب إلى اليوم. لقد أتاح هذا الكتاب الذي يحمل عنوان «صفاقس والاحتلال/ ملحمة المقاومة 1881 ـ 1956» متعة ملاحقة التاريخ بمناسبة إحياء صمود أهالي صفاقس المدينة وريفها الممتد في وجه المحتل خلال شهر يوليو من عام 1881. قدم د. عبد الواحد المكني أستاذ التاريخ المعاصر والانثروبولوجيا التاريخية الكتاب ذاكرا بالخصوص أن الدكتور رضا القلال ينوع في هذا الكتاب زوايا النظر ولكنه يقرنها بخيط ناظم وأساسي هو المقاومة الصفاقسية للهيمنة الاستعمارية بوجهيها العسكري والمادي من ناحية والثقافي والمعنوي من ناحية أخرى، فأنتج لنا مبحثة تأريخية مشوقة وثرية حول مدينة اشتهرت بصمودها البطولي والاستثنائي في مواجهة الاستعمار الرأسمالي غير إن «ملحمة» المقاومة هذه لم تنل حظها ـ إلا لماما ـ من الدراسة المتكاملة والتأليفية. وأضاف: إن التاريخ يكتبه المنتصرون عادة وما قام به المؤلف ليس مراجعة ثأرية أو ايديولوجية بل هي محاولة معرفية موثقة أتت على مراحل المقاومة من 1881 حتى 1956 وفظائع الاحتلال الفرنسي. ومما جاء في مقدمته أن هذا العمل يتميز علاوة على التحليل والتأويل بمجهود استثنائي لاستغلال الوثائق التاريخية الأرشيفية مع تركيز استثنائي على المادة «الايكونوغرافية» وخاصة الصور الفوتوغرافية القديمة التي رسمها المبدعون بالريشة أو بالآلة، والتي أرّخت لماضي المدينة وقد أتقن رضا القلال تأطيرها واستغلالها كمادة تاريخية حية فانتقلت الصورة من علامة بصرية ووسيط تكنولوجي إلى وثيقة أساسية تنافس التقارير والبرقيات وكتابات الرحالة. إن الكتابة التاريخية تتجدد بواسطة المعرفة النظرية ولكن خاصة بواسطة تنويع المصادر والبحث عن «وثائق» نادرة وهذا ما أعطى لهذا الكتاب روح الابتكار والتجديد فهو لا يدغدغ الذاكرة والوجدان فقط بل يقاوم النسيان ويستفز التفكير والنقاش. جانب آخر تناوله الأستاذ خليل قويعة الجامعي في علوم ونظريات الفن ورئيس تحرير مجلة «فنون» التي تصدر عن وزارة الثقافة في تحليله للوحات المحفورة التي جمعها الباحث رضا القلال في كتابه، وهي مدونة تضم أكثر من 40 قطعة، ويبشر ذلك ـ كما ذكر ـ بإرساء تقليد جديد يعمل على تشريك زوايا أخرى في النظر إلى الموضوع التاريخي. لقد قدم قويعة عرضا علميا فنيا عن هذه اللوحات تحت عنوان: بين برنامج التوثيق الاستعماري ومكاشفات اللغة الفنية، مبينا ان ثقافة الصورة كانت ترتكز على المحفورات التي تعود إلى القرن الخامس عشر. وقال إن القيادة الفرنسية بعثت برسامين حفارين مع الأسطول العسكري لمعاضدة المشروع الرسمي للدولة الفرنسية وتلميع صورتها في سياق حرب نفسية. وقد تفنن الرسامون في ضرب بنيان المدينة ومعمارها وتقتيل الأهالي ودفع حدود المبالغة إلى أقصاها لغايات إعلامية واستراتيجية. مؤكدا أن مفاتن المعمار التي يتغزل بها الحفار الاستعماري في المآذن والقباب والأبواب، ليست سوى امتداد لقيمة المقاومة وروح التصدي لدى جموع الأهالي، وتكشف عما هو مسكوت عنه من روح المقاومة والاستبسال واختيار الموت على الاستسلام. ومن المنتظر أن يتحول هذا الكتاب إلى مسلسل إذاعي في 60 حلقة، وإلى عمل مسرحي ضخم بمناسبة اختيار مدينة صفاقس عاصمة للثقافة العربية سنة 2016.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©