الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما وعقوبة «التوبيخ»

6 أغسطس 2014 22:05
قبل نحو 40 عاماً، وبعد أن استقال الرئيس ريتشارد نيكسون من أجل تجنّب التوبيخ من مجلس النواب، ها هي واشنطن تردد الآن الحديث عن توجيه توبيخ آخر. فلقد عمد أعضاء الكونجرس إلى شجب سلوك الرئيس أوباما لازدرائه القوانين الدستورية. ولكن هذه المرة، بات يسعى لدفع الأموال لمواجهة أولئك الذين يحاولون عزله. واتسم معظم الجدل الدائر حول هذا الموضوع بالميل إلى الطرح الأسطوري الملغّز بأكثر مما هو حوار دستوري. ويستشهد المحرضون على توبيخ أوباما بقضايا منطقية متنوعة مثل: أزمة ضبط الحدود، والهجوم على قنصلية أميركا في بنغازي، وتفريغ الجمهورية الدستورية الأميركية من محتواها، وظهور ثغرات ونقاط ضعف في منظومة الأمن القومي، والانحرافات التي يعاني منها النظام الانتخابي، والوضع الحقيقي غير المستقر للاقتصاد، والمستوى المتدني الذي آلت إليه الحقوق والحريات المدنية. وبمعنى أبسط، أصبحت المشاكل لصيقة بكافة أنواع النشاطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من دون استثناء. وتشبه هذه الأوضاع تلك التي مر بها رؤساء سابقون من أمثال جيرالد فورد عندما كان زعيماً للأقلية في مجلس النواب عام 1970. ويكون الاستغلال الخاطئ للثقة التي يمنحها الرأي العام للرئيس كافياً لتوجيه التوبيخ له. وينظر بعض الخبراء إلى التوبيخ باعتباره يمثل حماية للمجتمع من عدم الكفاءة والإهمال من جانب الرئيس. ولننظر الآن إلى مبلغ الـ454 مليون دولار التي اقتطعها أوباما من الخزينة الفيدرالية لتمويل برنامج الرعاية الصحية «أوباماكير» ودعم «صندوق الصحة العمومية». وبالرغم من أنه غير مجبر على الدفاع عن هذا العمل حتى يتجنب التوبيخ، إلا أن ما فعله هو في الحقيقة إعادة توجيه للأموال العامة من دون موافقة الكونجرس، وهو عمل مناف للقانون يمكنه أن يرقى إلى مستوى تعريض النظام المالي الفيدرالي برمته للخطر. ويتحدث تاريخ الرئاسات في أميركا عن سوابق في سوء السلوك الشخصي والإدارة تستحق التوبيخ. فلقد تم توجيه توبيخ للرئيس الأسبق بيل كلينتون بسبب «سلوكه الإجرامي» عندما كذب وهو تحت القسم حتى يضلل لجنة التحقيق التابعة للكونجرس التي كانت تحقق في علاقته مع الموظفة المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي. وكان الرئيس ريتشارد نيكسون قد تلقى عدة توبيخات بسبب سلسلة من السلوكات الإجرامية فضلاً عن اتهامه بالاستخدام غير السوي للسلطة. وبالعودة أكثر إلى الوراء، فلقد تم توجيه توبيخ للرئيس أندرو جونسون عام 1968 بسبب إجرائه لتعيينات وظيفية غير دستورية وتبديد الأموال ومخالفة القوانين الفيدرالية، وكلها اتهامات من النوع المشابه لتلك التي نراها اليوم. كما تم اتهامه أيضاً بتوجيه الإهانات المتوالية للكونجرس في ثلاثة من خطاباته. وينظر الكثير من الناس إلى أسلوب توجيه التوبيخ باعتباره طريقة لتأكيد عدم الكفاءة أو باعتباره آلية تسمح بتغيير القائد أو القيادة برمتها. ويضع كاتب العمود السياسي المحافظ فلويد بيث تعريفاً أكثر انطواء على البساطة لمفهوم التوبيخ حيث يقول: «لا يمثل التوبيخ أكثر من مجرّد إشعار المسؤول المنتخب بأنه غير كفء لأداء العمل المنوط به. ولا شك أن أوباما يستحق التوبيخ بأكثر من حاكم كاليفورنيا الأسبق جراي دافيس والذي تم عزله ليحل محله الممثل السينمائي الشهير أرنولد شوارزنيجر بعد استدعائه إلى الكونجرس يوم 7 أكتوبر 2003». وفي بريطانيا وبقية الدول ذات الأنظمة البرلمانية، يمكن للمشرّع أن ينهي ولاية رئيس الدولة بدعوى عدم الثقة بمسار التصويت الانتخابي بعد أن يبين الحجج التي تدل على أن الرئيس فقد الدعم الوطني له. إلا أن الولايات المتحدة رفضت هذا الطرح بدعوى الحفاظ على أعلى قدر من الاستقرار السياسي وخاصة لأن فترة ولاية الرئيس أربع سنوات فقط. ويمكن القول الآن بأن أوباما معرض لخطر تلقي توبيخ. ولقد صوت مجلس النواب الأسبوع الماضي على مقاضاته عن تجاوزه للسلطات التي يمنحها له الدستور عندما عمد إلى تنفيذ مشروع قانون الرعاية الصحية. والفكرة التي تقول بأن هذه المقاضاة ليست إلا مقدمة لتوجيه التوبيخ للرئيس لم تأتِ من عدم، بل من البيت الأبيض وحلفائه ذاتهم في إطار التحضيرات التي يقوم بها الحزب «الديمقراطي» لخوض الانتخابات النيابية النصفية. ولقد فعل جون بوينهير رئيس مجلس النواب كل ما في وسعه للتهرب من الحديث عن احتمال توجيه التوبيخ لأوباما. ويواجه أوباما الآن تهماً متعددة يرددها بعض أعضاء الكونجرس، ومنها أنه اخترق القوانين الفيدرالية وعمد إلى تعيين عدد كبير من الموظفين التنفيذيين بطريقة غير دستورية وقام بتحويل الأموال الفيدرالية بطريقة غير ملائمة. والعديد من هذه التهم ووجهت بمواقف متناقضة وانقسامات في صفوف القضاة والمشرعين. ومن المعروف في النظام الرئاسي الأميركي أن من حق الرئيس تحدي الكونجرس من دون أن يتعرض للتوبيخ. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©