الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«دبي الاقتصادي» يدعو إلى إعادة النظر في التشريعات لضبط سلوك البنوك في منح الائتمان

«دبي الاقتصادي» يدعو إلى إعادة النظر في التشريعات لضبط سلوك البنوك في منح الائتمان
15 يوليو 2012
شهد الائتمان في الإمارات نمواً ملحوظاً خلال السنوات التي سبقت اندلاع الأزمة العالمية سواء بالمعيار المطلق أو كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يعد تطوراً إيجابياً ومرشحاً للاستمرار في ظل سياسة الدولة في تنويع مصادر الدخل علاوة على التطور الحاصل في الأسواق المالية والمصارف المحلية، وفقا لنتائج دراسة للأمانة العامة لمجلس دبي الاقتصادي. وأوضحت الدراسة أن الائتمان أخذ سلوكاً “دورياً” والذي أسرع من اتجاهات النمو أحياناً وأبطأها في أحيان أخرى. وأكدت الدراسة أن ثمة علاقة تبادلية بين دورة الائتمان والدورات الاقتصادية، حيث عادة ما يكون نمو الائتمان أسرع في أوقات الانتعاش وأبطأ في أوقات الركود. وبينت أن النظام المالي بوجه عام يميل إلى إظهار المخاطر على أنها متواضعة في الوضع التوسعي من النشاط الاقتصادي. ومن المستغرب أنه خلال الطور التوسعي من الدورة تُبنى المخاطر، وينطبق ذلك على معظم اقتصادات العالم بما فيها دولة الامارات والذي شهد الائتمان فيها نمواً سريعاً في عام 2008 بلغ 49% حتى شهر سبتمبر من العام المذكور والذي أثبت عدم استدامة هذا النمو. وترى الدراسة أنه إذا ما تركت دورة الائتمان تتحرك لوحدها في السوق، فإنها ستكون عُرضة للتطاير الملفت. وتبعاً لعلاقتها مع الدورات الاقتصادية، فان أزمة الائتمان قد تفضي إلى تباطؤ ملحوظ في النشاط الاقتصادي العام. من هنا، تلعب السياسات الاقتصادية دوراً فاعلاً في هذا الاطار، وعلى نحو أدق، فإن ثمة حاجة إلى سياسة نقدية وإطار تنظيمي يعاكس الدورات الاقتصادية بهدف تلطيف آثارها على النشاط الاقتصادي. وأوصت الدراسة، ولتعزيز فاعلية السياسة النقدية، بضرورة تعزيز دور نافذة الريبو لتكون أداة فاعلة للسياسة النقدية تستهدف تعزيز حركة السيولة وبالتالي تحفيز النشاط الاقتصادي، واستمرار ردم الفجوة بين الودائع والقروض، مشيرة إلى أن الخيار الآخر هو شراء جزء من أصول البنوك التجارية وبصورة مباشرة من قبل السلطات النقدية. كما أوصت بإعادة النظر في التشريعات لضمان تجاوز السلوك السابق للبنوك بحسب الدورة الاقتصادية، بما يؤدي الى تأني البنوك في منح الائتمان أو عدم تجاوزها لحد معين في حالات الانتعاش التي يمر بها الاقتصاد المحلي، إضافة الى تعميق سوق الديون ذات الأهداف متوسطة الأجل في الدولة. وأصدرت الأمانة العامة لمجلس دبي الاقتصادي ورقة عمل عن محددات السياسة النقدية في الإمارات، في إطار سلسلة أبحاث السياسات الاقتصادية التي تستهدف تعزيز الدور الاستشاري للمجلس في عملية صنع القرار الاقتصادي من خلال اقتراح السياسات والمبادرات المعززة لعملية التنمية الاقتصادية في إمارة دبي ودولة الإمارات. واستندت الدراسة إلى البيانات المتعلقة بالاقتصاد الكلي والقطاع المصرفي في الدولة في الفترة التي سبقت الأزمة الاقتصادية العالمية 2008 على أساس أن الأزمة المذكورة تعد متغيراً “خارجياً” و “طارئاً” سرعان ما تركت آثاراً اقتصادية واسعة النطاق على الصعيد العالمي وعلى الاقتصادات الوطنية لدول العالم والمنطقة لاسيما على القطاع المصرفي ما يجعل عملية تقييم أداء هذا القطاع في ظل تداعيات الأزمة العالمية “2009-الوقت الحاضر” غير مجدية ولا تعطي صورة واضحة وقابلة للقياس عن مسيرة هذا القطاع في الأوقات الاعتيادية ودوره في عملية النمو الاقتصادي. وتشير الدراسة إلى أن ثمة جانبين رئيسيين في موضوع الائتمان في الإمارات، أولهما، ازداد الائتمان كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مع تطور الاقتصاد، بينما الجانب الثاني حتى ضمن الفترة 2002-2008، سار الائتمان ضمن دورات واضحة أسرعت وأبطأت اتجاهاته على الأمد الطويل. ففي الماضي وفي ظل انخفاض مستوى الائتمان “كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي” كان لدورة الائتمان تأثير متواضع على الاقتصاد ككل، وحينما نما الائتمان ليبلغ 98% من الناتج المحلي، كان لدورة الائتمان تأثير كبير على النشاط الاقتصادي. وقالت الدراسة “في حالة الرواج الاقتصادي، يميل النظام المصرفي المحلي الى تسهيل شروط الاقراض، وهذا يؤدي عادة إلى زيادة النشاط الاقتصادي “الناتج المحلي” حينما يحصل المقترضون على مزايا ائتمان رخيصة من شأنه توسيع النفقات الاستهلاكية والاستثمارية. كما تزداد أسعار الأصول في هذه الحالة لا سيما وأن جزءاً من الائتمان يوجه إلى أسواق الأصول، وينطبق ذلك على نحو خاص على قطاعي الشركات والعوائل على حد سواء. وفي الامارات ازدادت أسعار العقارات بصورة كبيرة في عام 2008 مستفيدة من عدم وجود قيود كبيرة على الأوضاع النقدية اضافة الى انتعاش حركة الائتمان. أما بالنسبة للشركات، فإن اتساع الآفاق الاقتصادية ستنعكس على قيمة ضمانات الشركات التي تطلبها البنوك وأسعار الأسهم وأرباح الشركات، إن تحسن الوضع المالي للشركات غالباً ما يقود إلى المزيد من سهولة شروط الائتمان، وتنطبق هذه الآلية على الأسر. وأفادت الدراسة بأنه في ظل النمو القوي ووجود وضع أقرب من التوظيف الكامل ستجعل المقترضين في وضع سليم. وفي هذه الحالة، يصبح كِلا المقترضين والمقرضين أكثر تفاؤلاً حيال المستقبل وأكثر قدرة على التغلب على المخاطر التي تنطوي عليها الدورة الاقتصادية. كما أن مخاطر البطالة تكون في حدودها الدنيا عندما تكون الدورة في قمة مستوياتها، وبالتالي، وفي ظل الاتجاهات المتصاعدة، فان الأسعار الواطئة نسبياً وزيادة عرض الائتمان سيعملان على زيادة الائتمان وأسعار الأصول والنشاط الاقتصادي. وأشارت الدراسة الى أن النظام المالي ككل ينظر إلى المخاطر بأنها منخفضة في ظل الأوضاع الاقتصادية التوسعية بينما الحال تتنامى المخاطر عادة في مثل هذه الأوضاع، ففي أعلى الدورة تكون البنوك أكثر عُرضة إلى خسائر حقيقية في محافظ قروضها. وعلى أية حال، فإنه في أعلى هذه القمة تكون البنوك في أفضل وضع حينما تكون القروض الرديئة (المتعثرة) منخفضة والأرباح مرتفعة، وكما يبدو أن هذا الوضع ينطوي على حالة من التفاؤل المفرط في غير محله. وافاد مجلس دبي الاقتصادي في دراسته بأنه ونظراً لأن التباطؤ عادة ما يصاحبه زيادة في الأصول المتعثرة وانخفاض في الأرباح، فإنه من السهولة بمكان أن نغفل وجود مخاطر خلال تصاعد الدورة ولكننا لاندركها إلاّ حينما تنخفض. وتقدم التجربة الصينية مثالاً جيداً على هذا الاستنتاج، فبعد هبوط النشاط الاقتصادي في عام 1993، لوحظ أن 40% من القروض التي أعطيت خلال فترة الرواج أصبحت “متعثرة” في فترة الركود. وتثير الدراسة سؤالاً مركزياً هو، لماذا يكون سلوك الاقراض مفرطاً في التفاؤل خلال فترات الانتعاش؟ وتجيب الدراسة على هذه الأسئلة بثلاث نقاط، اولها سوء تقدير الناتج الممكن، لإن التغيرات الهيكلية قد تفضي إلى مرحلة يرتفع فيها الانتاج الممكن (والفعلي) بصورة أسرع من الفترة السابقة. واعتيادياً، فان النمو فوق المعدل للانتاج الفعلي لايمكن استدامته من دون أن يؤدي الى ارتفاع مخاطر الركود حتى على الأمد القصير. أما المؤسسات المالية فهي تفسر حالة النمو المرتفع كمؤشر للنمو القوي في الانتاج الممكن. فحينما تنظر هذه المؤسسات الى المخاطر بكونها منخفضة نسبياً، ستقوم بزيادة اقراضها مقابل الاحتفاظ برأسمال اقل مقارنة بالحالة التي لا تحدث فيها مثل تلك المتغيرات الهيكلية، بيد أنه ومن ناحية اخرى، حينما يرتفع الانتاج الفعلي فوق مستوى الانتاج الممكن، وكما حصل بالفعل في الامارات في عام 2008، سيميل الانتاج بالعودة الى المستوى الممكن عبر الزمن، وفي هذه الحالة، فان احتمالية انتكاسة الفرص الاقتصادية ستزداد وكذا مخاطر الخسائر في محافظ القروض. وحددت الدراسة اسباب الخسائر في ازدياد احتمالية أن يواجه المقترضون صعوبات متزايدة في خدمة ديونهم خلال فترات التباطؤ الاقتصادي، لتزداد معها احتمالات التعثر، بينما تكون هناك فرص استثمارية واسعة في المراحل المبكرة من التوسع الاقتصادي، فإن قيود الموارد في الاقتصاد “بما في ذلك القطاع المالي” سيمنع كل تلك الفرص أن تحصل مرة واحدة، كما تشير الدراسات الى ان القروض المتعثرة تصل الى أقصى مستوى لها حينما يكون عمر القروض قصيرا، ما يعني أن المخاطر تتراكم خلال فترات الانتعاش من الدورة الاقتصادية حينما تسعى البنوك الى منح قروض جديدة. أما الجانب الثاني حول سلوك الاقتراض فهو يتمثل في ضغوط المنافسة. ويمكن إلقاء اللائمة عن حالة التفاؤل المفرط خلال فترات الانتعاش على المنافسة الشديدة بين المؤسسات المالية، ففي إطار تسابق هذه المؤسسات للحصول على حصة أكبر من السوق وتلبية توقعات حملة الأسهم في الحصول على عوائد أكبر، فإن هذه المؤسسات سوف تغفل الجانب التحوطي لصالح الاستمتاع بتفاؤل مفرط حيال المستقبل. ومن جانب آخر، يلاحظ أن المؤسسات المالية مجبرة على مواكبة حالة السوق لأنه من الصعوبة لبنك منفرد أن ينحرف عن بقية البنوك في أن يتخذ سياسات تحفظية. لكن حينما يتم استدراك المخاطر وتبدأ البنوك تعاني من الخسائر، ستكون اسواق رأس المال مترددة في تمويل هذه البنوك حتى في ظل ارتفاع كبير في معدل العائد الذي تحصل عليه. وبالتالي، وفي ظل محدودية الحصول على الائتمان المطلوب، ستضطر البنوك تقييد اقراضها أو حتى تسييل أصولها لزيادة نسبة رأس المال، الأمر الذي يؤدي الى تعميق التباطؤ الاقتصادي. والجانب الثالث في سلوك الاقتراض، هو قيود السياسة النقدية في الامارات. وأوضحت الدراسة أن الائتمان دورة تنطوي على حالة من الارتفاع والانخفاض، وهذا ما حصل بالضبط في الامارات. إذ أن دورة الائتمان بحاجة الى توازن من خلال اتباع سياسة نقدية وتشريعات معاكسة للدورة. بيد أن المشكلة في الامارات وكما هو الحال في سائر دول مجلس التعاون الخليجي أنه خلال فترة الانتعاش، كانت السياسة النقدية مرتخية الى حد كبير وداعمة للدورة كنتيجة لسياسة الربط بالدولار الأميركي والتي كانت من وراء النمو الهائل في الائتمان قبل عام 2008. وقالت “إن أحد دلالات هذا الوضع هو أن البنوك كانت تدفع فوائد على الودائع أقرب الى “الصفر” في الآماد الاعتيادية، وحينما تعدل هذه الفوائد بحسب معدل التضخم السائد، والذي بلغ 20% عام 2008 بعد ارتفاع سوق الايجار والعقارات، فإن معدل الفائدة الحقيقي في الاقتصاد كان في الواقع سالباً. أما بعد الأزمة العالمية، فقد قامت بعض البنوك بمنح فوائد على الودائع تصل الى 7%، لاسيما حينما انخفض معدلات التضخم بصورة متواصلة، نظراً لحاجتها للسيولة آنذاك من أجل زيادة رأسمالها وكذلك لتقليل فجوة الودائع. كذلك لوحظ أن آلية “التنظيم الذاتي” للبنوك المحلية لم تكن تعمل بصورة صحيحة، بل غالباً ما كانت تنتهج سياسة الاقراض المفرط. ومن هنا، فإن كلا الدورتين، الأعمال والائتمان، قد حصلتا في وقت واحد وقامت كل منهما بتغذية الأخرى. وأفادت دراسة “دبي الاقتصادي” بأن السياسة النقدية في الامارات لم تقم بدور المعاكس للدورة الاقتصادية على نحو واف نظراً لوجود ثلاثة معوقات، تتمحور حول اتباع سياسة سعر الصرف المثبت بالدولار، ففي ظل سياسة الصرف الثابت بالدولار لم يكن ممكناً أن تنحرف معدلات الفائدة المحلية عن تلك المطبقة على الدولار وخاصة في الأوقات التي يكون الاقتصاد المحلي بحاجة الى سياسات نقدية انكماشية، كما يلاحظ في هذا الاطار أن هذا الواقع قد أحدث تشوهاً كبيراً في السوق المحلي وشجع على ظاهرة تقبل المخاطر وخاصة في سوق المساكن. بينما المعوق الثاني هو النمو غير المستدام للائتمان الممول من خلال النقود الساخنة. فخلال السنوات التي سبقت الأزمة المالية العالمية 2008، تدفقت الى الامارات رؤوس أموال طائلة أطلق عليها فيما بعد بـ”النقود الساخنة” نظراً لسرعتها بالخروج من السوق المحلي عند حصول أي متغير طارىء يعرض هذه الأموال الى الخسائر، أو عند الاكتفاء بالحصول على مقدار معين من العوائد، أو في حالة حاجة أصحابها الى أموال لترميم مراكزهم المالية في حال تعرض بلدانهم الأم الى أزمات مالية. والعائق الثاني يتمثل في آلية انتقال السياسة النقدية، فعادة ما يحدد المصرف المركزي الاماراتي سعر الفائدة (الريبو) “وهو معدل الفائدة الذي تقترض بموجبه البنوك المحلية من المصرف المركزي”، ونظرياً، فإن معدل الفائدة هذا يفترض أن يؤثر على سعر الفائدة السائد في السوق مثل معدل الفائدة بين البنوك، والفائدة على الودائع، والفائدة على القروض. فالتغير الذي يحصل في سعر الفائدة السوقي سيبدأ بالتأثير على أسعار الأصول. ولفتت الدراسة الى أن سعر الفائدة الذي يحدده المصرف المركزي ونافذة “الريبو” لم تستخدم من قبل المصارف الاماراتية، وهي عادة ما تحيطها حالة من عدم اليقين فضلاً عن أنها ينظر لها بوصفها تسهيلات مؤقتة. وعلى وجه التحديد، تستخدم البنوك هذه النافذة في حالات حاجتها الطارئة للأموال وليس كآلية دائمـة للحصـول على الأمـوال اللازمة لممارسة عمليات الاقراض لتمويل الاقتصاد. الأزمة الآسيوية..دروس وعبر دبي (الاتحاد)- قبل انطلاق الشرارة الأولى للأزمة المالية بدول جنوب شرق آسيا عام 1997، شهدت هذه الدول نمواً قوياً وتوسعاً مفرطاً في الائتمان. وبلغت التدفقات المالية “التجارية” إلى داخل هذه الاقتصادات في عام 1996 حوالي 55 مليار دولار، وبعد مرور عام واحد بلغت قيمة رؤوس أموال التي غادرت هذه الاقتصادات قرابة 21 مليار دولار. بيد ان البنوك قد فشلت في وقتها التكهن بالأزمة. بل وحتى عند اندلاع الأزمة في عام 1997 كانت هذه البنوك متورطة في حركة إقراض كبيرة. فقبل فترة قليلة من الأزمة، وتحديداً خلال الربع الثاني من العام المذكور أصدر بنك التسويات الدولية تقريراً يفيد بأن البنوك الآسيوية كانت مقرضة صافية بما يقارب 10 مليارات دولار إلى اندونيسيا وتايلاند وكوريا والفلبين، وفي الربع الثالث 1997 حصلت الأزمة وشهدت تلك الدول أسوأ أزمة منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©