الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دعي جمالك يثرثر عنك

10 أغسطس 2006 00:14
صمت المرأة شطر جمالها،فهو يضفي عليها غموضا ساحرا قد تكون بأمس الحاجة إليه خاصة بعد أن فضحت سنوات الزواج كل مستور وأشاحت عن المرأة اللثام الساحر الذي كانت تتزين به· ولأن شخصاً نعرف عنه كل شيء هو شخص يبعث على الملل كما تقول الحكمة القديمة، فإننا ننصح الزوجات بوقفة مع النفس لالتقاط الأنفاس وتدوير اللسان داخل الفم سبع مرات قبل التحدث كما يقول المثل الفرنسي· فعندما تصابين بنوبات ثرثرة ولا تتوقفين عن الكلام وتشعرين بأنك تزعجين الآخر بكثرة حديثك ولا تعرفين متى تتوقفين عن الحديث أو الثرثرة، فالأفضل أن تبحثي عن حلول للتخلص من هذه الحالة· وبداية فعليك التأكد بأن زوجك لن يكون مغرما بأحاديثك وحكاياتك وذكرياتك الطفولية، كما كان في الماضي، فهو أولا قد سمع منك معظم هذه الروايات مراراً أيام الخطبة أو في بدايات الزواج، وحينها كان يلتذذ بحسنك الثرثار أكثر من استمتاعه بهذه الروايات أو ربما كان شغوفاً بمعرفة المزيد من أخبارك أو بالتنقيب بكل ما يجهل عن شريكة حياته فطبيعة العلاقة في بداياتها وصفها كامل الشناوي في بيت رائع: وإذا سكت عن الهوى وحسنه كيف السكوت عن حسنك الثرثار ولها بسمعي مثل أصداء المنى ولها بقلبي مثل لذع النار هرمون الثرثرة وكي لا نقع في إثم التعميم، فنحن نلحظ بعضاً ـ أو كثير من بعض الرجال ـ يؤكدون أن لدى المرأة طاقة خارقة تمكنها من الحديث لساعات طويلة وفي مواضيع شتى مع الأهل والصديقات والمعارف والجيران، في حين نجد أن هؤلاء الرجال لا يعطون أهمية لكلام النساء وتأملاتهن ويعتقدون أنه ليس لديهن ما يقلنه على الإطلاق لأنهن يثرثرن ولا يعرفن كيف يخترن الحديث المناسب بل البعض يذهب بأن أحاديث النساء أشبه بحواديت المسنين المكررة· وربما يعذر الرجل المرأة قليلاً إذا اطلع على الدراسة التي نشرتها صحيفة ''ديلي تليغراف'' والتي أظهرت أن لدى المرأة هرموناً أطلق عليه اسم ''أوكسيتوسين'' وصفه العلماء بأنه هرمون ضبط المزاج وهو الذي يدفع المرأة إلى الثرثرة للتخلص من الضغوط دون الانسحاب للصمت أو الاندفاع إلى العدوان، كما يفعل الرجال، وبالتالي فإن هذه الثرثرة تجعل المرأة أقل عرضة من الرجل للوقوع فريسة للإدمان أو الاضطرابات العصبية· وقد لوحظ من خلال الدراسات الحديثة أن السيدات ــ في حياتهن اليومية ــ يحاولن مشاركة صديقاتهن وأقاربهن في حل مشاكلهن اليومية بينما يحاول الرجال تجنب الحديث عنها، وهذا يفسر أن السيدات يستجبن للضغوط النفسية بطريقة سليمة أكثر من الرجال· وبشكل عام نجد أن الهرمون يرتفع عند المساج البدني وعند الذكريات الجميلة، بينما يهبط عند الذكريات المؤلمة، وهذا الهرمون تفرزه الغدة النخامية ووظيفته الأساسية عند الاناث هو انقباض الرحم عند الولادة وتدفق الحليب عند الإرضاع وهو يعزز عند الجنسين ولكن بكمية أكبر لدى السيدات· مفيدة·· ولكن وقد أظهرت دراسة جديدة أجراها الخبراء في مركز البحوث الاجتماعية البريطاني بأكسفورد أن الثرثرة المحدودة مفيدة، فهي تطيل العمر وتغذي الروح وتساعد على التقارب مع الآخرين· ووجد الخبراء أن الأشخاص الذين يمارسون هواية الثرثرة المعقولة دون أن يشعروا بالذنب يملكون شبكة علاقات اجتماعية كبيرة وغالبا ما يعيشون نمط حياة صحيا لأن حديثهم عن الآخرين يحرر مشاعرهم وأحاسيسهم ويقلل من التوتر والكبت والغيظ الذي يسبب الأمراض، ولاحظ الباحثون أن الثرثاريين نادراً ما يتعرضون لأمراض القلب والاضطرابات العصبية واليأس والكآبة لأن الثرثرة تشجع على مشاركة الأحاسيس ومايدور في الذهن والوجدان فتقرب من الآخرين وتشعر الإنسان بالراحة، فالفضفضة بحد ذاتها وسيلة تمنع ظهور أمراض عديدة لأن الكتمان يولد الانفجار، كما أن الضغوط النفسية تؤثر بشخصية الإنسان وتجعله عرضة لمفاهيم خاطئة وشيئاً فشيئاً يفكر بأفعال عدوانية· ومع ذلك فإن عشك الهادئ لن ينفعه زيادة أو نقصان هرمون ''أو كسيتوسين'' لأن شريك حياتك لن يهتم بأسباب تغير مزاجك كما أنه لن يرجعه للاختلال الهرموني الموجود في جسمك إلا في حالات الحمل والولادة، فلا تبحثي لنفسك عن أعذار وعليك بعدم الاكتفاء بالقول (على التوقف عن الثرثرة) فأنت لست متفردة في ذلك· وإذا كنت من الكثيرين الذين يحبون التحدث عن أنفسهم أو حياتهم، بعد المشاركة في عمل مسرحي أو رياضي أو كنت من نوعية السيدات اللائي يدمن متعة التحدث عن تجربتهن، فلا بأس أن تروي ما حدث معك البارحة لزميلتك، أو والدتك، لكن حذار من أن يشعر زوجك بأنك حمل لغوي على عاتقه· فالزوج غالبا هو الجهة غير المناسبة للحديث فقد لا يستلطف حديثك· إذن قبل أن تستفيضي في حديثك تعرفي إلى محدثك، واختاري الوقت المناسب، والموضوع المناسب، وكذلك الشخص المناسب لتفضي إليه بحديثك· فإذا كانت أهم دوافع الثرثرة هي إزالة الكبت والضيق من على عاتقك، فإنه بإمكانك زيادة هرمون ''أوكسيتوسين'' عن طريق المساج البدني أو استدعاء الذكريات الجميلة شريطة ألا يكون ذلك من خلال فرض حديثك على من لا يود سماعه· وأخيراً دعي جمالك يثرثر عنك، فالجمال والذوق والأدب مع شيء من الصمت المقنن والحديث المنمق أحد أركان العش الهادئ الذي يلوذ به الزوج ليرتاح على أعتابه، فربما كان صمتك أكبر دافع يحرض زوجك على أن يسمعك ''أفديك صامتة يضج بحبها قلبي وتهمس حولها أفكاري''· داليا الحديدي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©