الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الحرب على لبنان وتوتير العلاقة بين واشنطن وشيعة العراق

10 أغسطس 2006 01:05
بينما تستمر إسرائيل و''حزب الله'' في تبادل الضربات القاسية، من غير المستبعد أن تجد إدارة الرئيس بوش نفسها مجبرة على مواجهة ارتدادات الحرب في لبنان واحتمال انتهائها إلى تقويض العلاقة الأميركية مع شيعة العراق وتسريع الخطوات نحو تشظي البلد وانفلاته من العقال· فقد وصل الغضب من القصف الإسرائيلي للبنان إلى تخوم العراق الذي يعتبر ثلثا سكانه من الشيعة· ولم يتأخر طويلاً رجل الدين الشيعي ذو الخطاب الناري وزعيم ''ميليشيا المهدي'' في التنديد بالقصف الإسرائيلي واستنكاره لتأييد الولايات المتحدة للدولة اليهودية· وطيلة الفترة السابقة لم يتوقف مقتدى الصدر عن كيل التهم للولايات المتحدة دافعاً يوم الجمعة الماضي الآلاف من العراقيين الذين تراوح عددهم حسب التقديرات ما بين 14 ألفا و100 ألف من أنصار ميليشيا المهدي خرجوا إلى شوارع بغداد رافعين شعارات التضامن مع ''حزب الله'' ومنددين بإسرائيل والولايات المتحدة· ولا يتحرك ''الصدر'' فقط من وحي الشعور بالتضامن الديني مع ''حزب الله''، بل يسعى أيضاً إلى المزايدة على قادة الشيعة المعتدلين، لا سيما رئيس الوزراء نوري المالكي، بل وحتى المرشد الأعلى المعتدل آية الله علي السيستاني· وهو يعرف جيداً أن القصف الإسرائيلي للبنان يساعده في تعزيز رصيده السياسي في العراق والتغلب على خصومه· ومن جانبهما يعي المالكي والسيستاني مساعي مقتدى الصدر وهما ليسا على استعداد لتركه يتفوق عليهما في الساحة العراقية وطغيان خطابه الديماغوجي· فبينما يؤمن المالكي ومعه السيستاني بضرورة استمرار التواجد الأميركي في العراق، يرفع مقتدى الصدر شعارات معادية للتواجد العسكري الأميركي· وإزاء خطابه الشعبوي لم يبقَ من خيار أمام باقي القادة المعتدلين سوى ركوب الموجة وانتقاد الولايات المتحدة· وليس غريباً في ظل هذا الوضع أن يبادر نوري المالكي إلى استنكار الهجمات الإسرائيلية مباشرة بعد تصريحات مقتدى الصدر المناوئة للولايات المتحدة· ولم يقتصر الأمر على رئيس الوزراء العراقي، بل انضمت شخصيات شيعية بارزة في البلاد إلى جوقة المنددين بالهجمة الإسرائيلية على لبنان، فضلاً عن الأحزاب الشيعية الرئيسية في العراق مثل حزب ''الدعوة'' و''المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق''، ليكيلوا التهم للولايات المتحدة ويعبروا على تعاطفهم مع ''حزب الله''· وبعد أيام قليلة تدخل السيستاني وقرع إسرائيل بسبب ''اعتدائها الصارخ'' و''قمعها الفاضح'' للشعب اللبناني· وبينما سكت عن تسمية الولايات المتحدة، إلا أنه ندد بالعالم الذي ''غض الطرف'' عن المحنة اللبنانية· لكن بعد الهجوم على قانا وسقوط 28 قتيلاً نصفهم من المدنيين أصدر السيستاني فتوى تندد ''بالجريمة الجبانة'' التي ارتكبها ''العدو الإسرائيلي''· ودعا في فتواه أيضاً إلى وقف فوري لإطلاق النار وحذر بأن ''المسلمين لن يسامحوا الأطراف التي تعرقل'' وقف إطلاق النار في إشارة واضحة إلى معارضة الولايات المتحدة الضغط في هذا الاتجاه· وإذا ما استمرت الحرب في لبنان لا شك أن التنافس بين القادة الشيعة سيشتد لجهة انتقاد الولايات المتحدة والاصطفاف مع ''حزب الله'' لينعكس سلبا على العلاقة بين شيعة العراق وواشنطن، خصوصا وأن الصلة وثيقة في أعين العرب بين القصف الإسرائيلي والمساندة الأميركية الواضحة لإسرائيل· ومع أن الوقت مازال مبكرا للحديث عن قطيعة بين شيعة العراق والولايات المتحدة، إلا أنها ليست مستحيلة في حال استمرار الحرب وسقوط المدنيين في لبنان، وخصوصاً إذا ما قامت إيران بخلخلة الأمور وتوظيف نفوذها لتحريك الشيعة· ومع التحذيرات التي أطلقها الجنرال ''جون أبي زيد'' خلال شهادته أمام مجلس الشيوخ في الأسبوع الماضي حول احتمال انزلاق العراق إلى حرب أهلية، فإن الولايات المتحدة بالكاد تتحمل في هذه المرحلة فقدان الدعم الشيعي لجهودها في العراق· والأسوأ من ذلك أن أي تدهور في العلاقات بين الولايات المتحدة وشيعة العراق سوف يغير من حسابات الأكراد ما قد يدفعهم إلى التفكير في الانفصال· وهي الخطوة التي لن تسمح بها تركيا وقد تؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية تفاقم الصعوبات الأميركية في المنطقة· لكن السيناريوهات القاتمة التي تخيم على العلاقات بين شيعة العراق والولايات المتحدة يمكن تفاديها إذا عجل بالتوصل إلى اتفاق لوقف فوري لإطلاق النار في لبنان ينهي المجاز ويقطع الطريق على بطولة ''حزب الله''· راجان مينون أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ليهاي الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©