الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

بلاد الرافدين دوامة العنف تؤجج مخططات التقسيم

10 أغسطس 2006 01:05
لديهم دستور جديد وحكومة جديدة وجيش جديد· غير أنه في ضوء العنف الطائفي المتواصل الذي يعيشونه، بدأ العراقيون للمرة الأولى يناقشون صراحة ما إن كانت الطريقة الوحيدة لوقف أعمال العنف التي تعصف ببلادهم تكمن في إعادة تشكيل البلد الذي بنوه للتو· فقد بدأ زعماء الكتل الشيعية القوية في العراق الترويج بقوة لمخطط راديكالي يقضي بتقسيم البلاد باعتباره السبيل إلى فصل الفصائل المتناحرة· بل إن بعض العراقيين بات يتحدث عن تقسيم العاصمة، على أن يشكل نهر دجلة فاصلاً طبيعيا على غرار الدور الذي كان يلعبه حائط برلين· الواقع أن الشيعة طالما دافعوا عن شكل من أشكال الاستقلال الذاتي في الجنوب يكون شبيها بالحكم الكردي الذاتي منذ 15 عاماً في الشمال، مع قوات دفاع خاصة بهم وسيطرة على حقول النفط· ثم إن الدستور الجديد يسمح للأقاليم بالتكتل في إطار مناطق فيدرالية· غير أن التصريحات الأخيرة في هذا الاتجاه، الذي صدر عن وزراء في الحكومة ورجال دين وكتاب أعمدة، تمثل المرة الأولى التي يؤيدون فيها فكرة التقسيم الإقليمي كوسيلة للقضاء على العنف· وفي هذا السياق، يقول وزير التربية الشيعي خضير الخزاعي ''سيقطع النظام الفيدرالي كل المناطق التي تفرخ الإرهاب في البلاد عن تلك التي تشهد تطوراً وتحسناً''، مضيفاً، ''ونحن نعتزم القيام بذلك على غرار ما فعلت كردستان، وسنضع الجنود على الحدود''· وتُبرز المطالبة المتزايدة بالتقسيم مدى تردي مشاكل البلاد الأمنية والاقتصادية والسياسية في أعين العديد من العراقيين· فإلى عهد قريب كانت فكرة إعادة رسم خريطة العراق، التي وُضعت قبل ثمانية عقود ونصف العقد، تعتبر فكرة انشقاقية· إلا أن بعض المدافعين عن فكرة تقسيم البلاد يبدون حذراً واضحاً إذ يقولون إن النظام الفيدرالي ليس سوى وسيلة واحدة من الوسائل التي يجري بحثها من أجل الحد من أعمال العنف· أما آخرون فيدفعون بمخطط لعبد العزيز الحكيم، رئيس ''المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق'' إلى الأمام· إذ يؤيد الحكيم إنشاء قطاع يتألف من تسعة أقاليم في الجنوب، الذي يسوده الهدوء عموماً مقارنة مع مناطق أخرى من البلاد، والذي يحتضن 60 في المئة من احتياطيات البلاد النفطية المعروفة· بيد أن الزعماء السُنة لا يرون في هذه المطالب غير الطمع والجشع، إذ يقولون إن الشيعة يغتنمون فرصة تصاعد أعمال العنف للاستحواذ على نفط البلاد· والجدير بالذكر هنا أن معظم نفط العراق يتركز في الشمال والجنوب، في حين أن معظم مناطق البلاد الغربية والشمال غربية ذات الأغلبية السُنية صحراء جرداء خالية من الغاز والنفط· ويقول عدنان الدليمي، السياسي السُني، ''إن السيطرة على هذه المناطق ستخلق ثروة طائلة يمكنهم استغلالها· أما الدافع الذي يحركهم فهو تعطشهم إلى السيطرة والسلطة''· والحال أن القوميين أيضاً الذين يفضلون عراقا موحداً باتوا يقرون بأن الاقتتال الطائفي خرج عن السيطرة إلى درجة أن تقسيم العاصمة على طول نهر دجلة، الذي يقسم المدينة تقريباً إلى شرق ذي أغلبية شيعية وغرب ذي أغلبية سنية، أصبحت تطرح للنقاش· وفي هذا الإطار، يقول عمار وجيه، وهو سياسي سني، ''لقد بدأ كل من الشيعة والسنة يشعرون أن تقسيم بغداد سيكون هو الحل''· المنتقدون يفندون فكرة أن يجعل التقسيم الجغرافي للسنة والشيعة البلاد أكثر أمنا· كما يحذر بعض المراقبين من أن تقسيم أقاليم البلاد العربية إلى كانتونات دينية منفصلة سيمثل زلزالا يشبه تقسيم باكستان والهند عام ·1947 فبالرغم من أن عددا متزايدا من العراقيين يعترف بأن بلدهم يشهد حربا أهلية غير معلنة، فإن تقسيما -يقول حسين أتاب، المتخصص في العلوم السياسية والمشرع السابق في البصرة- ''سيؤدي في الواقع إلى ازدياد أعمال العنف والنزوح الطائفي''· ويشير المنتقدون لفكرة التقسيم إلى أن مسؤولية الميليشيات الشيعية المتنافسة، التي لها علاقات بالأحزاب السياسية الموجود في الحكومة، عن أعمال العنف في العراق لا تقل عن مسؤولية المتمردين السنة، هذا علاوة على أنها عرفت بانقلابها على بعضها البعض· وفي هذا الإطار، يقول وجيه ''إنهم يتحدثون دائما عن المصالحة ونبذ العنف، غير أنهم غير جادين في الواقع· ذلك أنه كلما كان هناك تصعيد أمني أو عنف، يعمدون إلى طرح موضوع النظام الفدرالي''· إلى ذلك، أشار أحد الدبلوماسيين الغربيين الذي قبل التحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته، إلى أن الشيعة يستعملون سيناريو دولة صغيرة جنوب البلاد كوسيلة لانتزاع تنازلات سياسية من السنة - وهو ''تهديد لا يرغبون أن يُضطروا إلى ممارسته'' لأن تفتيت البلاد سيشكل صدمة نفسية قوية· هذا وقد رفض المتحدث باسم السفارة الأميركية في بغداد التعليق على الموضوع، غير أن بعض صناع القرار الأميركيين بدأوا يستحسنون الفكرة على ما يبدو· وفي هذا السياق، بدأ السيناتور جوزيف بيدن من ديلاوير، وهو من أصوات الحزب الديمقراطي الرئيسية بخصوص السياسة الخارجية، يؤيد صراحة خطوة من هذا القبيل هذا العام· ومن جانبه، يقول إيفان إيلاند، المحلل بمعهد ''ذي إينديباندنت إينستيتيوت'' وهو مؤسسة بحثية، ''أعتقد أنها المخرج الوحيد· فالعراق مقسم أصلا، ذلك أن الأكراد يرفضون أن يكونوا جزءا فيه· كما أنه عندما تكون ثمة حكومة مركزية تسيطر عليها مجموعة واحدة، فإن المجموعات الأخرى ستخشى أن تتعرض للقمع على يدها''· بورزو داراغاهي مراسل ''لوس أنجلوس تايمز'' في بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست'
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©