السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«البربري الهولندي» يحطم «الأسطورة» ويجرح كبرياء اليابانيين

«البربري الهولندي» يحطم «الأسطورة» ويجرح كبرياء اليابانيين
15 يوليو 2012
نيقوسيا (ا ف ب) - تعتبر رياضة الجودو أول لعبة آسيوية تدرج ضمن البرنامج الأولمبي الرسمي، وتحقق ذلك، بمناسبة تنظيم طوكيو ألعاب عام 1964، وهي أول دورة أولمبية تقام في إحدى المدن الآسيوية، وبالنسبة لليابانيين كان يعني حصولهم على شرف تنظيم الألعاب قبولهم ضمن الدول العظمى، وعلى رغم ذلك تحول نهائي لعبتهم الشعبية الأولى إلى اهانة لكبريائهم الوطني بعد فوز الهولندي انطون جيسينك بذهبية الوزن الثقيل، إثر ظهوره بمستوى اذهل خبراءهم، كونه من اللاعبين القلائل الذين تشربوا روح اللعبة، وبرعوا فيها وتحدوا أهلها، وأظهر فوزه ان اليابانيين استخفوا به كثيراً، وبعدها بدأ يعترف به كبطل فذ تعب كثيراً حتى يحقق إنجازه. منذ دخولهم “الكبير” الاستاد المكتظ بمئة ألف متفرج يوم الافتتاح، أراد اليابانيون ان يفرضوا وجودهم أمة رياضية قوية تساير نظيراتها الدول الصناعية في هذا العالم، لكن جيسينك تماهى في إنجاز غير مألوف بالنسبة لرياضيي بلاده، فهو لم يتوج في لعبة شمالية كالتزلج على الثلج أو التزحلق على الجليد، بل في رياضة “مقدسة” عند “العرق الأصفر” هي الجودو. جيسينك (98 .1 م و120 كلج) هو أساساً خريج المدرسة اليابانية فاز على معشوق الجماهير الذي “لا يقهر” اكييو كاميناجا، وكان أمامه جبلاً من العضلات اللينة، فقطع أنفاسه وشل حركته على الـ “تاتامي” (بساط نزالات الجودو). زار اليابان للمرة الأولى عام 1956، ثم صار يتردد عليها سنوياً، ويمضي نحو أربعة أشهر في ربوعها، “خبرت العادات والعقلية والطباع اليابانية، وكنت أعرف ان منافسي يهاجم دائماً من الجهة اليسرى، ومفتاح فوزي عليه يكمن في تفوق البدني، وهذا ما سعيت إليه وتحقق”، فتحول اليوم التالي إلى يوم حداد في اليابان في حين كرمت ملكة هولندا جيسنك وحملت شوارع عدة اسمه، انه “البربري” الذي حطم اسطورة الجودو اليابانية في غضون 30 ثانية، بعدما شل قدرة كاميناجا وشاهد 90 مليون نسمة “الفاجعة” على الهواء مباشرة. جيسينك هو الأستاذ الذي أعطى أولى دروسه للآسيويين، عندما أصبح في باريس عام 1961 أول بطل للعالم غير ياباني، “ذراعا حطاب” مفتولتان طوقت عنق كاميناجا وأبكت مواطنيه، بدا جيسنك على يقين من كل شيء محيطاً بالتفاصيل وبحركات خصمه ونبرات مدربه ماتسوموتو وارشاداته. ومقارنة بعام 1961، أظهر جيسينك تطوراً هائلاً فأطبق على خصمه أمام مواطنيه في قاعة بودوكان الشبيهة بمعبد نارا في القرن العاشر، غير ان الغضب والحزن اليابانيين اختلفا خلال مراسم التتويج، فاعترافا بمقدرة جيسينك واحتراماً لها انحنى كاميناجا أمامه بعد تقلده الميدالية الفضية، كما ان يابانيين كثراً اعتبروا فوز جيسينك يابانياً أيضاً، لأن البطل الهولندي اتقن مهاراته في معهد كودوكان للجودو. وقال الفيلسوف رينيه ديكارت: “الأصعب أن تقصي لا أن تختار”، لكن قائمة المميزين في “طوكيو 1964” التي ضمت وجوها بارزة أمثال العداء الإثيوبي ايبيي بيكيلا والسباح الأميركي دون شولاندر والسباحة الأسترالية داون فرايزر والعداء النيوزيلندي بيتر سنل، والعداء الأميركي بوب هايز بطل 100 م الذي كسر حاجز الثواني العشر (9 :9 ث) وكان أول من تخطت سرعته 36 كلم في الساعة، تصدرها العملاق جيسينك لأنه برهن مقولة معتمدة في الجودو، وهي ان الأكثر خبرة وحكمة يفوز، لذا كان سهلاً أن يختار نجماً ساطعاً لدورة طوكيو، وهكذا تفوق ذلك الهولندي على من اوفدوا لنشر الجودو في العالم من منطلق تنمية شعبية اللعبة واتساعها وليس لتخريج من يفوز على ابطالهم، وينال منهم، فرد لهم التحية في عقر دارهم فاتحاً عهداً جديداً في عالم اللعبة. وبعد اعتزاله، دأب جيسينك (مواليد 1934) الذي أحرز بطولة العالم 3 مرات وبطولة أوروبا 21 مرة، على تدريب الناشئين بالاخلاص ذاته الذي كان ينافس به على البساط، من منطلق ان حامل الذهبية يبقى نكرة إذا لم يمثل القيم الأولمبية، كما انتخب عضواً في اللجنتين الأولمبيتين الهولندية والدولية، وتوفي عام 2010.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©