الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نكد الحموات!

نكد الحموات!
7 أغسطس 2014 20:15
فيما كانت البيوت كبيرة فسيحة، والعائلات متجاورة، يغلق على عدد من البيوت باب كبير، وفي البيت الواحد غرف كثيرة، ولا يزيد ارتفاعه على طابقين، من السائد حينها ان يتزوج كل واحد من الأولاد في غرفة، فيها كل حياته وخصوصياته هو وزوجته، لا يوجد فيها إلا إناء من الفخار لشرب الماء، أما كل ما يحتاجه جميع أفراد الأسرة، فإن له مكانه المخصص مثل الطعام والشراب والمجالس العامة لأهل البيت، أما الخاصة بالضيوف فهي في الخارج معزولة تماما عن الدار، لا أحد يشكو أو يئن، يتزايد عدد الأفراد ويتكاثر الأبناء ويأتي الأحفاد، ولولا ان الغرفة تضيق بعدد أفرادها ما فكروا في بناء بيت مستقل لأسرتهم الصغيرة. تزوجت حينها وأنا أعرف انني مقبلة على الإقامة في بيت كبير مع عائلة زوجي، وهو أكبر أخواته وإخوته التسعة، والذين توالت زيجاتهم تباعا، الفتاة تنتقل إلى بيت زوجها، والفتى يقيم في واحدة من تلك الغرف الواقعة في الطابق الثاني، كنت الوحيدة المتعلمة بين الزوجات جميعا فقد حصلت على مؤهل تربوي والتحقت بالعمل معلمة في مدرسة ببلدتنا، وزوجي هو الآخر معلم لكنه يكبرني بعشرة أعوام، عملي هذا كان هو سبب المشكلة الأولى في حياتي الزوجية، خاصة بعد ان خرج إخوة زوجي كلهم واستقلوا بحياتهم في بيوتهم، وبقيت انا وزوجي وبناتي الثلاث وابني الأصغر، تقاسمنا في البيت حماتي وأختا زوجي، إحداهما وهي الصغرى مخطوبة بينما الكبرى عانس. لم أطلب تميزا عن أية واحدة من النسوة الكثيرات اللاتي كن في المنزل من قبل ولا الآن، أعمل مثلهن في كل شؤون البيت ورعاية الصغار وإعداد الطعام وتنظيف الأواني، وحينها كنا نعد الخبز بأنفسنا ولا نشتريه من المخابز، الجديد في الأمر أن حماتي وأختيّ زوجي لا تتحملن اية مسؤولية من هذا كله، وفي نفس الوقت ليس وراءهن أي التزامات في حياتهن، واستمر ذلك بعد ان بقيت معهن، ومع ظروف العمل ومسؤوليات زوجي وأبنائي أعياني القيام بكل هذا وحدي، فهؤلاء الثلاث تتركن لي ملابسهن لأغسلها لهن يوم الجمعة الذي أستغل فيه الإجازة الأسبوعية لإنجاز أعمال المنزل المتأخرة وخاصة غسل وكيّ الملابس، أما الطعام فتنتظرنني كل يوم حتى أعود من العمل لأعده للجميع، تنظيف البيت كله يجب ان أقوم به في الصباح الباكر قبل الخروج، وعندما أطلب من الفتاتين مساعدتي ترفضان وتشكوان لأمهما التي توبخني وتعتبر ذلك جرأة مني وتطاولا، وتستنكر كيف ليّ أن اصدر أمرا لابنتيها، ثم تعرج بالموضوع في اتجاه آخر معتبرة أن ذلك تلميحا إلى ان ابنتيها عانستان ولم تتزوج أي منهما حتى الآن، وبعد ذلك تهدد وتتوعد بأنها لن تسمح لأحد بأن يجعل منهما خادمتين، وبالطبع تفشل كل محاولات التصحيح والتوضيح ولا تمنحني فرصة لذلك. قبلت هذه الأوضاع ولم أجعل منها مشكلة من أجل زوجي وأولادي وتحاملت على نفسي وتحملت كل تصرفاتهن حتى الخارج منها عن حدود العقل، وشكوت لزوجي ولكنه طلب مني الصبر فليس أمامه اي شيء يمكن أن يفعله، ولن يضحي بأمه واختيه ولن يتركهن يعشن وحدهن، ورغم أنني لم أطلب منه ذلك وفقط أردت أن أوضح له الصورة، لكنه هو الآخر لم يتفهم وجهة نظري وظل يتخذ جانبا كأن الأمر لا يعنيه ويرى عدم مناقشة ذلك، وأمام موقفه تعنتت حماتي وابنتاها معي، وبالغن في القسوة كثيرا، فلا مانع ان تأمرني إحداهن بأن أعد لها الشاي، أو أقوم اثناء تناول الطعام لأحضر لها الماء لتشرب، او توقظني من النوم لفعل شيء بلا قيمة ليس عاجلا ويمكن تأخيره لأي وقت، أما إذا اويت إلى فراشي بعد عناء يوم طويل بين العمل والمنزل فيكون لي الويل والثبور وسوء عاقبة الأمور، إذا لم أستأذن من حماتي التي أصبحت تسهر أمام التلفاز الجديد الذي أمرت زوجي أن يشتريه لها من راتبي بالتقسيط ونحن لا نستطيع شراء جهاز لنا. نفد صبري ومواقفهن تزداد تعسفا، وقد لا أكون مبالغة إذا قلت إنني عندما أصبح حماة في المستقبل سوف أفعل في زوجة ابني اكثر من ذلك كنوع من رد الاعتبار وليس الانتقام، وعندما أفيق إلى رشدي أقول وما ذنب واحدة اخرى فيما فعلن بي، كل ذلك على حساب أسرتي وحالتي النفسية وصحتي حتى أصابني الضعف والهزال، إلى ان جاءت الحلول واحدا تلو الآخر فقد تزوجت أخت زوجي التي كانت مخطوبة، بينما الثانية ظلت هكذا لم يطلب احد يدها لأنها لم تكن جميلة، وبعد ذلك توفيت حماتي ولم أكن بالطبع سعيدة بموتها ولكن بالفعل استرحت من الحمل الثقيل الذي كان يؤرقني ويثقل كاهلي، وإن كانت شؤون زوجي وأبنائي ليست خفيفة لكن الحال أصبحت أفضل خاصة وانني تخلصت من الضغوط النفسية التي كانت أكثر إيلاما من المجهود العضلي. وسارت بي الأيام إلى ان تمت خطبة ابنتي الكبرى، خطيبها شاب ممتاز من كل النواحي كان صديقا لابني ولذلك عندما طلب يدها لم نتردد لحظة في الموافقة عليه، فنحن نعرفه ونعرف أخلاقه، لكن لم تكن بيننا وبين أسرته أي علاقة من قريب او بعيد، وطلب منه زوجي ان يحضر أفراد عائلته لقراءة الفاتحة وإعلان الارتباط الرسمي، وجدنا أباه رجلا طيبا وقد أخذ الابن الهدوء منه، لكن الطامة الكبرى، إن أمه لا تطاق، هادئة هدوء الثعابين تصمت وتسكن لتلدغ، كلامها كله نقد لنا بشكل مستتر مع أن هذا كان اللقاء الأول لنا معها، وهي التي تولت الحديث مع زوجي في ترتيبات الحفل والعرس ولوازم بيت الزوجية بينما زوجها لا علاقة له بذلك، بل إنها تنهره إذا تدخل في الكلام من قريب او من بعيد ويصمت من دون أن يعلق، فالأوضاع عندهم معكوسة ولم يكن الرجل قواما على المرأة، وبما أنني انثى لكنني اعترف ان التفاهم مع النساء غاية في الصعوبة. قلبت المرأة الموازين والأعراف التي كانت سائدة عندنا ورفضت ان تتحمل تكاليف حفل الخطوبة وأصرت على ان نتحمله نحن، وكي تحقق هدفها قالت انهم سيتحملون هم حفل الزفاف، وحاولت ان ارفض ذلك لكن زوجي قال ليس هناك فرق بين هذا وذاك، وبعد ذلك جاءت بما لم يأت به الأوائل ولا الأواخر، فقد أصرت على عدم شراء شبكة ذهبية جديدة لابنتي، واكتفت بأن تهديها قطعة قديمة من عندها، وعندما رفضنا تنازل زوجي ايضا وقبل ذلك، لكن المرأة أفصحت عن نيتها بعد أن حصلت على الموافقة بأنها سوف تستردها بعد الزفاف لأنها تحتفظ بها تذكارا من أمها الراحلة وأنها لا تستطيع ان تفرط فيها، وزاد الطين بلة انها أعلنت ان ابنها سيقيم معها في نفس البناية وقد اشترت له شقة في الطابق الذي فوقها من غير أن تستشيرنا أو تأخذ رأي العروس صاحبة القرار والتي ستقيم فيها ووضعتنا أمام الأمر الواقع. هنا لعبت الهواجس والمخاوف برأسي وأنا أسترجع ما حدث لي من حماتي رغم أن المقدمات مختلفة والدنيا تغيرت لكن تصرفات هذه المرأة مرعبة ولا تنبئ بخير ولا تبشر بمستقبل هادئ ولا حياة سعيدة لابنتي، وها هي تتدخل وتعلق على كل ما تفعله ابنتي وخشيت مما هو آت وصرحت بمخاوفي لزوجي وحذرت ابنتي ايضا من هذه المرأة، بل وطرحت فكرة فسخ الخطوبة والأفضل لي ان تبقى بجواري بلا زوج خير من أن تعود مطلقة بعد عدة أشهر، وقد كانت هذه المخاوف تؤرقني ليل نهار ولم أتوقف عن الإلحاح على زوجي في الحديث عنها، ولكنه لم يستجب كعادته، وتقرر تحديد موعد للزفاف، وإذا بالمرأة ترفض ان يوقع ابنها على قائمة المنقولات، ثم ترفض تدوين أي مبلغ كمؤخر صداق وفوق هذا وذاك نكثت بالوعد الذي قطعته على نفسها بأن يتحملوا مصروفات حفل الزواج وقررت بأن نتحمله مناصفة لأنه أكبر من حفل الخطوبة وتكاليفه مضاعفة والمدعوون فيه أكثر. كل ذلك جعل زوجي يتوقف عن سلبيته ويستدعي خطيب ابنتنا ويحدثه في كل هذه الأمور واننا نرفضها، فطلب مهلة للتفاوض مع أمه وترويضها، في الوقت الذي عرضنا فيه هذه التفاصيل على ابنتنا فكان جوابها صادما نسبيا لنا وقالت إنها لن تعيش مع حماتها وستكون حياتها مستقلة وتستطيع أن تتأقلم مع الظروف وبذلك استشعرنا انها لا تريد ان تفسخ الخطوبة لهذه الأسباب، ثم جاءنا الشاب باكيا معلنا فشله في إثناء امه عن أي شيء من نقاط الخلاف وانها متصلبة ومتمسكة برأيها، فعاجله زوجي بسؤال وهل تقبل بذلك لو فعله أحد مع اختك فقال بالطبع لا، فقال له وما الحل، فكان الشاب ذكيا وقرر أن يوقع على قائمة المنقولات، ويحرر على نفسه شيكا بمبلغ مؤخر الصداق، من وراء أمه ومن دون ان تعلم، تأكيدا لحسن النوايا وهذا ما جعلنا نطمئن للشاب وإخلاصه لابنتنا وتمسكه بها، وإن كانت مخاوفي في محلها وحدث كل ما كنت أحذر منه، لكن ابنتي كانت مثلي تتحمل وتسكت وتصبر من أجل زوجها، وهو يواسيها ويقف بجوارها. ويبدو اننا موعودون بالحموات الفاتنات، أقصد النكديات، فها هي حماة ابني تبدي نفس تصرفات حماة ابنتي وحماتي من قبل، يا للعجب فبدلا من اكون أنا حماة كما كنت أتوعد، وجدتني مغلوبة على أمري، ويتم إلغاء دوري تماما ولم اكن راغبة في ان أكون حماة شريرة، ولا افكر في ذلك، بل كل ما يعنيني ان تتخلص الدنيا كلها من مشاكل وغيرة وتصرفات الحموات وان يخرجن جميعا من حياة أزواج بناتهن أو زوجات ابنائهن، ولأن حالتي كل شيء فيها مقلوب فقد تحولت زوجة ابني لتلعب دور حماتي، فها هي تطالبني بأن أعد لهما طعاما لأنهما مشغولان في عملهما، او تطلب نوعا معينا بحجة أنها لا تجيد إعداده أو أن ابني يحبه، ومن أجل ولدي افعل كل ذلك راضية وسعيدة، وبعد ان أنجبا اطفالهما واحدا تلو الآخر تحملني مسؤولياتهم من تغيير ملابسهم إلى تجهيز الرضعات الصناعية، وحتى هذا لا أعترض عليه بل أفعله وأنا سعيدة بأحفادي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©